تعد الجلطات الدماغية السبب الثاني للوفاة بعد السكتة القلبية وتشكل سببا للإعاقة البالغة مثل الشلل النصفي أو فقدان القدرة على النطق، عدا عن تدهور الذاكرة. وتؤكد الدراسات الطبية الحديثة وجود أعراض وعلامات واضحة يمكن أن تساعد على تجنب وقوع الجلطة القاتلة. وتشير إلى وجود طرق تساعد على إمكان ملاحظة العلامات المنذرة بقرب حدوث الجلطة الدماغية. وبحسب الدراسة التي نشرت في العدد الأخير من مجلة علم الأعصاب (؟Neurolog)، وجد الباحثون أن شخصا واحدا من بين ثلاثة ممن نجوا من جلطات بسبب نقص التروية الدموية اشتكوا من “جلطة صغرى” في ما بعد.
يفسر الباحثون هذه الظاهرة بأنها هجمات نقص تروية دموية عابرة (TIA)، حدثت قبل الإصابة بالجلطة القاتلة.
وأشارت الدراسة إلى أن معظم هذه الأعراض حدثت خلال الأيام السبعة السابقة لهذه الجلطات.
والمعروف في الأوساط الطبية أن جلطات نقص التروية، (أي نقص تزويد خلايا المخ بالأوكسجين لمدة قصيرة) تصل نسبتها إلى ثمانين في المائة من بين الحالات كافة التي تحدث بسبب انسداد في الأوعية الدموية المغذية للدماغ.
اما العشرون في المائة المتبقية من الحالات فتعود إلى تمزق في أحد الأوعية الدموية غالبا ما يكون ناتجا عن ضعف وراثي في جدران الأوعية الدموية أو نتاج تراكم لعدد من عوامل الخطر مثل السمنة، ومرض السكر، وارتفاع ضغط الدم.
وفي العادة تدوم هذه الجلطات الصغرى أقل من خمس دقائق، ولا تسبب أضرارا مستديمة في الدماغ ووظائفه الفسيولوجية.
كما يشير الباحثون إلى أن هجمات نقص التروية العابرة عرفت منذ زمن بعيد، وهي تؤدي إلى حدوث أعراض مشابهة للجلطة، مثل الإحساس بالخدر في الأطراف والتنميل، بالإضافة إلى فقدان التوازن الحركي.
وقال الباحث بيتر روثويل العامل في قسم الأمراض العصبية بجامعة رادكيف في أكسفورد ببريطانيا، معلقا على نتائج الدراسة: “حتى الآن مازلنا عاجزين عن تحديد مدى أهمية الأعراض وشدتها في اتخاذ أي إجراء احترازي تجاه المريض الذي تظهر لديه أعراض الجلطة الصغرى، وضرورة حصوله على علاج وقائي في مثل تلك الحالات”.
كما شدد على أهمية عامل الوقت قائلا: “هذه الدراسة تستخلص أن توقيت حدوث أعراض ال (TIA) حرج جدا، لذلك يجب توفير العلاج الطبي المكثف خلال ساعات قليلة من ظهورها للوقاية والحماية من الجلطة الرئيسية الفعلية”.
وحسب ما ذكرته المنظمة الوطنية للاضطرابات العصبية والجلطات الأمريكية، فإنه من المرجح أن يتعرض ثلث الأشخاص الذين اشتكوا من علامات الجلطات الصغرى لجلطة فعلية في ما بعد.
من جانب آخر حقق علماء ألمان برئاسة الطبيب “مارتن فيلالبا” من جامعة هايدلبرغ بالتعاون مع المركز الوطني للتكنولوجيا الحيوية في مدريد تقدما في مجال خفض الأضرار الناجمة عن الجلطة الدماغية عبر وقف عملية تدمير الخلايا العصبية الناجمة عنها لدى فئران المختبر.
ويمكن من خلال العمل على إيصال الدم سريعا إلى الخلايا العصبية الحد من ظاهرة موت هذه الخلايا في عملية انتحار ناجمة عن انقطاع الأكسجين عنها.
وبعد حدوث التجلط الدماغي، ينشط جزيئان، هما من المتلقيات، موجودان على غلاف خلايا الدماغ وخلايا عصبية أخرى وتبدأ عملية الانتحار. ويؤكد الباحثون في مجلة “سيل ديث اند ديفيرنسياشن” التابعة للمجموعة الناشرة لمجلة “نيتشر” البريطانية، أن تنشيط الجزيئين يشكل إحدى الآليات الرئيسية التي تؤدي إلى تدمير الخلايا بعد الجلطة.
وبين الباحثون أن الفئران المعدلة وراثيا بحيث لا تنتج الجزيئات الكفيلة بتنشيط هذين المتلقيين لديها قدرة كبيرة على مقاومة التدمير الناجم عن الجلطة.
وخلافا للفئران العادية التي ماتت جميعها بعد إصابتها بجلطة، بقيت جميع الفئران المعدلة وراثيا حية. كما بين الباحثون أنه عبر تثبيط القنوات التي تؤدي إلى موت الخلايا لدى قوارض طبيعية، أمكن خفض عدد الخلايا العصبية التي دمرت وكذلك الأضرار الناجمة عن الجلطة التي تم إحداثها.
وتفتح هذه التجارب المجال أمام مقاربة جديدة لعلاج الجلطات لدى الإنسان عبر وقف عمل المتلقين. ولم يعرف بعد متى سيكون من الممكن إجراء تجارب سريريه على البشر.
يشار إلى ان دراسة اظهرت ان الاسبرين يتساوى في الفعالية مع دواء ورفارين باهظ السعر لمنع تخثر الدم أو تكوّن الجلطات كما انه أقل خطورة منه.
وقال باحثون امريكيون ان أربعة اقراص يوميا من الاسبرين ذي التركيز العادي تحدث أثرا أفضل في الوقاية الامنة من السكتات الدماغية الصغيرة الناتجة عن ضيق الشرايين في المخ مقارنة مع اثر عقار الورفرين الفعال لكنه يخفف كثافة الدم.
وقال جون مارلر احد الاطباء المشرفين على البحث الذي نشر في مجلة “نيو انجلاند جورنال اوف مديسين” ان التجارب السريرية تبين ان دواء شائعا ومتدني الكلفة يوازي في الفعالية دواء يتطلب مراقبة طبية وتعديلا في الجرعات الباهظة الكلفة.
وقارنت الدراسة بين مجموعتين من المرضى الذين يعانون من ضيق شرايين الدماغ تمت معالجة الاولى بدواء ورفارين واعطي افراد المجموعة الثانية 1300 ملجرام من الاسبرين يوميا. واجريت الدراسة في 59 مركزا طبيا ومستشفى في الولايات المتحدة وشارك في الإشراف عليها الطبيب مارك شيموفيتش من كلية الطب في جامعة ايموري في اتلانتا بولاية جورجيا. وشارك 569 مريضا في التجارب على مدى سنة وثمانية اشهر في المعدل.وكان المرضى يعانون من انسداد يزيد على 50% في احد شرايين الدماغ وأصيبوا بحادث انسداد عرضي في الشريان خلال تسعين يوما قبل بدء التجربة.ويتسبب الانسداد العرضي بانقطاع الرؤية لفترة بسيطة في احدى العينين من دون ان يترك اثرا في المدى البعيد. لكنه غالبا ما يعتبر مؤشرا على احتمال الإصابة بجلطة خطيرة في الدماغ.
وسجل الباحثون نسبة وفيات مرتفعة وجلطات (8،3 و9،7%) لدى المرضى الذين عولجوا بدواء ورفارين مقارنة مع من تناولوا الاسبرين (2.3 و4،3%). وفي الاجمال اصيب 22% من المرضى المشاركين في التجارب بجلطة ثانية في الدماغ بسبب انسداد احد الشرايين أو بنزيف أو توفوا. ولم يكن هناك فرق بين تناول دواء ورفارين أو الاسبرين في هذه الحالات. ويتسبب ضيق الشرايين أو الاوعية الدموية في الدماغ بنحو 10% من حالات الجلطات الدماغية والنزيف الدماغي وعددها 900 ألف سنويا في الولايات المتحدة.
المصدر : مجلة الصحة والطب .
مع تمنياتنا للجميع بدوام الصحة والسلامة والعافية .
&&( أعراض أولية تنذر بالجلطة القاتلة )&&
