موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

تم غلق التسجيل والمشاركة في منتدى الرقية الشرعية وذلك لاعمال الصيانة والمنتدى حاليا للتصفح فقط

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > أقسام المنابر الإسلامية > منبر الفقه الإسلامي

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 13-05-2006, 04:45 AM   #1
معلومات العضو
مسك الختام
اشراقة ادارة متجددة

Question أشاهد القنوات الفضائية ، ولم استطع الإقلاع عنها رغم ندمي . فماذا أفعل ؟؟؟



يقول السائل :

مشكلتي مثل الكثير من الشباب.. لقد أنعم الله علي بنعم كثيرة.. ولكني في البيت أجد نفسي أشاهد القنوات الفضائية المشينة ؛ رغم علمي بأن ذلك سيغضب ربي .. ولا أعرف لماذا أضعف رغم ندمي المتواصل ... فماذا أفعل؟


الإجابة :

يجيب مجموعة من الدعاه على هذا السؤال :

خير ما نوصيك به هو تقوى الله تعالى، والحذر من نقمته وغضبه، وأليم عقابه، فإن الله تعالى يمهل ولا يهمل، وما يؤمنك أن يطلع الله عليك وأنت على معصيته فيقول: وعزتي وجلالي لا غفرت لك.

وانظر إلى هذه الجوارح التي تسعى بها إلى المعصية، ألا ترى الله قادرا على أن يسلبك نعمتها، وأن يذيقك ألم فقدها؟ ثم انظر إلى ستر الله تعالى لك، وحلمه عليك، وأنت تعلم غيرته على عباده، فما يؤمّنك أن يغضب عليك، فيكشف أمرك، ويطلع الناس على سرك، وتبوء بفضيحة الدنيا قبل الآخرة.

وهل ستجني من النظر المحرم إلا الحسرة، والشقاء، وظلمة القلب؟
وهب أنك شعرت بمتعة أو لذة، يوما أو يومين، أو شهرا أو سنة.. فماذا بعد؟!
موت.. ثم قبر.. ثم حساب، فعقاب... ذهبت اللذات وبقيت الحسرات.

وإذا كنت تستحيي من أن يراك أخوك على هذه المعصية، فكيف تجعل الله تعالى أهون الناظرين إليك؟!
أما علمت أن الله يراك، وأن ملائكته تحصي عليك، وأن جوارحك غدا ستنطق بما كان؟

واعتبر بما أصبح عليه حالك بعد المعصية: هم في القلب، وضيق في الصدر، ووحشة بينك وبين الله.
ذهب الخشوع.. ومات قيام الليل.. وهجرك الصوم.. فقل لي بربك ما قيمة هذه الحياة؟
كل نظرة تنظرها إلى هذه النوافذ الشيطانية، تنكت في قلبك نكتة سوداء، حتى يجتمع السواد فوق السواد، ثم الران الذي يعلو القلب، فيحرمك من لذة الطاعة، ويفقدك حلاوة الإيمان.


قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه ، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه، وهو الران الذي ذكر الله في قوله تعالى: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون**" (رواه الترمذي وابن ماجة وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه).

فكن ممن نزع واستغفر وتاب، وأكثر من التضرع لله تعالى أن يُطهر قلبك وأن يُحصن فرجك، وأن يُعيذك من نزغات الشيطان. واجتنب كل وسيلة تدعوك أو تذكرك بالحرام، إن كنت صادقا راغبا في التوبة.

فبادر بإخراج هذا الدش من بيتك، واقطع صلتك بمواقع السوء على الانترنت، واعلم أن خير وسيلة تعينك على ترك ما اعتدته من الحرام، أن تقف عند الخاطرة والهم والتفكير، فادفع كل خاطرة تدعوك للمشاهدة، قبل أن تصبح رغبة وهمّا وقصدا ثم فعلا.

وقد قال صاحب إحياء علوم الدين: "الخطوة الأولى في الباطل إن لم تدفع أورثت الرغبة، والرغبة تورث الهم، والهم يورث القصد، والقصد يورث الفعل، والفعل يورث البوار والمقت، فينبغي حسم مادة الشر من منبعه الأول وهو الخاطر ، فإن جميع ما وراءه يتبعه". وهذا مأخوذ من قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر** (النور:21).

وإن أمكنك الاستغناء التام عن الانترنت فافعل، إلى أن تشعر بثبات قلبك، وقوة إيمانك. واحرص على الرفقة الصالحة، واحرص على أداء الصلوات في أوقاتها، وأكثر من نوافل العبادة، وتجنب الخلوة والتفكير في الحرام ما أمكن.

ومن الجيد أن يشخص الإنسان حالته، وأن يعرف ما يقوم به من خير، وما يصيب من شر، فإن من الظلم للنفس اتهامها على طول الخط، بل لا بد من وضع المشكلة في حجمها الحقيقي حتى نعرف علاجهاأن من آثار الذنوب والمعاصي كما ذكر ابن القيم رحمه الله "زوال النعم" فما زالت عن العبد نعمة إلا بذنب ، ولا حلّت عليه نقمة إلا بذنب ، كما قال علي : ما ترك بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة ، قال تعالي: ** وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ** (الشورى:30) .

ولله در الشاعر حين قال:
إذا كنت في نعمة فارعهــــا فإن الذنوب تزيل النعـــم
وحطها بطاعة رب العبــــاد فرب العباد سريــع النقـم

هذا يعني أن الذنب أشبه بالمرض، بل هو هو، وحسب المرض يكون العلاج، فإن مرضًا غير مستعصٍ، تداوى صاحبه منه بدواء يناسب حجمه، وإن كان مرضًا مستفحلاً، كان له من الدواء ما يناسب عظم قدره. ومن الفطنة أن يشعر المرء حقيقة ذنبه الذي يرتكبه كأي سلوك بشري.

ما الذي دفعه إليه؟
ولماذا يعود إليه؟
وما مكانته من نفسه؟
وهل هو من نفسه أم من الشيطان؟
وما درجة تعلق نفسه به؟
وما العوامل التي ساعدت على بقائه في نفسه؟
وما أفضل طرق العلاج التي توائم نفسه ... حتى ولو كان فيها بعض الألم؟


أخي الكريم: هذه الأسئلة يجب أن تجيب عنها بنفسك، فأنت أدرى الناس بنفسك، ولكننا نسعى لتوجيهك، كي تساعد نفسك في التخلص من هذا الذنب.

أما عن طبيعة الذنب، وهو مشاهدة القنوات الخليعة، فهو مرض قد استشرى في عالمنا بعد ثورة الاتصالات التي قذفت لنا كثيرًا من الخير، وأكثر من الشر، ومنها الثورة الجنسية بأشكالها المتعددة، وخلاصة منهج الإسلام في التعامل مع الجنس هو اتساع مساحة الاستمتاع بالجنس بشرط أن يكون حلالاً، بل سعى لحماية المسلم من أن يقع في الحرام، ومن ذلك غض البصر الذي دعا الله تعالى إليه، حين قال: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن..."،

وفي غض البصر أمور:

الأول: أن غض البصر ليس محصورًا على أن ينظر الرجل إلى المرأة أو تنظر المرأة إلى الرجل؛ لأن النظرة قد تكون مباحة إن كانت للحاجة، أو لم يقصد بها شر، أو تدعو إليه، فتجوز النظرة للتداوي وللبيع والشراء وللخطبة وغير ذلك، ولكن النظرة تحرم للاطلاع على العورات الحية أو غير الحية، فيحرم النظر إلى العورات في المجلات ومواقع الإنترنت والفضائيات، ولأنها إن لم تكن حقيقة ملموسة أمام الرجل، لكن لها أثرها الكبير على نفسه، مما قد يدفعه إلى ما حرم الله تعالى، وقد حرم الله تعالى ما يدعو إلى الزنى قبل تحريم الزنى ذاته، قال تعالى: "ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا".

الثاني: أن القرآن ربط بين البصر والوقوع في الفاحشة، "يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم" "يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن"؛ لأن النظرة هي أقرب وسيلة للقلب، وهي المحرك الرئيس لارتكاب الفواحش.

فإن ما تصنعه من المشاهدة انبهارًا ببنات الفضائيات فهذا وهم لا فائدة منه، فالمرأة هي المرأة، ولو أن إحدى بنات الفضائيات تزوجت، لكان شكلها مختلفًا، وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن الإنسان إن أعجبه شيء من امرأة أخرى، فليسكن شهوته مع زوجته، فقال صلى الله عليه وسلم: "من رأى من امرأة ما يعجبه، فليأت أهله، فإن فيها مثل الذي فيها".

فلتكن نظرتك واقعية فيما يخص النساء، واهتم بالعلاقة الجنسية بينك وبين أهلك، واقرأ في الثقافة الجنسية بما يشبع رغبتك وشهوتك مع زوجتك، ويجعل حياتكما سعيدة، فلأن تهتم بثقافتك الجنسية وتزيد معلوماتك فيها لتستمتع من زوجك خير من هذا الحرام الذي لا خير فيه، كما لا تنسَ أن زوجتك إن رأتك تشاهد مثل هذه الفضائيات فإنها ستفعل مثلك، وربما جر هذا إلى ارتكابها الحرام، فأغث سفينتك، وأحكم قيادها بتقوى الله عز وجل.

ثم فكر مع نفسك في هذا الرب العظيم الذي يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم الذي أخبرنا عن عظيم فضله وواسع رحمته فقال: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَّشَاءُ وَمَن يُّشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا**، يا له من فضل عميم ورحمة واسعة، ويا له من رب كريم وإله عظيم، يغفر ما دون الشرك، يقول عز من قائل في الحديث القدسي: "يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة" (رواه التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ).

أدعوك أخي الحبيب للتفكر في هذه الأشياء وأن تقف مع نفسك وقفة صدق كلما هممت بمعصية وقل لها: هل يستحق هذا الإله العظيم منك هذا العصيان؟ هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ لو أن عبدا أسدى إليك بمعروف فإنك ستجتهدين في مكافأته وتحرصين على رد جميله.. فهل يكون رد النعم التي لا تحصى من الله هو هذه الذنوب والمعاصي؟

فإذا وجدت في نفسك إصرارا على المضي في طريق المعصية فاستكمل معها الآيات {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ**، وقل لها: إن الموت يأتي فجأة وإن العذاب يأتي بغتة وإن الله يمهل العبد ولكن لا يهمله. والموت ليس له سن معينة ولا تدري لعل الله يقبض روحك وأنت على هذه المعصية؛ فكم من شاب فتي صحيح البدن قبض فجأة بدون إنذار، والمرء يبعث على مات عليه.

فإذا لم تستجب لك، ولم يسلس لك قيادها؛ فاستكمل معها باقي الآيات: {أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطَتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِن كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ * وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ * وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لاَ يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ**

استأنف معها الحوار محذرا إياها بأن هناك يوما ستندم فيه أشد الندم على فرطت في جنب الله، تتمنى حين ترى العذاب أن تعود إلى الدنيا مرة أخرى لتكون من المحسنين، ولكن هيهات.. يأتي الجواب الصادم من رب العزة {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ**، يأتي الجواب القاسي الذي يتناسب مع الموقف وما فيه من استهتار العبد برحمة ربه وغروره بإمهاله إياه {كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ**.

قل لها: حينها سينقسم الناس فريقين: فريق الذين كذبوا على الله؛ كذبوا عليه باقتراف الذنوب والمعاصي مع معرفتهم أنه شديد العقاب، كذبوا عليه في عودتهم في توبتهم، وهؤلاء ترى وجوههم مسودة، ومثواهم النار وبئس المصير. والفريق الآخر هم الذين اتقوا وهؤلاء ينجيهم الله بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون.

أخي الحبيب روي أن أحد الصالحين كان يحفر في بيته قبرا، فإذا وجد في قلبه قسوة وفي نفسه ميلا للمعصية نام في هذا القبر وأغلق بابه وتخيل نفسه وهو في قبره وتذكر ذنوبه ومعاصيه فيصيح: "رب ارجعون.. رب ارجعون"، ثم يفتح باب قبره ويقوم ويقول لنفسه: هاأنت يا نفس قد رجعت فاعملي ليوم تقولين فيه "رب ارجعون" فيقال لك: كلا..

كل هذه نقاط إيجابية وغيرها الكثير أنصحك أن تجلس مع نفسك وتبرز هذه الإيجابيات وتكون منطلقا لك للتوبة والعودة إلى الله تعالى، قف مع نفسك وقل لها: سأعود إلى ربي سأقف بابه فهو الكريم لا يرد من عاد إليه، ستجد صعوبة ومجاهدة من النفس ومن الشيطان ولكن لا تستسلم لهما، وهيا أخي جاهد نفسك وقاوم الشيطان وارفع شعار "وداعا دنيا العصيان.. وأهلِّي دنيا الإيمان".

ولكن اعلم يا أخي أنه ليس هناك معصوم بعد خير خلق الله الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وأن طبيعة المسلم أنه يعصي الله ويفعل الذنوب ولكن سرعان ما يتوب ويرجع إلى ربه؛ فإذا ما تاب توبة صادقة نصوحا متحققا فيها شروط التوبة من ندم وإقلاع عن الذنب وعزم صادق على عدم العودة إليه؛ فإن الله يغفر له ذنبه بل ويتفضل عليه بأن يبدل سيئاته حسنات، حتى وإن عاد إلى ذنبه، يقول النبي ‏صلى الله عليه وسلم: "أذنب ‏‏ عبد ذنبا‏ فقال: اللهم اغفر لي ‏ ذنبي، فقال تبارك وتعالى: ‏أذنب‏ عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر‏ الذنب ويأخذ‏ بالذنب،‏ ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ‏‏ذنبي، ‏ فقال تبارك وتعالى: ‏عبدي‏ أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر ‏الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي،‏ فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك" (رواه مسلم).

وإليك أخي بعض الوصايا التي أسأل الله أن يكون فيها عون لك على العودة والرجوع إلى الله:
استحضر عظمة الله في قلبك وقدرته على خلقه وعظيم عفوه عنهم، وذلك بالإكثار من ذكره تعالى، والتفكر في عظيم آلائه ونعمه. واستشعر مراقبته لك وضع أمام عينيك دائما "الله معي، الله ناظري، الله مطلع علي"؛ فهذا هو العاصم الوحيد لك من الوقوع في المعصية. فمن يتجرأ على عظمة الله لن تمنعه عظمة المكان أو الزمان.

أكثر من الطاعات واصبر عليها؛ فهناك علاقة عكسية بين الطاعات والمعاصي؛ فكلما زادت الطاعة قلت المعصية، والعكس.

من الوسائل الهامة جدا للثبات على الطاعة والبعد عن المعصية الصحبة الصالحة والبيئة المعينة، وهو ما عبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: "المرء على دين خليله؛ فلينظر أحدكم من يخالل"، وإذا وجدت في نفسك صعوبة وحنينا إلى أصدقاء السوء فتذكر قول الله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَنًا خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً**.

ابتعد عن الأجواء والأسباب التي تؤدي بك إلى الوقوع في المعاصي؛ مثل الخلوة بالنفس، وخاصة مع وجود سبل للمعصية مثل الفيديو أو النت أو القنوات الفضائية.

اعلم يا أخي أن في النفس طاقة لا بد من تنفيسها وترشيدها فيما يفيد وينفع؛ فهذه الطاقة كالبخار في القدر؛ إذا أحكمت إغلاق القدر عليه فإنه سينفجر وإذا فتحت له باب القدر كله ضاع في الهواء من غير فائدة، ولكن إذا فتحت له فتحة مناسبة وأخرجته بقدر حاجتك فإنك يمكن أن تسيِّر به القاطرات. ولذا أوصيك أن تستفيد من جهدك وطاقتك في الأعمال الدعوية والاجتماعية المفيدة والنافعة.

ضع أمام عينيك دائما طبيعة الصراع القائم بين الشيطان والإنسان منذ الأزل؛ فقد توعد الشيطان بإضلال العبد ما استطاع على ذلك سبيلا وصده عن سبيل الله، وأرشد الله عباده المؤمنين على السلاح الذي يستخدمونه في هذا الصراع فقال عز من قائل: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ**.

تذكر دائما يا أخي أن صاحب المعصية يستمتع بمعصيته، ولكنه استمتاع الأجرب بحكه جربه، سرعان ما ينقلب ألما وندما، وأن صاحب الطاعة يستمتع بطاعته استمتاعا أبديا.

- إذا حدثتك نفسك بالمعصية فاصنع مثل هذا الشاب الذي أغوته امرأة، وتمادى معها بعض الوقت إلى أن أغلق عليهما الباب، فلما همّ بالمعصية وجد شمعة.. فوضع إصبعه عليها وهو يقول لنفسه: إذا صبرتِ على هذه النار الضعيفة تركتك وشأنك، وإن لم تصبري فكيف تقوين على نار وقودها الناس والحجارة؟!. فهذا شاب تحركت نفسه، لكنه زجرها وأعادها بقوة؛ لا لشيء إلا لأنه يملك زمامها فاستطاع أن يقودها إلى طريق الله.

الجأ إلى الله بالدعاء، وقف ببابه ومرغ وجهك على أعتابه وألح عليه في الدعاء أن يفتح لك باب طاعته؛ فهو الكريم الذي لا يرد من لجأ إليه، ويفرح أشد الفرح بعودة عباده إليه، مع غناه عنهم وحاجتهم هم إليه.

احذر الصغائر؛ فهي طريق موصل للكبائر؛ فمن تجرأ على الصغيرة يوشك أن يقع في الكبيرة، ويقال: "لا صغيرة مع إصرار، ولا كبيرة مع استغفار".


وتذكر أن الله سبحانه قد قسم الناس من حيث النظر إلى الدنيا إلى صنفين فقال تعالى: (مِنْكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُم مَّن يُرِيدُ الآَخِرَةَ)، وترك سبحانه للمسلم في هذه الحياة حرية الاختيار فقال تعالى وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ)، وبين عز وجل أن متاع الدنيا قليل وأن الأجر الكبير في الآخرة فقال قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآَخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً) وقال عز من قائل قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآَخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً)، وأوضح سبحانه أن من اختار الآخرة وآثرها على الدنيا فإن الله سيجزيه أجر الدنيا والآخرة فقال مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ).

فإن التردد ليس كله شر، فقد يتردد المسلم عن فعل ما يغضب الله عز وجل، فيكتب الله له الأجر، ففي الحديث (من هم بحسنة فلم يعملها كُتبت له حسنة، ومن هم بحسنة فعملها كتبت له عشرا إلى سبعمائة ضعف، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب وإن عملها كتبت) أخرجه مسلم. وامتثال قوله تعالى لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ) . وإنما الحلم بالتحلم ، والعلم بالتعلم ، والصبر بالتصبر ، ومن تصبر ؛ صبره الله .

وعلى قدر مستوى حالتك الإيمانيَّة يكون مستوى مقاومة المعاصي. ويجب تدريب النفس على دوام المراقبة، أي أن تظلَّ متيقِّظًا لكلِّ تصرُّفاتك، وتسأل نفسك وأنت جالس أمام القنوات الإباحية ..

هل ما أشاهده هذا سينفعني في ديني أو دنياي؟

هل ستُحسَب هذه الساعة في ميزان حسناتي أم سيئاتي؟

- اسأل نفسك..
هل إذا كان فلان "اختر أحد الصالحين" معي في تلك اللحظة، هل كنت سأشاهد هذه القناة؟


صحيحٌ أنَّك لا تفعل هذا من أجل الأشخاص، ولكن هذا مجرَّد تمرينٍ على فهم الحياء من الله تعالى.

تذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البيهقي :" سبعة يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله: رجل قلبه معلق بالمساجد، ورجل دعته امرأة ذات منصب فقال: إني أخاف الله، ورجلان تحابا في الله، ورجل غض عينه عن محارم الله، وعين حرست في سبيل الله، وعين بكت من خشية الله."

وروى أحمد والنسائي والحاكم والترمذي عن أبي ريحانة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم :" حرمت النار على عين بكت من خشية الله "


وفي حديث أبي يعلى عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال"لا يلج النار رجل بكى من خشية الله "

وروى الترمذي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" "عَيْنَانِ لا تَمسّهُمَا النّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحرُسُ في سبيلِ الله".


والعين الباكية التي تكون سببا لنجاة صاحبها من النار ، فالمقصود ليس البكاء وحده ، ولكن البكاء دليل على ثبوت القلب على الإيمان بالله ، وثبوت الجوارح على طاعة الله ، ومن كان هذا شأنه من الاستقامة على أمر الله ، فإن المرجو من رحمة الله ، ألا يعذبه الله .


قال الطيبي من أئمة الشافعية في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم (عين حرست في سبيل الله ، وعين بكت من خشية الله ): كناية عن العالم العابد المجاهد مع نفسه لقوله تعالى: {إنما يخشى اللّه من عباده العلماء** حيث وقع حصر الخشية فيهم غير متجاوزة عنهم فحصلت النسبة بين العينين: عين مجاهدة مع النفس والشيطان، وعين مجاهدة مع الكفار، والخوف والخشية متلازمان. قال في الإحياء: الخوف سوط اللّه يسوق به عباده إلى المواظبة إلى العلم والعمل.


وقال الإمام المناوي في شرح قوله صلى الله عليه وسلم : ( وعين بكت من خشية الله ) : وليس المراد بالبكاء من خشية اللّه لا خشية الحمقاء الذين إذا سمعوا ما يقتضي الخوف لم يزيدوا على أن يبكوا ويقولوا يا رب سلم نعوذ باللّه وهم مع ذلك مصرون على القبائح والشيطان يسخر بهم كما تسخر أنت بمن رأيته وقد قصده سبع ضاري وهو إلى جانب حصن منيع بابه مفتوح إليه فلم يفزع وإنما اقتصر على رب سلم حتى جاء السبع فأكله).انتهى


ولا يشترط في العين الباكية ألا تكون مقترفة لصغائر الذنوب، ولكن يكفيها التوبة الدائمة ، مع الاستقامة ، وذلك أن اقتراف صغائر الذنوب غير معصوم منه أحد ، قال تعالى :"والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم"، فدل على وقوعها من بني البشر ،ومغفرة الله تعالى لهذه الصغائر، وأنها ليست قادحة في دين العبد، بل شرعت التوبة لوقوع الناس في الصغائر والكبائر.


قال الإمام المباركفوري في تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي في العين الباكية من خشية الله وعصمتها من النار : وهي مرتبة المجاهدين مع النفس التائبين عن المعصية سواء كان عالماً أو غير عالم. انتهى

وليس في الإسلام عمل يقوم به المرء مرة واحدة ، فيكون سببا لنجاته من النار، وذلك أن الإسلام أمر أتباعه أن يكونوا على وجل دائم ،وأن يأتوا الأعمال الصالحة خائفين ألا يتقبل منهم ، فكيف يأمنون على أنفسهم من عذاب الله ، قال تعالى :"والذين يؤتون ماآتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون".

وينقض أن يكون الإنسان مبشرا بالجنة وهو في الدنيا غير من بشرهم الرسول صلى الله عليه وسلم من صاحبته ، ولو كانت عينه دمعت أحايين تأثرا بما يقال ، ما أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وأبو داود من حديث ابن مسعود :

"فإن الرجل منكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار، فيدخل النار. وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة، فيدخل الجنة".

على أنه من الإيمان الصادق أن يحسن العبد الظن بالله، ولكنه يكون دائما بين خوف ورجاء ، خوف من عقاب الله ،ورجاء في رحمة الله، فهما كجناحي الطائر بالنسبة للمسلم.

وعليه ، فالمقصود بالنجاة من النار من العين الدامعة البكاية من خشية الله ، استقامة الحال على الطاعة والإيمان. فالعين الدامعة التي تحرم على النار المقصود منها الإنسان الذي يستقيم على طريق الله ، ويكون دائم الخشية من الله ، ولو ارتكب بعض الذنوب ، لكنه دائم التوبة .

حفظك الله تعالى من شر المعاصي والذنوب ، وأتم عليك نعمة الإيمان . نسأل الله تعالى أن يهديك إلى الخير، وأن يصرف عنك شياطين الإنس والجن إنه سبحانه خير مأمول .. وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أخي الحبيب وفي النهاية أسأل الله أن يتقبل منا توبتنا وأن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

ولا تنسانا من صالح دعائك.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 13-05-2006, 12:53 PM   #2
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي




بارك الله فيكم أخيتي الفاضلة ومشرفتنا القديرة ( مسك الختام ) ، ولمزيد من الفائدة حول مضار هذا الجهاز أقدم البحث التالي :

إن التربية الإسلامية أنشأت جيلا مؤمنا ، متسلحا بالإيمان ، مسترشدا بالقرآن ، مدافعا عن العقيدة ، متمسكا بالمبادئ الإسلامية التي نشأ وتربى عليها 0

واليوم ابتعد الكثيرون عن هذه الأخلاقيات والمناهج ، ضنا واعتقادا بالمظاهر الغربية الزائفة ، فأخذوا بعاداتهم وتقاليدهم ، وتربوا وأنشأوا أبناءهم على ذلك ، فحصل التخبط والضياع ، ووصلت كثير من المجتمعات الإسلامية إلى ما وصلت إليه من مظاهر هدامة وانحرافات أخلاقية نتيجة لذلك 0

وقد برز الغرب على المجتمعات الإسلامية بمعتقدات وأفكار وتقنيات كثيرة ، تراوحت بين الغث والسمين ، ومن تلك التقنيات ذلك الجهاز الخطير الذي يعتبر قنبلة موقوتة قد تنفجر في أية لحظة وتترك من الآثار والنتائج السلبية ما يصعب تداركه والسيطرة عليه ، وقد استطاع الشيطان من خلالا نفث سمومه ، وتقويض الأفراد والأسر والمجتمعات ، وفيما يلي أستعرض بعض الأخطار الناتجة عن اقتناء هذا الجهاز :

أ - الإخلال بالعقيدة وتدميرها ، وذلك بتجسيد شخصيات كافرة في أذهان وعقليات الأطفال خاصة ، بحيث تصبح تلك الشخصيات قدوة في السلوك والتصرف ، وكذلك إظهار شخصيات وهمية لها قدرات خارقة اختصها الله لذاته ، كإحياء الموتى ، والتصرف في الكون ، والانتصار على سكان الكواكب الأخرى كما يزعمون ، فتغرس هذه المشاهد الرهبة والخوف والتعظيم في نفوس الأطفال 0

ب - الدعوة الصريحة لتحرير المرأة ومساواتها بالرجل ، والنيل من عفافها وجعلها سلعة تباع وتشترى في سوق النخاسة 0

ج - تدمير الأخلاق والقيم والمبادئ الإسلامية من خلال عرض المظاهر الهدامة المتنوعة ، كالجرائم والسرقات والزنا والخمر والربا والمخدرات مما يغرس الفضول وحب الاستطلاع ، فتتحرك الغرائز وتميل لمعاشرة ذلك وتجربته ، والنفس أمارة بالسوء ، كما أخبر الحق جل وعلا في محكم كتابه : ( وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِى إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّى إِنَّ رَبِّى غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ( سورة يوسف – الآية 53 ) 0

د – نشر الثقافة الفكرية الغربية ، في المجتمعات الإسلامية بما تتضمنه من عقائد ومبادئ وأخلاقيات في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها ، والمناقضة تماما للعقيدة الإسلامية ، والتي تعتمد أساسا على أفكار هدامة ، تسيرها النظرة المادية البحتة ، والشهوة والغريزة 0

هـ- إظهار المعاصي بمظهر جذاب ، وتحسينها وتزيينها وصقلها وإبرازها كنوع من الرقي والتطور ، فتتعلق بها القلوب ، وتتوجه إليها الأبصار ، وتهوي إليها الأفئدة ، ومن أمثلة ذلك الفن ، والتمثيل ، والرياضة غير الموجهة ، وغيرها من منكرات بدأت تدب وتسري في مجتمعاتنا الإسلامية 0

إن هذا الجهاز جليس نجالسه ونتجرع من سمومه ، وقد ثبت من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنما مثل الجليس الصالح ، وجليس السوء ، كحامل المسك ، ونافخ الكير ، فحامل المسك ، إما أن يحذيك ، وإما أن تبتاع منه ، وإما أن تجد منه ريحا طيبة ، ونافخ الكير ، إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد ريحا خبيثة ) ( متفق عليه ) 0

قال المناوي : ( والمقصود منه النهي عن مجالسة من تؤذي مجالسته في دين أو دنيا ، والترغيب في مجالسة من تنفع مجالسته ، وفيه إيذان بطهارة المسك وحل بيعه ، وضرب المثل والعمل في الحكم بالأشياء والنظائر ، وأنشد بعضهم :

تجنب قرين السوء واصرم حباله00000000000 فإن لم تجـد من محيصــا فداره
والزم حبيب الصدق واترك مراءه00000000000 تنل منه صفو الود ما لم تمــاره
ومن يزرع المعروف مع غير أهله00000000000 يجده وراء البحر أو في قــراره
ولله في عرض السـماوات جنة0000000000000 ولكنهــا محفوفــة بالمكـاره
( فيض القدير – 3 / 4 ) 0

وكثير من المسلمين اليوم تأثروا تأثرا جذريا جراء متابعتهم لذلك الجهاز ، فتغيرت قيمهم واختلفت معاييرهم ، وانحرفت عقائدهم ، وأصبح المعروف لديهم منكرا ، والمنكر معروفا ، وبدت الكبائر والصغائر أمرا طبيعيا بل محببا للممارسة والفعل 0

ومن آثاره الخطيرة كذلك أن الألفاظ أصبحت لا توزن بميزان الشريعة ، فتفشت الألفاظ الكفرية والشركية والبدعية بين الناس ، وبدأوا يتداولونها ويستخدمونها بينهم وكأنها أمر طبيعي ، دون إدراك خطورة ذلك وتدميره للعقيدة 0

إن كافة الأخطار المحدقة بالأمة الإسلامية نتيجة لاقتناء هذا الجهاز – عن طريق مباشر أو غير مباشر – تبين حرمة استخدامه بالكيفية المتبعة اليوم لما يحتويه من مظاهر هدامة تم ذكرها آنفا والتي تؤثر علىعقيدة المسلم وسلوكه ، والأدلة تؤيد ذلك وتؤكده ، يقول تعالى في محكم كتابه : ( 000 وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ 000 ) ( سورة الأعراف – جزء من الآية 157 ) ، وقد ثبت من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا ضرر ولا ضرار ) ( صحيح الجامع 7517 ) 0

قال ابن رجب : ( وقيل الضرر : أن يدخل على غيره ضررا بما ينتفع هو به ، والضرار : أن يدخل على غيره ضررا بما لا منفعة له به ، كمن منع ما لا يضره ويتضرر به الممنوع ، ورجح هذا القول طائفة ، منهم ابن عبد البر وابن الصلاح 0
وقيل : الضرر : أن يضر بمن لا يضره ، والضرار : أن يضر بمن قد أضر به على وجه غير جائز 0
وبكل حال فالنبي صلى الله عليه وسلم نفى الضرر والضرار بغير حق 0
أما إدخال الضرر على أحد بحق ، إما لكونه تعدى حدود الله ، فيعاقب بقدر جريمته ، أو كونه ظلم غيره ، فيطلب المظلوم مقابلته بالعدل ، فهذا غير مراد قطعا ، وإنما المراد : إلحاق الضرر بغير حق ) ( جامع العلوم والحكم - 2 / 212 )

ولا بد أن ندرك أن هذا الجهاز سلاح قوي فتاك يستغلـه الشيطان وأعوانه ، ليحقق الغاية والهدف الذي يسعى إليه دوما وهو نفس المصير الذي آل إليه ، وذلك يوجب الحذر من تدليسه ومكائده ، وأساليبه الماكرة التي يسلكها ، كإظهار الباطل في صورة الحق ، نتيجة لهوى أو نزوة أو شهوة جامحة في النفس 0 وأكثر الأبواب التي يطرقها الشيطان لينفذ بها للإنسان هي العادات والتقاليد والقيم المتوارثة عن الآباء والأجداد خاصة ما يخالف العقيدة والمنهج ، وكذلك حال المجتمع المسلم بما يحتويه من انحرافات وتجاوزات تخالف القيم الإسلامية الحقه ، فيظهر للمسلم أن حاله حال غيره من المسلمين 0 وهنا لا بد من التفكر في قول الله تعالى : ( وَكُلُّهُمْ ءاتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ) ( سورة مريم – الآية 95 ) ، ومن الأبواب الخطيرة التي يسلكها الشيطان للنيل من ابن آدم العقائد المنحرفة لبعض الطوائف ، كمن يحتج بفعل المحرم أو ترك الواجب ، فيقول : ( الإيمان في القلب ) ، وهذا قول طائفة منحرفة يطلق عليها ( المرجئة ) أو ( أهل الوعد ) 0

قال الدكتور إبراهيم بن محمد البريكان – حفظه الله - قال أهل الوعد أو ( المرجئة ) : إن العاصي مؤمن كامل الإيمان ، وإن الإيمان لا تضر معه المعصية ، فهو غير قابل للنقصان 0 وبناء على ذلك فلا تفاضل بين المؤمنين بل هم في درجة واحدة ، فجحدوا بعض الوعيد وما فضل الله به الأبرار على الفجار 0 وسموا بذلك لأنهم أخروا العمل عن الإيمان ، فلم يجعلوه من أركان الإيمان ، ولا من لوازمه ، بل الإيمان كامل به أو بدونه 0
وتوسط أهل السنة والجماعة فقالوا هو مؤمن بإيمانه ، فاسق بكبيرته 0 وأما في الآخرة فهو تحت مشيئة الله إن شاء عذبه ، وإن شاء غفر له ) ( المدخل لدراسة العقيدة الإسلامية - ص 79 - 80 ) 0

وقد دلت كثير من نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة على مكر الشيطان وتربصه وعدائه للإنسان ، يقول تعالى في محكم كتابه : ( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِى لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِى الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ ) ( سورة الحجر – الآية 39 ، 40 ) ، وقد ثبت من حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الشيطان قال : وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم ، فقال الرب : وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني ) ( السلسلة الصحيحة 104 ) 0

قال المناوي : ( " إن الشيطان " لفظ رواية أحمد " إن إبليس " بدلا من الشيطان " قال : وعزتك " أي قوتك وشدتك " يا رب لا أبرح أغوي " أي لا أزال أضل " عبادك " الآدميين المكلفين يعني لأجتهدن في إغوائهم بأي طريق ممكن " ما دامت أرواحهم في أجسادهم " أي مدة دوامها فيها " فقال : الرب وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني " أي طلبوا مني الغفران أي الستر لذنبهم مع الندم على ما كان منهم والإقلاع والخروج من المظالم ، والعزم على عدم العودة إلى الاسترسال مع اللعن 0 وظاهر الخبر أن غير المخلصين يرجون من الشيطان وليس في آية ( 000 لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ ) ( سورة ص – الآية 82 ، 83 ) ما يدل على اختصاص النجاة بهم كما وهم لأن قيد قوله تعالى : ( وَمِمَّنْ تَبِعَكَ ) ( سورة ص – الآية 85 ) أخرج العاصين المستغفرين إذ معناه ممن اتبعك واستمر على المتابعة ولم يرجع إلى الله ولم يستغفر ، ثم في إشعار الخبر توهين لكيد الشيطان ووعد كريم من الرحمن بالغفران 0 قال حجة الإسلام : لكن إياك أن تقول : إن الله يغفر الذنوب للعصاة فأعصي وهو غني عن عملي 0 فإن هذه كلمة حق أريد بها باطل ، وصاحبها ملقب بالحماقة بنص خبر : " الأحمق من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني" وقولك هذا يضاهي من يريد أن يكون فقيها في علوم الدين فاشتغل عنها بالبطالة ، وقال إنه تعالى قادر على أن يفيض على قلبي من العلوم ما فاضه على قلوب أنبيائه وأصفيائه بغير جهد وتعلم – فمن قال ذلك ضحك عليه أرباب البصائر ! وكيف تطلب المعرفة من غير سعي لها ؟ والله يقول : ( وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلا مَا سَعَى ) ( سورة النجم – الآية 39 ) ، ( إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) " سورة الطور و سورة التحريم - جزء من الآية 16 ، 7 " ) ( فيض القدير - 2 / 351 )

وهذا العداء والتربص من قبل الشيطان وأعوانه لابن آدم باق حتى لحظة وفاته ، ومفارقة الروح للجسد ، والثبات على الحق في الدنيا والتسلح بأسلحة العقيدة والتوحيد والطاعة 0 وقهر هوى النفس من أكبر الأسباب التي تؤدي إلى الثبات عند الموت وعند البعث وعلى الصراط ، كما قال تعالى في محكم كتابه : ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِى الأخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ) ( سورة إبراهيم – الآية 27 ) ، وعدم الثبات دليل على الاقتران بالمعصية والفشل في قهر الهوى ، وكل ذلك من أكبر الأسباب التي تؤدي لمواجهة المصير الصعب والعاقبة الوخيمة ، وقد أخبر الحق تبارك وتعالى معبرا عن تلك المواقف بقوله سبحانه : ( فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ ) ( سورة الواقعة – الآية 88 ، 95 ) 0

إن كل ما ذكر عن هذا الجهاز وخطورته وسلبياته وآثاره المروعة ، لا يعني أن الشريعة تحرم وتقف في وجه الطموحات والرغبات والغرائز البشرية – والشريعة جاءت بما يطيقه الإنسان – فالله عالم بكنه هذا المخلوق الضعيف ، خلقه ووضع له السنن الخاصة بحياته ومعيشته ، وصقل ذلك بإطار الشريعة وضوابطها ، وارتباط المسلم بهذه الأطر والضوابط يحقق له خيري الدنيا والآخرة 0

ومن هنا يتبين أن التمسك بالحق والتزود للآخرة لا يعني ترك طلب الرزق الحلال والمتعة المباحة ، وللمسلم أن يتخذ حظا من ذلك ، وفق شرع الله ومنهجه ، كما ثبت من حديث حنظلة الأسدي – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده ، لو كنتم تكونون في بيوتكم على الحالة التي تكونون عليها عندي ، لصافحتكم الملائكة ، ولأظلتكم بأجنحتها ، ولكن يا حنظلة ! ساعة وساعة ) ( السلسلة الصحيحة 1976 ) 0

قال المباركفوري : ( قوله " لو أنكم تكونون " أي في حال غيبتكم عني " كما تكونون عندي " أي من صفاء القلب والخوف من الله " لأظلتكم الملائكة بأجنحتها " جمع جناح ورواية مسلم " لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم " ) ( تحفة الأحوذي - 7 / 125 )

سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن حكم وجود التلفاز في بيت الرجل المسلم فأجاب - حفظه الله - : ( الذي نرى أن التنزه عن اقتناء التلفاز أولى وأسلم بلا شك ، وأما مشاهدته فإنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
أولا : مشاهدة الأخبار والأحاديث الدينية والمشاهدات الكونية ، فهذا لا بأس به 0
ثانيا : مشاهدة ما يعرض من المسلسلات الفاتنة والأعمال الإجرامية التي تفتح للناس باب الإجرام والعدوان والسرقات والنهب والقتل وما أشبه ذلك ، فإن مشاهدة هذا حرام ولا تجوز 0
ثالثا : مشاهدة شيء تكون مشاهدته مضيعة للوقت ليس فيه ما يقتضي التحريم وفيه شبهة بالنسبة لاقتضاء الإباحة ، فإنه لا ينبغي للإنسان أن يضيع وقته بمشاهدته لا سيما إذا كان فيه شيء من إضاعة المال ، لأن التلفزيون فيما يظهر 00 فيه إضاعة للمال إذا صرف فيما لا ينفع مثل صرف الكهرباء ، وفيه أيضا إضاعة الوقت ، وربما يتدرج الإنسان إلى مشاهدة ما تحرم مشاهدته ) ( فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين - 930 ، 931 ) 0

سائلاً المولى عز وجل أن يقينا الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن ينصر المجاهدين في سبيله في كل مكان ، وأستحلفكم بالله العظيم أن لا تنسوا أخوانكم المجاهدين من الدعاء في كل مكان وبخاصة في العراق وأفغانستان ، فقد عقد لواء الكفر بخيله ورجله وركبه راية الصليب ، فأسأل الله الذي لا يغفل ولا ينام في هذه الساعة الفضيلة أن يكتب لهم النصر وأن يلهم المجاهدين الصبر والأجر والشهادة مقبلين غير مدبرين ، وأن يدمر المنبطحين المتفرجين الطاحكين على انتهاك أعراض وممتلكات الأمة الإسلامية 000 اللهم آمين يا رب العالمين 000 زادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 28-06-2006, 01:09 PM   #3
معلومات العضو
أبو فهد
موقوف

افتراضي

... بسم الله الرحمن الرحيم ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله في الجميع وجزاكم خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
... معالج متمرس...
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 06:29 PM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com