المجتمع المسلم هو مجتمع محافظ يضع أطراً قيمية وأخلاقية يدور في محورها جل سلوكياته، وبالتالي من الطبيعي أن يواجه كل من يشذ عن هذه الأطر أو يحاول الخروج عنها لوما اجتماعيا يكاد يشعر صاحبه بأنه منبوذ ما لم يعدإلى السلوك القويم، وهو ما يترتب عليه تقويم اجتماعي لكل مظاهر الخلل التي تشهدها المجتمعات بين كل لحظة وأخرى، وهو ما يعد أيضا بمثابة قوة دفع ذاتية تنمي المجتمع وتدفع به نحو الأفضل.
وإذا كانت القيم النابعة من ديننا الإسلامي تحث دائما على الفضيلة والتسامح والرقي فإن هذه القيم بما تمثله من كونها الدعامة الأساسية لصلاح النفس البشرية تعتبر الرادع والملاذ الذي يحتمي به كل محافظ وغيور على دينه إذا ما حاولت أيدي العابثين الالتفاف عليها أو تشويهها.
نقول ذلك استشهادا على أن ما أصاب مجتمعاتنا من بعض مظاهر الخلل في الآونة الأخيرة ما هو إلا دخيل عليها تجب محاربته والتصدي له بكل قوة قبل أن يختلط الحابل بالنابل وتفقد امة عاشت دهرا من التميز والخصوصية لكل مقومات تماسكها وترابطها.
لقد طغت الحياة العصرية بكل مفرداتها على حياتنا وأصبحنا جميعا نقع بشكل أو بأخر تحت وطأة أحكامها القاسية في بعض الأحيان، وهذه الحياة تفرض على الناس قيم الأنانية والمصلحية فقط دون الالتفات إلى المشاعر حتى بين أفراد الأسرة الواحدة،فالكل مشغول بأعماله وقد ينسيه هذا الانشغال الدائم مجرد مشاركة الناس محنهم ومصائبهم، وقد نكون معذورين في بعض الأوقات، ولكن هذا العذر لن يكون صكا نرتكن عليه في كل الأوقات، لأن التقوقع حول الذات يحول المجتمع إلى جزر صغيرة لا تربطها أية أواصر من ود أو محبة.
خطورة هذا الأمر تكمن في أن حب الذات يجعل القلوب قاسية وجافة، وهو ما يتنافى مع ابسط القواعد الإنسانية والرحمة التي هي حق من حقوق المسلمين بعضهم على البعض، كما أنه يبعدنا كثيرا عن طبيعة المجتمع الإسلامي الذي يقول عليه الصلاة والسلام في وصفه “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.
أيضا فإن الانفتاح على الثقافات الاخرى ساهم في دخول نماذج غريبة على مجتمعاتنا تتبني أفكارا ومفاهيم دخيلة، والغريب في الأمر أن هناك الكثيرين ممن يندهشون ويفتنون بهذه النماذج لدرجة أنهم يضعونهم كقدوة أمام أعينهم يحاولون الإقتداء بها، والمحزن أننا دائما ننهل وبحماسة بالغة من سلبيات الآخرين دون أن نحاول الالتفات إلى كثير من الايجابيات التي لو طبقناها لاختلف حال المجتمع تماما.
الظواهر المستوردة اقتحمت كل مجالات الحياة فإذا جلست لتشاهد التلفزيون وساقك حظك إلى بعض الفضائيات فسيصدمك الابتذال والإسفاف غير المسبوق، وسترى فتيات يتمايلن في دلال لا فرق بين مذيعة وراقصة فالكل يتبارى في نيل رضا المشاهد، أو بالأحرى الفريسة التي يتهافت الكل على التهامها، حيث ان نسبة المشاهدة العالية تجذب المزيد من الإعلانات التجارية التي تدر بدورها مبالغ خيالية على القائمين على هذه الفضائية أو تلك.
ثقافة العري أصبحت خطرا يتربص بالمجتمع فهي من ناحية بدأت تتسلل بين الفتيات لتفرض نفسها على تصرفاتهن، ولعل ما نشاهده من أزياء غريبة وشاذة يدلل على المستوى الذي وصلن إليه، ومن ناحية أخرى فإن تغلغل هذه الثقافة يعني إهدار لكرامة المرأة والعودة بها إلى الوراء كثيرا، ذلك لأن المراة في هذه الحالة لا ينظر إليها إلا على أنها أنثى فيها الكثير من المفاتن التي تغري كل من يشاهدها بالنظر إليها، وهي نظرة لو ارتضتها المرأة على نفسها لهانت عليها كرامتها وآدميتها.
الغريب انه وفي ظل هذه الموجة تخرج علينا أصوات تنتقد الحجاب وهي قضية ليست محل خلاف أصلا، وبينما هم في غمرة هجومهم الضاري لا تجدهم يشيرون من قريب أو بعيد إلى من يكشفن من أجسادهن أكثر مما يسترن. ومن الواضح ان هؤلاء يتبنون الظواهر الدخيلة تحت دعوى التحرر والتحضر متناسين أن التحضر الحقيقي يرقى بشأن الإنسان ويحترم آدميته.
منقول ......
&&( ظواهر دخيلة )&&
