موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

تم غلق التسجيل والمشاركة في منتدى الرقية الشرعية وذلك لاعمال الصيانة والمنتدى حاليا للتصفح فقط

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > ساحة الأسئلة المتعلقة بالرقية الشرعية وطرق العلاج ( للمطالعة فقط ) > اسئلة وطرق العلاج بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

موضوع مغلق
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 06-11-2005, 07:30 AM   #1
معلومات العضو
نهى نايف محمد

إحصائية العضو






نهى نايف محمد غير متواجد حالياً

 

 
آخـر مواضيعي
 
0 أريد أن أسألك بخصوص أحد المشايخ !!!

 

Thumbs up أريد أن أسألك بخصوص أحد المشايخ !!!

الى الشيخ أبو البراء كنت أريد أن أسألك بخصوص أحد المشايخ التي كنت أتعالج عنده كان يتعامل تقريبا مع قرناء بحيث كانت تدخل عنده الحالة ويمسك بأصبع الابهام ويعرف كل واحد ما به واذا كانت حالة صعبة خرج من الغرفة التي يعالج فيها وذهب غرفة خاصة به بحيثيكون مسيطر على المريض فهل هذا صحيح في العلاج على الرغم من انه معروف ويطلع على الاذاعات والناس كثيرا عليه ولكن طريقة علاجه أخافتني بحيث أخذ يضربني بشدة وحالتي لا تحتاج ذالك بحث الان أحتاج الى من يقرا علي ولكن فقدت الثقة في كل المشايخ أفيدوني جزاكم الله

    مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 25-11-2005, 08:14 AM   #2
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي



الأخت المكرمة ( نهى نايف محمد ) حفظها الله ورعاها

لا بد أخيتي الفاضلة من وقفات مع بعض ما جاء في رسالتكم الكريمة وهي على النحو التالي :

( كان يتعامل تقريبا مع قرناء بحيث كانت تدخل عنده الحالة ويمسك بأصبع الابهام ويعرف كل واحد ما به واذا كانت حالة صعبة خرج من الغرفة التي يعالج فيها وذهب غرفة خاصة به بحيث يكون مسيطر على المريض فهل هذا صحيح في العلاج )


قلت وبالله التوفيق :

1)- أما أن نقول بأنه يتعامل مع قرناء فهذا غير صحيح ، فقد ذكرت في عدة موضع من هذا المنتدى بأنه لا بد من التوقف في مسألة القرين فلا نثبت له إلا ما أثبته القرآن والسنة في حقه وما دون ذلك فهذا ضرب ورجم بالغيب والله تعالى أعلم 0

2)- الذي يظهر لي من خلال ما نقل عن هذا المعالج - وفقه الله لكل خير - أنه ممن يستعين بالجن ، وقد بينت في مواضع كثيرة أنه لا تجوز الاستعانة مطلقاً بادعاء أن الجن صالحون وهم يهدمون المعالجين بالقدر الذي يستطيعون عليه ، وقد حرم العلماء ذلك من باب القاعدة الفقهية ( سد الذرائع ) والله تعالى أعلم ، ويمكنكم العودة في ذلك إلى البحث التفصيلي التالي :


أولاً : لا ننكر مطلقا بأن الجن طوائق وطوائف ، والدليل على ذلك قول الحق جل وعلا في محكم كتابه : ( وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً ) ( سورة الجن - الآية 11 ) 0

ونحن على يقين تام بأن منهم المسلمون الصادقون الصالحون ، ولكن أخيتي الفاضلة لا بد من إيضاح بعض المسائل الهامة المتعلقة بهذا الموضوع وهي على النحو التالي :

أولاً : عالم الجن يختلف عن عالم الإنس :

ولذلك وضع الله سنناً كونية للفصل بين هذين العالمين ، ونحن لا نقر بما ثبت لهم من خواص وصفات إلا بما جاء يؤكده الكتاب والسنة ، ولو أراد الله اتصالاً مباشراً بين العالمين ليحقق متافع ومصالح لجعل ذلك ، فما السبب في وضع تلك السنن التي تفصل بين العالمين وهذا ىبالتأكيد لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى 0

ثانياً : إن الدخول إلى معترك عالم الجن لا بد أن يتأتى من خلاله مفاسد شرعية :

وتكون تلك النفاسد أعظم من المصالح المترتبة ، ولذلك فإن العلماء قد حرموا الاستعانة من باب القاعدة الفقهية ( درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة ) 0

ثالثاً : الاستعانة لا تأتي بخير :

وقد لا يكون من خلال ما ذكر عن حالتك أنه لا توجد استعانة ولكنها قد تؤدي لمثل ذلك ، ولا أشسك مطلقاً بأن من رأيت على خير وصلاح ، ولكن لا بد أن توضع الأمور في نصابها الشرؤعي 0

رابعاً : النظرة العامة لموضوع الجن والشياطين والاستعانة :

هذا ولقد قدمتم بحثاً تفصيلياً أخيتي الفاضلة حول موضوع ( الاستعانة بالجن ) أذكره لكِ على النحو التالي :

كانت النظرة - لبعض الطوائف المنحرفة - للجن قائمة على تصورات فاسدة ، فمن قائل : إن الجن شركاء لله في الخلق والتدبير 0 ومن قائل : إن إبليس مع جنده يمثلون الشر في جهة ، ويحاربون الله وملائكته في جهة أخرى 0

وكان الاعتقاد السائد أن الجن يعلمون الغيب ، وذلك بما كانوا يلقونه إلى الكهان عندما كانوا يسترقون أخبار السماء ، فيزيد الكهان على الكلمة من الحق مائة كذبة كما ورد في الحديث ، فيصدق الناس ذلك 0

وكانوا يتصورون أن للجن سلطانا في الأرض ، إلى غير ذلك من هذه التصورات المنحرفة الجائرة 0

هذه التصورات المختلفة عن الجن كان لها تأثير على تفكير وسلوك هؤلاء الناس وأعمالهم وإرادتهم كمـا أخبرنا القرآن الكريم عن ذلك بقوله تعال : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) ( سورة الجن – الآية 6 ) ، ومن خلال أقوال أهل العلم في تفسير هذه الآية ، يتضح أنه كان للجن تأثير على سلوك مشركي العرب ، حيث كان أحدهم يعوذ بالجن عند المخاوف والأفزاع ، وأثر ذلك على عقائدهم من حيث التوجه إلى عبادة الجن والذبح لهم ، محاولين استرضائهم بأي شكل من الأشكال ، ولا يخفى أن التوجه بالعبادة والتعظيم لغير الله من سائر الخلق فساد أي فساد في السلوك ! ناشئ عن فساد التصور والاعتقاد الذي أرسل الله رسله وأنزل كتبه لإنقاذ البشرية من مغبته ، بتصحيح تصوراتهم وتقويم سلوكهم ، بما بينوه من أن الله هو خالق الجن والإنس وسائر الموجودات ، وأنهم يستوون جميعا في عدم قدرتهم على تغيير سنة من سنن الله سبحانه وتعالى التي وضعها في هذا الكون ، وأنهم جميعا واقعون تحت سلطان الله وقهره ، وأن التوجه لغيره سبحانه بعبادة أو تعظيم شرك كبير ، يستحق فاعله الخلود في النار 0

ونتيجة لتلك العلاقة القائمة بين الإنس والجن منذ أمد بعيد ، كانت الاستعانة 0 والمتأمل للكلام السابق يرى أن العلاقة التي تقوم بين الطرفين بمجملها لا تأتي بخير ، وذلك لقيام هذه العلاقة بين عالم محسوس وآخر غيبي لا نعرف كنهه ولا طبيعته إلا ما أخبر به الحق جل وعلا في محكم كتابه أو قررته السنة المطهرة ، فالإسلام حدد السلوك والعلاقة والتصور الكامل بين هاذين العالمين 0

وقد تكلم الكثير من عامة الناس وخاصتهم عن موضوع الاستعانة ، فمنهم من أباحها ، ومنهم من توقف عنها ، ومنهم من لم يبحها وحذر منها وبين خطورتها 0 ولأهمية ذلك 000 كان لا بد من وقفة جادة نستعرض فيها التصور الكامل المبني على النصوص القرآنية والحديثية ومنهج السلف الصالح وأقوال أهل العلم قديما وحديثا ، دون تحكيم عقل أو منطق ، أو تحقيقا لأهواء أو نزوات أو شهوات ، وبحث هذه المسألة ضمن الأطر الشرعية ، ببصيرة وبينة ، لكي يتسنى الوقوف على الحقيقة والطريق السوي المستقيم 0

وأبدأ بعرض بعض الآيات التي ذكرت علاقة الإنس بالجن وحقيقة هذه العلاقة بالمفهوم الذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ذكره الصحابة والتابعون والسلف وعلماء الأمة وأئمتها - رضوان الله عليهم - أجمعين :

* علاقة الإنس بالجن كما بينها الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه :

1)- يقول تعالى : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) ( سورة الجن – الآية 6 ) 0

* أقوال أهل العلم في تفسير الآية الكريمة :

أ - قال الطبري : ( قال حدثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، في قوله : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ ) قال : كانوا في الجاهلية إذا نزلوا بالوادي قالوا : نعوذ بسيد هذا الوادي ، فيقول الجنيون : تتعوذون بنا ولا نملك لأنفسنا ضرا ولا نفعا ! ) ( جامع البيان في تأويل القرآن – 12 / 263 ) 0

ب - وذكر مثل ذلك البغوي في كتابه ( معالم التنزيل ) 0

ج - قال ابن كثير : ( أي كنا نرى أن لنا فضلا على الإنس ، لأنهم كانوا يعوذون بنا إذا نزلوا واديا أو مكانا موحشا من البراري وغيرها ، كما كانت عادة العرب في جاهليتها يعوذون بعظيم ذلك المكان من الجان أن يصيبهم بشيء يسؤهم ، كما كان أحدهم يدخل بلاد أعدائه في جوار رجل كبير وذمامه وخفارته ، فلما رأت الجن أن الإنس يعوذون بهم من خوفهم منهم زادوهم رهقا ، أي خوفا وإرهابا وذعرا حتى بقوا أشد منهم مخافة وأكثر تعوذا بهم كما قال قتادة ( فزادوهم رهقا : أي إثما وازدادت الجن عليهم بذلك جراءة ، وقال الثوري عن منصور عن إبراهيم (فزادوهم رهقا) : أي ازدادت الجن عليهم جراءة 0 وقال السدي : كان الرجل يخرج بأهله فيأتي الأرض فينزلها فيقول : أعوذ بسيد هذا الوادي من الجن أن أضر أنا أو مالي أو ولدي أو ماشيتي 0 قال قتادة : فإذا عاذ بهم من دون الله رهقتهم الجن الأذى عند ذلك 0 وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيد القطان حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبي حدثنا الزبير بن حرب عن عكرمة قال : كان الجن يفرقون من الإنس كما يفرق الإنس منهم أو أشد ، فكان الإنس إذا نزلوا واديا هرب الجن فيقول سيد القوم نعوذ بسيد أهل هذا الوادي 0 فقال الجن : نراهم يفرقون منا كما نفرق منهم فدنوا من الإنس فأصابوهم بالخبل والجنون فذلك قول الله عز وجل : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) أي إثما : وقال أبو العالية والربيع وزيد بن أسلم ( رهقا ) أي خوفا 0 وقال العوفي عن ابن عباس ( فزادوهم رهقا ) أي إثما وكذا قال قتادة ، وقال مجاهد زاد الكفار طغيانا 0
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا فروة بن المغراء الكندي حدثنا القاسم بن مالك - يعني المزني - عن عبد الرحمن ابن اسحاق عن أبيه عن كردم بن أبي السائب الأنصاري قال : خرجت مع أبي من المدينة في حاجة وذلك أول ما ذكر رسول الله - صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم - بمكة فأوانا المبيت إلى راعي غنم ، فلما انتصف الليل جاء ذئب فأخذ حملا من الغنم ، فوثب الراعي ، فقال : يا عامر الوادي جارك ، فنادى مناد لا نراه يقول : يا سرحان أرسله 0 فأتى الحمل يشتد حتى دخل في الغنم لم تصبه كدمة ، وأنزل الله تعالى على رسوله بمكة : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) قال وروى عن عبيد بن عمير ومجاهد وأبي العالية والحسن وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي نحوه 0 وقد يكون هذا الذئب الذي أخذ الحمل وهو ولد الشاة كان جنيا حتى يرهب الإنسي ويخاف منه ، ثم رده عليه لما استجار به ليضله ويهينه ويخرجه عن دينه والله تعالى أعلم ) ( تفسير القرآن العظيم - 4 / 429 ، 430 ) 0

د - قال القرطبي : ( والمراد به ما كانوا يفعلونه من قول الرجل إذا نزل بواد : أعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه ، فيبيت في جواره حتى يصبح ، قاله الحسن وابن زيد وغيرهما 0 قال مقاتل : كان أول من تعوذ بالجن قوم من أهل اليمن ، ثم من بني حنيفة ، ثم فشا ذلك في العرب ، فلما جاء الإسلام عاذوا بالله وتركوهم 0 وقال كردم بن أبي السائب : خرجت مع أبي إلى المدينة أول ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فأوانا المبيت إلى راعي غنم ، فلما أنتصف الليل جاء الذئب فحمل حملا من الغنم ، فقال الراعي : يا عامر الوادي ، ( أنا ) يقول القرطبي : الزيادة في الدر المنثور للسيوطي – جارك 0 فنادى مناد يا سرحان أرسله ، فأتى الحمل يشتد 0 وأنزل الله تعالى على رسوله بمكة : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) أي زاد الجن الإنس ( رهقا ) أي خطيئة وإثما ، قاله ابن عباس ومجاهد وقتاده0 والرهق : الإثم في كلام العرب وغشيان المحارم ، ورجل رهق إذا كان كذلك ، ومنه قوله تعالى : ( ترهقهم ذلة ) وقال الاعشى :

لا شيء ينفعني من دون رؤيتها.............بل يشتفى وامق ما لم يصب رهقا


يعني إثما 0 وأضيفت الزيادة إلى الجن إذ كانوا سببا لها 0 وقال مجاهد أيضا : ( فزادوهم ) أي أن الإنس زادوا الجن طغيانا بهذا التعوذ ، حتى قالت الجن : سدنا الإنس والجن 0 وقال قتادة أيضا وأبو العالية والربيع وابن زيد : ازداد الإنس بهذا فرقا وخوفا من الجن 0 وقال سعيد بن جبير : كفرا 0 ولا خفاء أن الاستعاذة بالجن دون الاستعاذة بالله كفر وشرك 0 وقيل : لا يطلق لفظ الرجال على الجن ، فالمعنى : وأنه كان رجال من الإنس يعوذون من شر الجن برجال من الإنس ، وكان الرجل من الإنس يقول مثلا : أعوذ بحذيفة بن بدر من جن هذا الوادي 0 قال القشيري : وفي هذا تحكم إذ لا يبعد إطلاق لفظ الرجال على الجن ) ( الجامع لأحكام القرآن - 19 / 10 ، 11 ) 0

هـ- وذكر مثل ذلك الشوكاني في كتابه ( فتح القدير ) 0

و - قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في تفسير هذه الآية : ( كان الرجل من الإنس ينزل بالوادي ، والأودية مظان الجن ، فإنهم يكونون بالأودية أكثر مما يكونون بأعالي الأرض ، فكان الإنسي يقول : أعوذ بعظيم هذا الوادي من سفهائه ، فلما رأت الجن أن الإنس تستعيذ بها زاد طغيانهم وغيهم 0 وبهذا يجيبون المعزم والراقي بأسمائهم وأسماء ملوكهم ، فإنه يقسم عليه بأسماء من يعظمونه ، فيحصل لهم بذلك من الرئاسة والشرف على الإنس ما يحملهم على أن يعطونهم بعض سؤلهم ، لا سيما وهم يعلمون أن الإنس أشرف منهم وأعظم قدرا ، فإذا خضعت الإنس لهم واستعاذت بهم ، كانت بمنزلة أكابر الناس إذا خضع لأصاغرهم ليقضي له حاجته ) ( إيضاح الدلالة في عموم الرسالة – 2 / 120 ) 0

2)- يقول تعالى : ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدْ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنْ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِى أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ) ( سورة الأنعام – الآية 128 ) 0

* أقوال أهل العلم في تفسير الآية الكريمة :

أ - قال الطبري : ( ما قاله الإمام البغوي وزاد عليه وأما استمتاع الجن بالإنس ، فإنه كان فيما ذكر ، ما ينال الجن من الإنس من تعظيمهم إياهم في استعاذتهم بهم ، فيقولون : ( قد سدنا الجن والجن ) ( تفسير الطبري - 5 / 343 ) 0

ب - قال البغوي : ( قال الكلبي : استمتاع الإنس بالجن هو أن الرجل كان إذا سافر ونزل بأرض قفر وخاف على نفسه من الجن قال : أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه ، فيبيت في جوارهم0 وأما استمتاع الجن بالإنس : هو أنهم قالوا : قد سدنا الإنس مع الجن ، حتى عاذوا بنا فيزدادون شرفا في قومهم وعظما في أنفسهم ، وهذا كقوله تعالى : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) وقيل : استمتاع الإنس بالجن ما كانوا يلقون إليهم من الأراجيف والسحر والكهانة وتزيينهم لهم الأمور التي يهوونها ، وتسهيل سبيلها عليهم ، واستمتاع الجن بالإنس طاعة الإنس لهم فيما يزينون لهم من الضلالة والمعاصي 0 قال محمد بن كعب : هو طاعة بعضهم بعضا وموافقة بعضهم لبعض ) ( تفسير البغوي - 3 / 188 ) 0

ج - قال ابن كثير : ( يقول تعالى : واذكر يا محمد فيما تقصه عليهم وتنذرهم به ( ويوم يحشرهم جميعا ) يعني الجن وأولياءهم من الإنس الذين كانوا يعبدونهم في الدنيا ويعوذون بهم ويطيعونهم ويوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ( يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدْ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الإِنسِ 000) أي يقول : يا معشر الجن وسياق الكلام يدل على المحذوف ومعنى قوله : ( قَدْ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الإِنسِ 000 ) أي من اغوائهم وإضلالهم كقوله تعالى : ( أَلَمْ أَعْهَدْ إلَيْكُمْ يَابَنِىءادَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنْ اعْبُدُونِى هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ) ( سورة يسن – الآية 60 ، 62 ) وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : ( يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدْ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الإِنسِ ) يعني أضللتم منهم كثيرا 0 قال مجاهد والحسن وقتادة : ( وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنْ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ ) يعني أن أولياء الجن من الإنس قالوا مجيبين لله تعالى عن ذلك بهذا ، قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو الأشهب هوذة بن خليفة حدثنا عوف عن الحسن في هذه الآية قال : استكثرتم أهل النار يوم القيامة 0 فقال أولياؤهم من الإنس : ربنا استمتع بعضنا ببعض ، قال الحسن وما كان استمتاع بعضهم ببعض إلا أن الجن أمرت وعملت الإنس 0 وقال محمد بن كعب في قوله : ( رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ 000 ) قال : الصحابة في الدنيا 0 وقال ابن جريج : كان الرجل في الجاهلية ينزل الأرض فيقول : أعوذ بكبير هذا الوادي 0 فذلك استمتاعهم ، فاعتذروا به يوم القيامة – وأما استمتاع الجن بالإنس فإنه كان فيما ذكر ما ينال الجن من الإنس من تعظيمهم إياهم في استعانتهم بهم فيقولون : قد سدنا الإنس والجن ( وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا 000 ) قال السدي : يعني الموت ( قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ 000 ) أي مأواكم ومنزلكم أنتم وإياهم وأولياؤكم ( خَالِدِينَ فِيهَا ) أي ماكثين فيها مكثا مخلدا إلا ما شاء الله 0 قال بعضهم : يرجع معنى الاستثناء إلى البرزخ ، وقال بعضهم هذا رد إلى مدة الدنيا ، وقد روى ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسير هذه الآية من طريق عبدالله بن صالح كاتب الليث حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي حاتم بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : ( قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلإ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ) قال : إن هذه الآية آية لا ينبغي لأحـد أن يحكم على الله في خلقه ولا ينزلهم جنة ولا نارا ) ( تفسير القرآن العظيم - 2 / 167 ، 168 ) 0

د - قال القرطبي : ( " قَدْ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الإِنسِ ) أي من الاستمتاع بالإنس ، فحذف المصدر المضاف إلى المفعول ، وحرف الجر ، يدل على ذلك قوله : ( رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ ) هذا يرد قول من قال : أن الجن هم الذين استمتعوا من الإنس ، لأن الإنس قبلوا منهم 0 والصحيح أن كل واحد مستمتع بصاحبه 0 والتقدير في العربية : استمتع بعضنا بعضا ، فاستمتاع الجن من الإنس أنهم تلذذوا بطاعة الإنس إياهم ، وتلذذ الإنس بقبولهم من الجن حتى زنوا وشربوا الخمور بإغواء الجن إياهم ) ( الجامع لأحكام القرآن – 7 / 84 ) 0

هـ- قال الشوكاني : ( أما استمتاع الجن بالإنس فهو ما تقدم من تلذذهم باتباعهم لهم ، وأما استمتاع الإنس بالجن فحيث قبلوا منهم تحسين المعاصي فوقعوا فيها وتلذذوا بها ، فذلك هو استمتاعهم بالجن ، وقيل : استمتاع الإنس بالجن أنه كان إذا مر الرجل بواد في سفره
وخاف على نفسه قال : أعوذ برب هذا الوادي من جميع ما أحذر ، يعني ربه من الجن ، ومنه قوله تعالى : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) وقيل : استمتاع الجن بالإنس أنهم كانوا يصدقونهم فيما يقولون من الأخبار الغيبية الباطلة ، واستمتاع الإنس بالجن أنهم كانوا يتلذذون بما يلقونه إليهم من الأكاذيب وينالون بذلك شيئا من حظوظ الدنيا كالكهان ) ( فتح القدير - 2 / 234 ) 0

و - قال شيخ الإسلام ابن تيمية في تفسير الآية :

أنواع الاستمتاع :


1)- الاستمتاع الجنسي :

" الاستمتاع بالشيء " هو أن يتمتع به فينال به ما يطلبه ويريده ويهواه ، ويدخل في ذلك استمتاع الرجال بالنساء بعضهم ببعض كما قال : ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَأتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ) ( سورة النساء – الآية 24 ) 0

2)- الاستمتاع بالاستخدام :

ويدخل بالاستخدام أئمة الرئاسة كما يتمتع الملوك والسادة بجنودهم ومماليكهم ، ويدخل في ذلك الاستمتاع بالأموال كاللباس ومنه قوله : ( وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ ) ( سورة البقرة – الآية 236 ) 0 وكان من السلف من يمتع المرأة بخادم فهي تستمتع بخدمته ، ومنهم من يمتع بكسوة أو نفقة ، ولهذا قال الفقهاء : أعلى المتعة خادم وأدناه كسوة تجزي فيها الصلاة 0

3)- الاستمتاع بالأمور الغيبية :

قال شيخ الإسلام ومن استمتاع الإنس بالجن استخدامهم في الأخبار بالأمور الغائبة كما يخبر الكهان ، فإن في الإنس من له غرض في هذا لما يحصل به من الرئاسة والمال وغير ذلك ) ( مجموع الفتاوى – 13 / 81 ) 0

* أقوال أهل العلم وبعض الكتاب في الاستعانة :

1)- قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

أ - فمن كان من الإنس يأمر الجن بما أمر الله به ورسوله من عبادة الله وحده وطاعة نبيه ، ويأمر الإنس بذلك ، فهذا من أفضل أولياء الله تعالى ، وهو في ذلك من خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم ونوابه 0

ب- ومن كان يستعمل الجن في أمور مباحة له ، فهو كمن استعمل الإنس في أمور مباحة له ، وهذا كأن يأمرهم بما يجب عليهم وينهاهم عما حرم عليهم ويستعملهم في مباحات له ، فيكون بمنزلة الملوك الذين يفعلون مثل ذلك ، وهذا إذا قدر أنه من أولياء الله ، فغايته أن يكون في عموم أولياء الله مثل النبي الملك مع العبد الرسول : كسليمان ويوسف مع إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين 0

ج - ومن كان يستعمل الجن فيما ينهى الله عنه ورسوله إما في الشرك ، وإما في قتل معصوم الدم أو في العدوان عليهم بغير القتل كتمريضه وإنسائه العلم وغير ذلك من الظلم ، وإما في فاحشة كجلب من يطلب الفاحشة ، فهذا قد استعان بهم على الإثم والعدوان ، ثم إن استعان بهم على الكفر فهو كافر ، وإن استعان بهم على المعاصي فهو عاص : إما فاسق وإما مذنب غير فاسق 0

د - وإن لم يكن تام العلم بالشريعة فاستعان بهم فيما يظن أنه من الكرامات مثل أن يستعين بهم على الحج ، أو أن يطيروا به عند السماع البدعي ، أو أن يحملوه إلى عرفات ، ولا يحج الحج الشرعي الذي أمره الله به ورسوله ، وأن يحملوه من مدينة إلى مدينة ، ونحو ذلك فهذا مغرور قد مكروا به ) ( مجموع الفتاوى – 11 / 307 ) 0

2)- قال محمد بن مفلح : ( قال أحمد – رحمه الله – في رواية البرزاطي في الرجل يزعم أنه يعالج المجنون من الصرع بالرقى والعزائم ، ويزعم أنه يخاطب الجن ويكلمهم ، ومنهم من يخدمه ؟ قال : ما أحب لأحد أن يفعله ، تركه أحب الي ) ( الآداب الشرعية – ص 218 ، 219 ) 0

3)- سئل الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - عن الاستعانة بالجن وقولهم : خذوه ، انفروا به الخ ، فقال في مجموع فتاويه : وهذه كلمات لا تجوز من ثلاثة أوجه مأخوذة من ظاهر هذه الألفاظ :
( إحداها ) محبة ضرر هذا المسلم المطلوب أخذه وشرب دمه 0
( الثاني ) إنه طلب من الجن فيدخل في سؤال الغائبين الذي يشبه سؤال الأموات ، وفيه رائحة من روائح الشرك 0
( الثالث ) تخويف الحاضر المقول في حقه ذلك ، ولولا تغلب جانب التخويف مضافا إلى أنه قد لا يحب إصابة هذا الحاضر معه لألحق بالشركيات الحقيقية ) ( فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم – 1 / 114 ، 115 ) 0

4)- سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن باز عن حكم استخدام الجن من المسلمين في العلاج إذا لزم الأمر ؟؟؟

فأجاب – رحمه الله – : ( لا ينبغي للمريض استخدام الجن في العلاج ولا يسألهم ، بل يسأل الأطباء المعروفين ، وأما اللجوء إلى الجن فلا 00 لأنه وسيلة إلى عبادتهم وتصديقهم ، لأن في الجن من هو كافر ومن هو مسلم ومن هو مبتدع ، ولا تعرف أحوالهم فلا ينبغي الاعتماد عليهم ولا يسألون ، ولو تمثلوا لك ، بل عليك أن تسأل أهل العلم والطب من الإنس وقد ذم الله المشركين بقوله تعالى : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) ( سورة الجن – الآية 6 ) ، ولأنه وسيلة للاعتقاد فيهم والشرك ، وهو وسيلة لطلب النفع منهم والاستعانة بهم ، وذلك كله من الشرك ) ( مجلة الدعوة – العدد 1602 ربيع الأول 1418 هـ - ص 34 ) 0

5)- وقد تم الاتصال بالعلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - هاتفيا وقد سئل التالي : ما هو حكم الاستعانة بالجن ؟؟؟

- فأجاب بكلام مطول ولكني أختصره بالآتي :-
يرى - حفظه الله- عدم جواز ذلك ، وقد بين أن هذا من الأمور المغيبة عن الإنسان ولا نستطيع أن نحكم على هؤلاء بالإسلام أو الكفر ، فإن كانوا مسلمين لا نستطيع أن نحكم عليهم بالصلاح أو النفاق ، وقد استشهد - حفظه الله - بالآية الكريمة من سورة الجن : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) ، وتم تأكيد ذلك بالاتصال بسماحته وأخذ رأيه والاستئذان في نشر ذلك في هذا الكتاب المتواضع فأقر- حفظه الله – بذلك 0

6)- سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين عن الحكم الشرعي للاستعانة بالجن في الكشف عن الجرائم والسرقات الخطيرة ونحو ذلك ؟؟؟

فأجاب – حفظه الله – : ( لا شك أن في الجن مسلمون وصالحون ، ولا شك أنهم جميعا يروننا ونحن لا نراهم ، وأنهم يتكلمون وقد نسمع كلامهم وقد لا نسمعه ، فعلى هذا لا ينكر أنهم يخبرون بعض البشر بأشياء لا يعلمها الإنس لأنهم لخفتهم يقطعون المسافات الطويلة في زمن قصير ، وقد حكى الله عنهم قولهم : ** وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ 000 ) ( سورة الجن – الآية 8 ، 9 ) ، ففي الإمكان أن يعلموا عن السارق ومكان الضالة ومجتمع أهل الإجرام ومكائد الأعداء وموضع ذخائرهم ونوعها ، ولكنهم لا يعلمون الغيب ** 000 وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا 000 ) ( سورة لقمان - الآية 34 ) ، فأما الاستعانة بهم فأرى أنه لا يجوز لأن في ذلك استخدام لهم وقد لا يخدمون إلا بتقرب إليهم واستضعاف لهم ، فأما إن تلبس أحدهم بإنسان وسألناه عن بعض ما لا نعلمه فلا مانع من اعتبار خبره ، مع أنه قد يظن ظنا ، وقد يتعمد الكذب أما إن تحقق من بعض الصالحين منهم خبر بواسطة بعض الصالحين من البشر فلا مانع من قبوله دون طلب ذلك من أحدهم وقد تواتر عن بعض الصالحين من الناس أن هناك من يوقظهم للصلاة آخر الليل ولا يرون أحدا وإنما هم من صالحي الجن والله أعلم ) ( القول المعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين ) 0

وقال أيضا : ( لا أرى ذلك فإن المعتاد أن الجن إنما تخدم الإنس إذا أطاعوها ولا بد أن تكون الطاعة مشتملة على فعل محرم أو اقتراف ذنب فإن الجن غالبا لا يتعرضون للإنس إلا إذا تعرضوا لهم أو كانوا من الشياطين ) ( الفتاوى الذهبية – جزء من فتوى – ص 198 ) 0

وقد سئل فضيلته السؤال التالي : ( جاء إلينا شاب مريض يقول إن عليه جني وعندما أحضرنا له أخ ليقرأ عليه وحضر الجن وعلمنا أن عليه واحد قسيس وابنته وابنه ، وقد نطق الجميع ، واستمر الأخ مع هذا المريض من قبل صلاة المغرب إلى الساعة الواحدة مساء ، فلم يقدر له الله أن يخرج هؤلاء الجن ، وفي اليوم الثاني أحضرنا أخ آخر لهذا الرجل ولقد فوجئنا جميعاً أن الأخ بمجرد دخوله على المريض لم يقرأ قرآن نسمعه ولكنه أخذ يتمتم في أذن المريض بكلام لا نسمعه ، ثم أخذ يضغط على أسنانه بشده لدرجة أنه أحدث صوتاً عالياً ، ثم قال : هيا يا عبدالله هات هذا الكلب ، وهنا أخذ المريض ينتفخ جسمه وتبرز عروقه ، ثم وضع عند رقبته وقام بذبح الأول ، ثم قال : هيا يا عبدالرحمن وحدث كما حدث في المرة الأولى تماما ، ثم أحضر كوب ماء وقرأ عليه دون أن نسمع صوته أيضاً ، ثم قام بنفخ الماء في وجهه حتى أفاق ، وقال : خلاص لقد ذبحتهم جميعاً ، وعندما قلنا له أن ما فعلت حرام ، قال : ليس حرام وأنا معي فتوى من السعودية تجيز لي هذا العمل ، وأن هؤلاء من الجن المسلم وهم معي منذ عشر سنوات ، ويصلون معي ويقيمون الليل أيضاً ، ولا شيء في الاستعانة بهم ما داموا مسلمين ، وما دمت لا أقوم بطاعتهم في أمور معينة لإحضارهم ، وهنا اختلف الاخوة بين معجب لهذا الأمر مقراً به ، وبين مخالف منكر هذا الأمر ، لذلك رأينا عرض الأمر بالتفصيل على فضيلتكم وإفتاؤنا بهذا العمل وجزاكم الله خيراً ونفع بكم المسلمين ؟ 0

فأجاب – حفظه الله - : ( وبعد نختار عدم الاستعانة بالجن المسلمين أو غيرهم ، وذلك أنه قد يحتاج استخدامهم إلى شيء من التقرب إليهم أو تعظيمهم أو نحو ذلك ، فالأصل علاجهم بالرقية الشرعية ، وتنفع بإذن الله لأهل الطاعة والإيمان ، فإذا كان القارئ من أهل الصلاح والعلم والزهد والخير ، وأخلص في قراءته وعرف الآيات والأدعية والأحاديث التي تؤثر في العلاج ، وكان المريض من أهل الخير والصلاح والاستقامة والإيمان الصحيح نفع ذلك بإذن الله وتوفيقه ، وقد يستعمل القراء بعض الأعمال كالخنق والضرب والكي ودخان النار ونحو ذلك ولهم تجربة وأعمال يحسنون السير عليها دون الحاجة إلى استخدام الأرواح الخبيثة ، والله أعلم ) ( القول المعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين ) 0

7)- قال فضيلة الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله- في كتابه " السحر والشعوذة " : ( لا يستعان بالجان ، لا المسلم منهم ولا الذي يقول أنه مسلم ، لأنه قد يقول مسلم وهو كذاب من أجل أن يتدخل مع الإنس فيسد هذا الباب من أصله ، ولا يجوز الاستعانة بالجن ولو قالوا أنهم مسلمون ، لأن هذا يفتح الباب 0 والاستعانة بالغائب لا تجوز سواء كان جنيا أو غير جني وسواء كان مسلما أو غير مسلم 0 إنما يستعان بالحاضر الذي يقدر على الإعانة كما قال تعالى عن موسى : ( 000 فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِى مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ 000 ) ( سورة القصص – الآية 15 ) هذا حاضر ويقدر على الإغاثة فلا مانع من هذا في الأمور العادية ) ( السحر والشعوذة - ص 86 ، 87 ) 0

8)- قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ : ( والاستعانة بالجن الأصل فيها المنع ، وقد أجاز بعض العلماء أنه إذا عرض الجني أحيانا وهذه نادرة للمسلم في إبداء إعانة له فإن له أن يفعل ذلك وهذا ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا صحابته ، وقد أدت الاستعانة بمن زعموا أنهم من مسلمين الجن من قبل بعض الراقين إلى فتن وشحناء ومشكلات بين الناس فيقول الراقي إن الجن يقول إن الحاسد أو العائن هو الزوجة الثانية أو السحر من قبل أهل الزوجة أو من فلان من الأقرباء وهكذا ، مما يؤدي إلى القطيعة والشحناء والشرور 00 وهنا أمر نلفت إليه وهو أن عدالة الجن لا تعلم حتى لو كان قرينا للإنسان وهل الجن فيما يخبر به عدل أو غير عدل ، ولهذا ذكر علماء الحديث في كتب المصطلح أن رواية مسلمي الجن ضعيفة لأن الرواية في صحتها موقوفة على معرفة العدالة والثقة في الراوي وهذا لا سبيل للوصول إليه بالنسبة للجن فكيف يقبل من يقولون بأنهم مسلمي الجن إما فلان مسحور على يد فلان أو أنه محسود بعين فلان ) ( مجلة الدعوة - صفحة 23 - باختصار - العدد 1683 من ذي القعدة 1419 هـ ) 0

8)- قال الدكتور أحمد بن ناصر بن محمد الحمد : ( إن المؤمنين من الجن كالمؤمنين من الإنس من حيث أنهم مأمونو الجانب ، فلا يدعون إلى غير عبادة الله تعالى ، ولا يكونون عونا على الظلم والعدوان ، وحصول الخير منهم غير مستنكر ، بل هو مأمول ، وعونهم لإخوانهم من الإنس ممكن ، وقد يحصل من غير أن يراهم الإنس ، أو يشعروا بمساعدتهم حسيا بحسب قدرتهم ، كما يعين الإنس بعضهم بعضا ، وكثيرا ما يعدم التعاون بين الإنس مع اتحاد جنسهم ! فعدمه حال اختلاف الجنس أقرب وأحرى ، لكن أن تحصل السيطرة والتسخير من الإنسي للجني فهذا أمر ليس ممكنا للاختلاف في الخلقة ، من حيث أن الإنسي لا يرى الجن ، ومن ثم لا يستطيع السيطرة والتحكم ، وهذا الأمر ليس من متطلبات النفوس ، فلا أحد تميل نفسه إلى أن يسخر ويكون عبدا إلا بالقوة والقهر ، وعليه 00 فلن يرضى هذا الأمر أحد رغبة له 0 ويحصل من الشياطين نتيجة سيطرة بعضهم على بعض فيكون المسخر للإنسي من الجن مستذلا من قبل أمثاله من ذوي السيطرة من الشياطين ، وذلك مقابل تحقيق الإنسي لذلك المسيطر من الشياطين ما يريد منه ، من الكفر والفسوق والعصيان ، والخروج على تعليمات الدين ، فيكون المستعبد في الحقيقة الإنسي للشيطان ) ( كتاب السحر بين الحقيقة والخيال – ص 211 ) 0

9)- قال عبد الرحمن حسن حبنكه الميداني : ( وليس ببعيد أن يوجد في الجن كذابون ، وقد أثبت الله أن منهم العصاة والكافرين 0 ومن جهة ثانية فإنه لا يصح الثقة بشيء من أخبارهم ، لانعدام مقاييس تحديد الصادقين والكاذبين فيهم بالنسبة الينا ) ( العقيدة الإسلامية وأسسها – ص 290 ) 0

10)- قال مجدي محمد الشهاوي : ( ولا شك أنه لا يوجد الآن بيننا من يستخدم الجن بالقرآن فقط ، دون سواه من العزائم والطلاسم المجهولة المعنى ، والتي نبهنا على ما فيها من الضلال ، ومن زعم أنه يستخدم الجن بالقرآن فقط - دون سواه - فهو كاذب مدلس مخادع ) ( تحضير الأرواح وتسخير الجان بين الحقيقة والخرافة - ص 103 - 104 ) 0

ولكي نتوصل لخلاصة هذا البحث ، فلا بد أن أعرج على أمرين هامين :

* الأول : المعنى العام لكلمة الاستعاذة أو التعوذ ، التي دار حولها معظم كلام المفسرين السابق :

* قال ابن القيم في " تفسير المعوذتين " : ( معنى " أعوذ " ألتجئ وأعتصم وأتحرز وفي أصله قولان :
أحدهما : أنه مأخوذ من الستر 0
والثاني : أنه مأخوذ من لزوم المجاورة ) ( تفسير المعوذتين لابن القيم – ص 16 ) 0

* قال محمد بن مفلح : ( الاستعاذة : استدعاء عصمة الله سبحانه من الشيطان ) ( مصائب الإنسان – ص 7 ) 0

* الثاني : كيفية أو طرق الاتصال بالجن والشياطين :

يقول السحرة : أن هناك ( مقامات ) للاتصال بالجن والشياطين وتسخيرهم ، وهذه المقامات لا تتعدى أمور ثلاثة :

* أولها : الاستخدام :

وهو أعلى المراتب ، ويشترط فيه الصيام ، واجتناب أكل لحم الحيوان ، والخلوة ، وتلاوة الأسماء المخصوصة كالجلجلونية ، مع ما يصاحبها من أبخرة ، ويأخذ المعزم العهد عليهم بملازمة الطاعة والخدمة 0

قال الدكتور عمر الأشقر : ( والراغبون في بلوغ مرتبة السحر يسلكون طرقا متقاربة لمقابلة الشيطان أو أحد أتباعه ، فيخرج الواحد منهم في ليلة مقمرة في مكان مهجور بعيدا عن العمران في منتصف الليل ، وهناك يقوم بأعمال يحبها الشيطان ويرضاها كأن يخلع ملابسه ، ويحيط نفسه بدائرة يرسم عليها الأشكال والرموز والطلاسم التي يحبها الشيطان ويرضاها ، ثم يأخذ في الإنشاد ممجدا الشيطان ، داعيا إليه 0 وبعضهم يصحب معه بعض الحيوانات ، ويقوم بذبحها وهو يمجد الشيطان ، مهديا هذه الحيوانات له ) ( عالم السحر والشعوذة – ص 173 ) 0

يقول الدكتور محمد محمود عبدالله مدرس علوم القرآن بالأزهر : ( والسحر جميعه انعكاس شغل الجن : أي أنه جهد مشترك بين شيطان الإنس " الساحر " وشيطان الجن " الخادم " إذ يقوم الساحر بتسخير ( قلت : الصواب أن يقال استحضار الجن وليس تسخير الجان ، فالتسخير لم يكن إلا لنبي الله سليمان عليه السلام ) الجني بعد تحضيره بعزيمة يتلوها أو اصطلاح لفظي يتم الاتفاق عليه بينهما كلما أراد الساحر إحضار الجني تلا الصيغة المتفق عليها ) ( صفوة البيان في علاج السحر والحسد ومس الشيطان – ص 24 ) 0

* ثانيها : الاستنزال :

ويلي الأول في الرتبة ، ويعمل لاكتشاف الحوادث ، من سرقة أو ضائع أو نحوه ، ويدعون كذبا استنزال أرواح الملائكة ، ومن اعتقد ذلك كفر ، لأنه لا مجال للتأثير على الملائكة فهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون 0

* ثالثها : الاستحضار :

ويقولون : أن الاستحضار يكون بواسطة تلبس الجان جسد المحضر أو أحد أقاربه ، فيحصل له حالة تشبه النوم ، وهو ما يعرف بالمندل ، ومن الوسائل المتبعة في هذه الطريقة أخذ الأثر من طاقية أو عمامة ونحوه 0

والذي أعنيه تحت هذا العنوان هو النوع الثالث ، وهو الاستعانة المجردة عن الكفر والشرك ، بسبب أن النوع الأول والثاني يندرج تحت الأعمال السحرية وهذه الأعمال بطبيعتها كفرية بحتة ، حيث يحتوي النوع الأول على عبادة الشيطان بما يحبه من صيام واجتناب أكل لحم الحيوان والخلوة وتلاوة أسماء كفرية ونحوه ، وأما النوع الثاني فيدعي استنزال الملائكة وهذا اعتقاد كفري كما أشرت آنفا 0

رابعاً : خلاصة موضوع الاستعانة :

حيث قمت ببحث هذه المسألة بحثاً مفصلاً في كتابي الموسوم ( القول المعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين ) ، وقد تم البحث والدراسة وفق مفهوم الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة قديماً وحديثاً ، وإليك التفصيل :

1)- عدم ثبوت الاستعانة عن الرسول وخلفائه وصحابته والتالعين وسلف الأمة :

فلم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن خلفائه الراشدين وأصحابه والتابعين وسلف الأمة - رضوان الله عليهم أجمعين - فعلهم ذلك ، أو استعانتهم بالجن ، واللجوء إليهم ، والتعلق بهم 0

2)- السمة العامة لأقوال الجن والشياطين الكذب والافتراء :

وقد ثبت من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ، والشاهد من الحديث ( 000 صدقك وهو كذوب 000 ) ( أخرجه الإمام البخاري في صحيحه – برقم 2311 ) 0

3)- جهل عامة الناس في العصر الحاضر :

والبعد عن منهج الكتاب والسنة ، وقلة طلب العلم الشرعي ، كل ذلك جعل الكثيرين منهم لا يفرقون بين السحرة وغيرهم ممن يدعون الاستعانة بالجن الصالح - بزعمهم - وبذلك تختلط الأمور وتختل العقائد التي تعتبر أغلى ما يملكه المسلم ، ولأن في صحة العقيدة وسلامتها ضمان للفوز والنجاة في الدارين 0

4)- يترتب على الاستعانة فتنة للعامة :


نتيجة التعلق والارتباط الوثيق بالأشخاص من الإنس والجن ، دون الارتباط والاعتماد والتوكل على الخالق سبحانه وتعالى 0

5)- الجن مكلفون وغير معصومين من الأهواء والزلل :

وقد يخطئون ، وينقاد المستعين بهم وراء ذلك الخطأ ، وقد يقع في الكفر أو الشرك أو محظور شرعي بحسب حال مخالفته الشرعية 0

6)- إن اللجوء إلى الجن والاستعانة بهم تجعل المستعين ضعيفا :

في نظرهم وفي نظر غيرهم من الجن والإنس ، وأما الاستعانة بالله سبحانه وتعالى فتجعل الإنسان قويا واثقا لاستعانته بخالق الكون ، المتصرف الذي له ملك السماوات والأرض وهو على كل شيء قدير 0

7)- الاستعانة غالبا ما تكون نتيجة تلبس الجني لبدن المعالج أو أحد أفراد أسرته :

وهـذا مشاهد محسوس ملموس ، تقره الخبرة والتجربة العملية ، وفي ذلك مخالفة شرعية صريحة لنص الآية الكريمة : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَالا يَقُومُونَ إلا كَمَا يَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ 000 ) ( البقرة – 275 ) ، ووجود الجني داخل جسد الإنسان بهذه الكيفية وعلى هذا النحو غير جائز وغير مسوغ من الناحية الشرعية ، وليس من عقيدة المسلم أن الغاية تبرر الوسيلة ، إنما الوسيلة كما بينها الشرع الحنيف هي اتخاذ الأسباب الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة والأثر ، وكذلك الأسباب الحسية المباحة لعلاج تلك الأمراض الروحية 0

8)- إن الحكم على الأشخاص بالصلاح والاستقامة أساسه ومنبعه الالتزام بمنهج الكتاب والسنة :

والشهادة للإنسان بالصلاح والاستقامة تكون بناء على المعرفة المسبقة به من حيث التزامه وخلقه ومنهجه وورعه وتقاه وسمته الحسن ، ومع ادراك كافة تلك المظاهر الا أن التزكية الشرعية تبقى أمرا صعبا بسبب تعلق كل ذلك بمعرفة الله سبحانه وتعالى لعبده واضطلاعه على ما يحمله في قلبه وسريرته ، وقد ثبت ذلك من حديث أسامة - رضي الله عنه - قال : قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا شققت عن قلبه حتى تعلم من أجل ذلك قالها أم لا ؟ من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة ) ( متفق عليه ) 0

قال النووي : ( وقوله صلى الله عليه وسلم " أفلا شققت عن قلبه " فيه دليل للقاعدة المعروفة في الفقه والأصول أن الأحكام يعمل فيها بالظواهر ، والله يتولى السرائر ) ( صحيح مسلم بشرح النووي ) 0

9)- استدراج الشيطان للمستعين بكافة الطرق والوسائل والسبل :

وذلك من أجل الايقاع به في الكفر أو الشرك أو المحرم ، وقد سمعنا من القصص قديما وحديثا ما يؤيد ذلك ويؤكده ، فكم من رجال عرفوا بالاستقامة والصلاح ، وتم استدراجهم ، وماتوا على الكفر أو المعصية والعياذ بالله !

قال ابن كثير : ( قال عبدالله بن مسعود في هذه الآية : ( كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ للإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّى بَرِىءٌ مِنْكَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) ( الحشر – الآية 16 ) : كانت امرأة ترعى الغنم وكان لها أربعـة إخوة ، وكانت تأوي بالليل إلى صومعة راهب 0 قال : فنزل الراهب ففجر بها فحملت 0 فأتاه الشيطان فقال له : اقتلها ثم ادفنها فإنك رجل مصدق يسمع قولك 0 فقتلها ثم دفنها ، قال : فأتى الشيطان إخوتها في المنام فقال : لهم إن الراهب صاحب الصومعة فجر بأختكم فلما أحبلها قتلها ثم دفنها في مكان كذا وكذا ، فلما أصبحوا قال رجل منهم : والله لقد رأيت البارحة رؤيا ما أدري أقصها عليكم أم أترك ؟ قالوا لا بل قصها علينا فقصها 0 فقال الآخر : وأنا والله لقد رأيت ذلك ، فقال الآخر : وأنا والله لقد رأيت ذلك 0 قالوا : فوالله ما هذا إلا لشيء ، قال : فانطلقوا فاستعدوا ملكهم على ذلك الراهب ، فأتوه فأنزلوه ثم انطلقوا به فلقيه الشيطان فقال : إني أنا الذي أوقعتك في هذا ولن ينجيك منه غيري فاسجد لي سجدة واحدة وأنجيك مما أوقعتك فيه 0 قال : فسجد له ، فلما أتوا به ملكهم تبرأ منه وأخذ فقتل ، وكذا روي عن ابن عباس وطاوس ومقاتل بن حيان نحو ذلك ، واشتهر عند كثير من الناس أن هذا العابد هو برصيصا فالله أعلم )( تفسير القرآن العظيم–4/341)0

واستدراجات الشيطان في هذا المجال كثيرة ومتشعبة ، ومن ذلك استخدام الأمور المباحة في العلاج للإيقاع في المحظور ومن ثم الكفر بالله عز وجل وهدم العقيدة والدين ، أو ادخال أمور مبتدعة في الرقية الشرعية كما يفعل كثير من الجهلة اليوم ، أو الخلوة المحرمة بالنساء بقصد طيب دون معرفة الحكم الشرعي لذلك ، فينقلب الأمر ويحصل المحظور ، ناهيك عن أمور كثيرة قد يستدرج بها الشيطان بعض المعالجين لا داعي لذكرها إنما أريد التنبيه على هذا الأمر وخطورته ومزالقه 0

10)- تؤدي الاستعانة إلى حصول خلل في العقيدة :

فترى المستعين يلجأ إليهم ويتعلق بهم تعلقا يبعده عن الخالق سبحانه وتعالى 0

11)- قد يستخدمون لغير الأعمال الصالحة :

والمسلمون من الجن غالبا ليسوا على قدر كبير من العلم الشرعي ، والمعرفة بأحكام الحلال والحرام ، ونتيجة للألفة والمودة من جراء تلك العلاقة المطردة ، فقد يكلفون القيام ببعض الأعمال التي تتعارض مع أحكام الشريعة والدين في لحظات ضعف تمر بالإنسان ، والنفس أمارة بالسوء ، فيلجأ المستعين للانتقام لنفسه أو لغيره ويعينونه على ذلك 0

12)- تكون الاستعانة حجة لكثير من السحرة على ادعاء معالجتهم بالرقية الشرعية :

ومن ثم قراءة القرآن ، لعلمهم أن الناس أدركت خطورتهم وكفرهم ، فيدعون الرقية والاستعانة بالصالحين من الجن ، فيطرق الناس أبوابهم ، ويطلبون العلاج على أيديهم ، وكثير من أولئك ينساقون وراءهم إما لضعف اعتقادهم ، أو خوفا منهم ومن إيذائهم وبطشهم ، والقصص والشواهد على ذلك كثيرة جدا ، والواقع الذي يعيشه الناس يؤكد ذلك أيضا 0

قصة واقعية : حدثت قصة منذ فترة من الزمن حيث أتت امرأة يبدو عليها سمات الصلاح والاستقامة ، وأخذت تبكي ، فهدأت من روعها وبدأت تشرح قصتها ، تقول : ذهب بي زوجي إلى إحدى المدن في المنطقة ، واعتقدت بذلك أنه طرق باب الرقية الشرعية لعلاجي من أعراض كانت تنتابني من فينة لأخرى ، وذهبنا سويا إلى منزل أحد أصدقائه ، وإذا برجل يدخل علينا ، فأوعز لي زوجي بأن الرجل يعالج بالرقية الشرعية 0 تقول : المرأة : عندما رأيت هذا الرجل لم ارتح له قط ، فأشار على زوجي بالخروج 0 فأنكرت ذلك لعلمي أن هذا الأمر مخالف لشرع الله ومنهجه ، ولا يجوز بأي حال ولأي ظرف أن يختلي رجل بامرأة لا تحل له ، فخرج زوجي – مع معارضتي الشديدة لذلك الأمر - وكان يحاول أن يزرع ثقتي بالرجل باعتبار أنه شيخ ونحو ذلك ، ومع كل هذا لم اقتنع بهذا الفعل مطلقا ، وكنت أحدث نفسي بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي حدد فيه معالم الخلوة ، وهذا المعنى يؤخذ على إطلاقه ، ولا فرق بين العامي والعالم والمتعلم وغير المتعلم ، وينطبق هذا على كافة الرجال على السواء ! ولكني لم أكن أملك من أمري شيئا ، فأغلق الرجل الباب وبدأ بقراءة بعض الآيات من كتاب الله عز وجل ، وبعدها بدأ يتمتم بكلمات لم أفهمها ، وفجأة انقلبت عيناه إلى اللون الفضي ومن ثم لّلون الأسود ، عند ذلك أغمي علي ، وعندما بدأت أصحو وجدت أنه يضع يديه على مناطق في جسدي لا يحل له الشرع فعلها ، فدخل زوجي ، وقال له الرجل : سوف تكون بخير ، فأخذت أبكي وأبين لزوجي أن الرجل ساحر ومشعوذ وأشرح له حقيقة الأمر فلم يأبه لما أقول ، عند ذلك أوعز لزوجي مرة أخرى بالخروج ففعل ، وأنا أرجوه وأسأله أن لا يفعل ذلك ، وبعد خروجه صفعني صفعة قوية في صدري ، وقال سوف ترين من هو المشعوذ والساحر 0

وبعد رقية المرأة تبين حصول إيذاء لها من جراء ذلك الموقف من هذا الساحر اللعين ، وعلم ذلك عند الله ، والقصص كثيرة إنما يكتفي بتلك القصة للعبرة والعظة 0

13)- ابتعد كثير من الناس اليوم عن منهج الكتاب والسنة :

وقد لجوا في الفسق والمعصية والفجور ، وأصبح جل همهم الدنيا وزينتها ، فقل طلب العلم الشرعي ، وأصبح كثير منهم لا يفرق بين الحلال والحرام ، وجمعوا المال بحله وحرامه ، دون خوف أو وجل من الله تعالى ، وكذلك الحال بالنسبة للجن ، وكل ذلك يجعلهم يخطئون ولا يتوانون عن فعل أمور كثيرة مخالفة للكتاب والسنة ، إما لجهلهم بالأحكام الشرعية ، أو لعدم اكتراثهم لما يقومون به ويفعلونه ، وينقلب الأمر وتصبح الاستعانة وسيلة إلى الضلال أو الشرك أو الكفر بحسب حالها 00 والعياذ بالله 0

14)- يتمادى الأمر بالمستعين إلى طلب أثر وغيره :

وينزلق في هوة عميقة تؤدي إلى خلل في العقيدة ، وانحراف في المنهج والسلوك ، مما يترتب عن ذلك غضب الله وعقوبته 0

وطلب الأثر وغيره يكون وفق تعليمات من قبل الجن للمستعين ، وما يثير الدهشة والتساؤل حصول هذه الطلبات وبهذه الكيفية من قبل الجن ، مع إمكانية فعلهم ذلك دون المساعدة أو الحاجة إلى طلب تلك الآثار وغيرها ، وعالم الجن عالم غيبي لا يرى من قبل الإنس ، ولديهم الإمكانات والقدرات التي تفوق كثيرا قدرات وإمكانات الإنس ، مما يوفر لهم إمكانية الاستقصاء والبحث دون الحاجة لتلك الأساليب والوسائل ، ونقف من خلال هذه النظرة على حقيقة ثابتة من جراء استخدام تلك الوسائل بهذه الكيفيات المزعومة ، أن الغاية والهدف من حصولها هو إيهام الناس وجعلهم يتمسكون بالأمور المادية المحسوسة الملموسة دون اللجوء لخالقها سبحانه وتعالى 0

15)- قول العلامة شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :

إن قول بعض علماء الأمة كشيخ الإسلام ( ابن تيمية ) بجواز الاستعانة ضمن كلام موزون يوجب وقفة وتذكرا بالعصر الذي عاشوا فيه حيث كان الإسلام قويا ، ويحكم فيه بشرع الله ومنهجه ، وكان الوعي والإدراك الديني آنذاك - عند العلماء والعامة - أعظم بكثير مما نعيشه اليوم ، والاعتقاد الجازم أن الاستعانة لا يمكن أن تفهم بمفهومها الدقيق في هذا العصر كما فهمت أيام شيخ الإسلام ابن تيمية ، ولا بد من وقفة تأمل مع كلامه - رحمه الله - فأقول :

أ)- إن الكلام في المسألة عام ولم يتطرق - رحمه الله - إلى قضايا الاستعانة في التطبب والرقية والعلاج 0

ب)- ذكر في النقطة الرابعة كلاما يقول فيه :

( وإن لم يكن تام العلم بالشريعة فاستعان بهم فيما يظن أنه من الكرامات مثل أن يستعين بهم على الحج ، أو أن يطيروا به عند السماع البدعي ، أو أن يحملوه إلى عرفات ، ولا يحج الحج الشرعي الذي أمره الله به ورسوله ، وأن يحملوه من مدينة إلى مدينة ، ونحو ذلك فهذا مغرور قد مكروا به ) ( مجموع الفتاوى – 11 / 307 ) 0

والمتأمل في كلام شيخ الإسلام يلاحظ : أن توفر العلم الشرعي شرط أساسي للاستعانة ، فالعالم وطالب العلم أكثر حرصا ودقة من غيرهما في المسائل والأحكام الشرعية ، فكل منهما يقارن بين المصالح والمفاسد ، ويفرق بين الحلال والحرام ، وله اطلاع بأمور كثيرة تخفى على كثير من الناس ، وبإلقاء نظرة سريعة في يومنا هذا ، يلاحظ أن معظم من طرقوا هذا الباب واستعانوا بالجن جهلة بالعلم الشرعي لا يفقهونه ولا يدركون أصوله ، ولا يفرقون بين الركن والواجب ، ونجزم أن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - لو عاش بين أظهرنا لما أجاز الاستعانة بمضمونها الحالي ، لما يترتب عليها من مفاسد عظيمة قد تؤدي إلى خلل في العقيدة ، بل قد تدمرها من أساسها ، ومن ذلك ما نراه ونسمعه اليوم ، من بيع القلائد والخواتم للناس بأموال طائلة ، وادعاء أن معها جنا صالحا يعين ويحفظ ، أو طلب الأثر ونحوه ، وقس على ذلك الكثير مما يندى له الجبين وتقشعر له الأبدان 00 ومن التجربة والخبرة تبين كذبهم وزيف ادعائهم 0

ج)- إن العالم أو طالب العلم ، إذا كان ملما بالعلم الشرعي ومتفقها فيه ، عالما بأحكامه ، مدركا لأحواله ، سواء كان من الإنس أو الجن ، لا يمكن أن يزعزع ويدمر عقائد الناس ، أو أن يتصرف وفق أهوائه وشهواته – فيدور في رحى الكتاب والسنة ، ولن ترى مثل ما يحصل اليوم من تجاوزات وانحرافات عند الذين يزعمون أنهم يستعينون بجن صالح فيخربون عقائد الناس ، ويحيدون بهم عن الفطرة السوية 0

وأنقل كلاما لشيخ الإسلام – رحمه الله – يؤكد المفهوم الدقيق الذي عناه من سياق كلامه حيث نقل الشيخ محمد بن مفلح - رحمه الله – كلاما له ، يقول فيه : ( قال شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية : رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن مستخدما الجن ، لكن دعاهم إلى الإيمان بالله ، وقرأ عليهم القرآن ، وبلغهم الرسالة ، وبايعهم كما فعل بالإنس ، والذي أوتيه النبي صلى الله عليه وسلم أعظم مما أوتيه سليمان ، فإنه استعمل الجن والإنس في عبادة الله وحده وسعادتهم في الدنيا والآخرة ، لا لغرض يرجع إليه إلا ابتغاء وجه الله وطلب رضاه ) ( مصائب الإنسان – ص 156 ) 0

16)- التذرع ببعض الآثار الواردة :

قد يتذرع البعض بجواز الاستعانة ، وذلك بالعودة لبعض الآثار الواردة في ذلك ، وكافة تلك الآثار الواردة جاءت بصيغة ( روي ) وهذا ما يعتبره أهل العلم صيغة ( تمريض ) أي عدم ثبوت تلك الآثار بسندها عن الرواة 0

وكما تبين من خلال النقاط آنفة الذكر ، فلا يجوز أن يعتد بتلك الآثار على جواز الاستعانة وتبرير ما يقوم به كثير من الجهلة اليوم ، مما يؤدي إلى هدم العقائد وبعد الناس عن خالقهم 0

17)- القاعدة الفقهية ( سد الذرائع ) :

ولو لم يذكر أي من النقاط السابقة ، فالقاعدة الفقهية ( باب سد الذرائع ) تغنينا عن ذلك كله ، والذرائع التي ذكرت سابقا هي التي تسدها الشريعة ، ( ودرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة ) والناس اليوم يدركون ويعلمون كم من المفاسد العظيمة ترتبت على هذا الأمر ! وبنحو أصبح الولوج فيه أقرب الى طرق السحر والشعوذة والكهانة والعرافة فنسأل الله العفو والعافية 0

وهذا أخيتي الفاضلة ملخص يسير حول موضوع الاستعانة ، علماً بأن علماء المملكة العربية السعودية قاطبة على عدم جواز الاستعانة بالجن ، وقد نقلت فتاوى بخصوص ذلك في كتابي آنف الذكر ، وكذلك أوردت فتوى للعلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله – يقول فيها :

( عدم جواز الاستعانة بالجن ، وقد بين أن هذا من الأمور المغيبة عن الإنسان ولا نستطيع أن نحكم على هؤلاء بالإسلام أو الكفر ، فإن كانوا مسلمين لا نستطيع أن نحكم عليهم بالصلاح أو النفاق ، وقد استشهد – رحمه الله - بالآية الكريمة من سورة الجن : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) ( الجن – الآية 6 ) ( القول المعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين – ص 126 ) 0

* خدام السور والآيات :

ناهيك عن مسألة عدم الاعتقاد بخدتم الصور والآيات وقد تم بحث المسألة بحثاً مستفيضاً في موضع آخر ، حيث بعض المعالجين يعمدون إلى ما يسمى باستدعاء خدام الصور والآيات ومنها خدام سورة ياسين ، وهذه أقرب إلى الاستعانة منها إلى الحقيقة ، حيث أنه لا يوجد بالمغهوم العام ( خدام السور والآيات ) 0

ومن هنا تجد أن بعض الفئات من المعالِجين يدّعون الاستعانة بالجن في العلاج ويسلكون في ذلك مسالك بدعية ، كطلب الأثر أو استحضار خدام بعض سور القرآن العظيم وذلك بقراءة تلك السور آلاف المرات بل قد يتعدى الأمر إلى قراءة تلك السور عشرات أو مئات آلاف المرات ، أو حرق البخور كالجاوي ، أو حرق قطع من القماش مكتوب عليها آيات أو سور من كتاب الله عز وجل ونحو ذلك من أمور بدعية مختلفة ، وكافة تلك الاستخدامات ليس لها أصل أو دليل في الكتاب والسنة ، وقد تم الإشارة في ثنايا هذا البحث بأن الرقية الشرعية أمر توقيفي تعبدي ، بمعنى أنها أمور تعبدية مبناها على التوقيف ، فلا يجوز الإخلال بأي جزئية من جزئياتها كما ذهب لذلك بعض أهل العلم وهذا ما أراه وأنتهجه ، ومن يعمد إلى استخدام تلك الأساليب في الرقية والاستشفاء فقد أغوته الشياطين ، ولا بد من اليقين التام بأن الخير كل الخير فيما أخبرنا به الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه أو بينه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة ، ولم نعهد استخدام تلك الكيفيات في العلاج عنه صلى الله عليه وسلم أو خلفائه وصحابته أو التابعين وسلف الأمة وعلمائها 0

( قصة واقعية )


أخبرني أحد الاخوة بأن أخوات له كن يعانين من بعض الأعراض المزمنة ، وحضر إلى البلد التي يسكن فيها هذا الأخ الكريم أحد المعالِجين من دولة إسلامية ، وبدأت مرحلة العلاج فبدأ يقرأ ويتمتم ، يقول هذا الأخ : وقد لاحظت من خلال فترة العلاج قراءته لبعض الآيات أو السور بأعداد محددة ، وبعد ذلك أصبح يوجه بعض الجن بقوله : اضربوه أو افعلوا به ونحو ذلك من أوامر مختلفة - يعني بذلك خدام السور والآيات 0 التي قرأها - وكذلك أحضر خرقة صغيرة وكتب عليها بعض السور والآيات من كتاب الله عز وجل ووضعها عند اصبع المريضة وبدء في حرقها ، وكان يحثنا على الإكثار من قراءة القرآن والذكر والدعاء ، وقد من الله سبحانه وتعالى على بعض من عالجهن بالشفاء ومنهم زوجتي 0

قلت : إن صحة العقيدة وسلامة المنهج أهم من صحة الأبدان وسلامتها ، ولا بد للمسلم الحق من اتباع الوسائل والأساليب الشرعية المباحة في علاج الأمراض التي تصيب النفس البشرية من صرع وسحر وعين وحسد ونحوه ، مع الاعتقاد الجازم أن الشفاء بيد الله سبحانه وتعالى وحده 0

وقد تجد بعض المعالجين ممن يلجأ لافتراء كاذب يدعي من خلاله قراءة آيات أو سور من كتاب الله عز وجل بعدد محدد لاستحضار خدام هذه السور والآيات بزعمهم ، حيث يقرأ مثلاً آية الكرسي ( 100000 ) مائة ألف مرة لاستحضار الخادم الموكل بهذه السورة ونحو ذلك من هرطقات وادعاءات باطلة ، وهذا القول ليس له أصل شرعي ولم يرد فيه دليل صحيح ولا ضعيف ، إنما هو من كلام الصوفية ومبتدعاتهم وهرطقاتهم ، وهو خطأ كبير ومزلق خطير ، وهذا الاعتقاد يؤدي حتماً إلى الانحراف عن العقيدة الصحيحة 0

ومن ذلك قراءة بعض الآيات القرآنية والأدعية المختلفة على شخص مستلق على أريكة ، وبعد الانتهاء من ذلك الورد يبدأ الشخص بالارتقاء والارتفاع في الهواء 0

( قصة واقعية )


حدثني من أثق به وهو طالب في المرحلة النهائية في إحدى الجامعات المحلية يدرس في كلية الهندسة حيث يقول : منذ عشر سنوات وعندما كنت طالباً في المرحلة المتوسطة كنت أدرس مادة تسمى " قرآنية " وكان يدرس هذه المادة أحد الدعاة المعروفين في المنطقة ، وذات يوم كان المدرس يشرح لنا تأثير القرآن في الشفاء والاستشفاء ، حيث اختار خمسة من الأقوياء في الفصل وأمرهم بحمل طاولة ثقيلة الوزن ، فحاولوا مجتمعين فما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً ، وكل ما فعلوه هو محاولة رفعها بعض السنتيمترات القليلة ، يقول هذا الأخ الكريم : وبدأ الأستاذ في قراءة آيات من كتاب الله ووضع إصبعه في وسط الطاولة وأمرنا أن نقوم برفعها ، ففعلنا بيسر وسهولة ، والله تعالى أعلم 0

قلت : هذا النوع يعتبر نوعاً من أنواع الاستعانة المعلومة ، والاستعانة قد تكون من النوع المستمر والمقصود وتكون العلاقة بين المستعين والجن أو الشياطين علاقة وثيقة ، وقد تكون من النوع العارض كما حصل مع هذا الأخ الكريم ، والذي يعتقد من خلال ما سمعناه آنفاً أنه قد لبس على هذا الأستاذ الداعية بحيث اعتقد أن القرآن يمكن أن يستخدم بمثل هذه الكيفية ولمثل هذه الأغراض وخطورة هذا النوع العارض من الاستعانة أنه قد يؤدي إلى الاستعانة المطلقة والتي تنشأ علاقة قوية بين المستعين والمستعان من الجن والشياطين ، والحقيقة الشاهدة التي لا بد أن تترسخ في عقائد المسلمين أن الطريق الوحيد الذي حدده الله سبحانه وتعالى للقرآن والسنة المطهرة كعلاج واستشفاء من الأمراض والأوجاع هو الرقية الشرعية والعلاج الشرعي ، وما دون ذلك لا يعول عليه ولا يؤخذ به ومعظم الطرق المتبعة قد تكون من قبل الصوفية والطرقية التي دلسوا بها على كثير من الناس لهدم عقائدهم وتخريب معتقداتهم ، كادعاء تحضير خدام السور والآيات كما حصل آنفاً 0

وبالعموم فإن لي بعض الوقفات مع الطريقة المذكورة آنفا :

1)- لم نعهد استخدام هذه الكيفية في العلاج عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو خلفائه وصحابته والتابعين وسلف الأمة وعلمائها 0

2)- إن استخدام الكيفيات السابقة في طريقة العلاج تعتبر أمور بدعية تفتح الباب لكل نطيحة ومتردية وأكيلة سبع للولوج فيما هو شر منه وقد يصل الأمر إلى الكفر والشرك والإلحاد 0

3)- إن كتاب الله عز وجل أسمى من أن يستخدم بالكيفيات السابقة في العلاج ، ومن ذلك استخدامه لاستحضار الجن أو كتابته على أوراق أو خرق بكيفيات متنوعة ، فكتاب الله تنزل لقراءته وحفظه والعمل بمقتضاه 0

4)- إن حصول الشفاء باستخدام الكيفيات السابقة الذكر لا يعني مطلقا صحة هذه الاستخدامات أو شرعيتها ، وقد تكون استدراجا لكل من المعالِج والمعالَج 0

5)- إن المسلم الحق يلجأ إلى الله سبحانه وتعالى في علاجه لتلك الأمراض بالرقية الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة ، فيقرأ على نفسه وأهل بيته ، وإن دعت الحاجة لطلب الرقية ممن يوثق في علمه ودينة فلا تثريب عليه ، ويعتبر ذلك من اتخاذ الأسباب الشرعية المباحة للاستشفاء والعلاج 0

6)- لا بد أن نفرق بين الحلال والحرام وبين الحق والباطل ، فلا يجوز مطلقا أن نخلط بينهما بادعاء الاستشفاء والعلاج ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( الحلال بين والحرام بين 000 الحديث ) ( متفق عليه ) ، وهذا يقودنا لعرض كافة المسائل المشكلة على العلماء وطلبة العلم لكي ننأى بأنفسنا من الوقوع في الكفر أو الشرك أو البدعة أو المعصية 0

7)- ولا بد للمسلم الحق من الصدق في التوجه ، والإخلاص في المحبة ، والانقياد للأحكام الشرعية ، وكذلك الصبر والاحتساب واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والذكر ، والتضرع إليه ، والإنابة لجنابه ، فهو القادر وحده على إزالة الغمة وتفريج الكربة 0

3)- أما طريقة مسك الأصبع فسوف تجدين في حقيقة الأمر أن معه الجن ممن يشيرون عليه بأماكن تواجد الجن ، وقد يكونون في جسده أو يهمسون له بتلك اتلمعلومات ، أو أنه يختلي بهم لإعطاء بعض المعلومات عن المرضى كما هو حاصل مه الأخ المذكور حيث أنه يختلي في في الغرفو المذكورة ، والله تعالى أعلم 0

ثانياً : أما قولكم - يا رعاكم الله - :

( على الرغم من انه معروف ويطلع على الاذاعات والناس كثيرا عليه )


قلت وبالله التوفيق :

اعلمي - يا رعاكم الله - أن الإنسان أو المعالج لا يقاس علمه الشرعي وإخلاصه وتوجهه بكثرة رواده ، أو ظهوره على التلفاز أو المذياع ، أو ازدحام الناس عليه بل يقاس كل ذلك من خلال عقيدته وتوجهه وسلوكه ، ويمكنك مراجعة ذلك على الرابط التالي :

( كيف نميز بين المعالج صاحب العلم الشرعي الحاذق المتمرس وغيره من الجهلة ومدعي الرقية )


ثالثاً : أما قولكم يا رعاكم الله :

( طريقة علاجه أخافتني بحيث أخذ يضربني بشدة )

قلت وبالله التوفيق : إن كان يتبع أسلوب الضرب المتزن فلا بأس بذلك ، أما إن كان الأمر غير ذلك فلا يجوز ، وأحيلكم أخيتي الفاضلة إلى الرابط التالي لمزيد من الفائدة :

( استخدام أسلوب الضرب والصعق الكهربائي فى العلاج والاستشفاء )


رابعاً : أما قولكم يا رعاكم الله :

( الان أحتاج الى من يقرا علي ولكن فقدت الثقة في كل المشايخ )


قلت وبالله التوفيق : لا بد أن تعلمي أخية أنه لا زال في الدنيا خير ، ولا زال هناك معالجون بالرقية الشرعية من أصحاب العلم الشرعي الحاذقين المتمرسين الذين يبتغون الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى ، ولكن عليك بحسن الاختيار ، وعليك بمن تتوفر فيهم الشروط والقواعد للممارسة الرقية الشرعية ، وقد بينتها لكِ من خلال الرابط المذكور آنفاً ، فالخير في هذه الأمة باقِ إلى قيام الساعة ، والله تعالى أعلم 0

زادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0
    مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 25-11-2005, 03:38 PM   #3
معلومات العضو
نهى نايف محمد

إحصائية العضو






نهى نايف محمد غير متواجد حالياً

 

 
آخـر مواضيعي
 
0 أريد أن أسألك بخصوص أحد المشايخ !!!

 

افتراضي

لا أعرف كيف أشكرك على هذا الرد فلم تترك شيء الا ووضحته وانا استفدت كثيرا ودعواتك لنا لكي يكتب لي ربي الشفاء وأجد في طريقي ناس صالحين يساعدوني وجزاك الله كل الخير ولكن أود ان اسالك هل أبحث عن شيخ يقرأ علي أم أنسى الوضوع واصبر مع أن هذا صعب علي

    مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 25-11-2005, 05:42 PM   #4
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي



الأخت الفاضلة ( نهى نايف محمد ) حفظها الله ورعاها

الأصل في الرقية الشرعية أخيتي الفاضلة أن يقرأ الإنسان على نفسه وأهله ومحارمه فهذا هو الأسلم والاتقى والأورع ، ولكن الأمر أيضاً يعتمد على وضع الحالة المرضية ، فيعض الحالات تحتاج إلى إشراف ومتابعة المعالج صاحب العلم الشرعي الحاذق المتمرس ، وكل يعلم أي من الفريقين هو ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0
    مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 28-11-2005, 11:14 AM   #5
معلومات العضو
نهى نايف محمد

إحصائية العضو






نهى نايف محمد غير متواجد حالياً

 

 
آخـر مواضيعي
 
0 أريد أن أسألك بخصوص أحد المشايخ !!!

 

افتراضي

شكرا لك شيخنا الفاضل وأنا سأحاول أن أشتغل على نفسي ووفقك الى الخير ومساعدة كل مريض وحسبنا الله على الظلمة والى الامام دائما شيخنا الفاضل

    مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 29-11-2005, 06:12 AM   #6
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي




بارك الله فيكم أختنا الفاضلة ( نهى نايف محمد ) ، أرجو أن تكوني قد اخترت الطريق الصحيح في الرقية والعلاج والاستشفاء ، ولا تنسي بأن لكِ إخوة في :

( منتدى الرقية الشرعية )


سوف يقفون معك ويوجهونك لما فيه الخير والصلاح بإذن الله عز وجل ، زادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0
    مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 01-05-2006, 09:43 PM   #7
معلومات العضو
أبو فهد
موقوف

افتراضي

بارك الله في الجميع وجزاكم الله خيرا ...
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يمن على جميع مرضى المسلمين بالشفاء العاجل ...

    مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 02-05-2006, 06:19 AM   #8
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

((( &&& بسم الله الرحمن الرحيم &&& )))


وفيكم بارك الله أخي الحبيب ومشرفنا القدير ( معالج متمرس ) ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

    مشاركة محذوفة
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 08:56 AM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com