ماذا نطلق على من يفتح منفذ في أسوار قلعة محكمة الاغلاق ,,,؟؟
ويحمل شعلة في قلبه ليدحر غياهب الظلام ,,
من يتحول من مجرد ظل على الأرض ,, إلى كائن حي بشري ,,
يتفاعل ,, ويرفع راية مجد على سارية من أمل صنعها بإصراره وعزيمته ؟؟؟؟
كثير من الأفكار تداولها ذهني عندما شاهدت قصة مصورة في إحدى القنوات العلمية سردت بها حياة تلك الأعجوبة ,,
( هيلين كللر ) ,, العمياء الصماء البكماء
قصة فسرت للعالم معنى العجز الحقيقي الذي يجب أن يوصم به كل مكتمل الحواس غير فاعل في المجتمع ,,
فقدت حواس النظر والسمع والبصر لمرض أصابها في الثانية من عمرها ,,
ولكن لم يحرمها ذلك تلمس الحياة بما بقي لها من حواس تعمل ,,
أرسلها أبوها إلى معلمة تدعى ( آن سوليفان ) ,, تلك المعلمة التي تنكمش خجلا أمام جهودها كل جهود المعلمين ,,
وصلت هيلين كيلر للجامعة , وتخرجت بامتياز , واستمرت بقفزات هائلة ونالت الدكتوراه بالعلوم والهندسة ,,,
تعلمت تلك العمياء الصماء والبكماء ست لغات ,,
ياللهووول وماذا تعلم البشر سليمي النطق ؟؟؟؟
ألفت كتاب سيرتها الذاتية ,,, وكم سليما لم يكتب عبارة في حياته ؟؟
قامت بأنشطة خيرية في مختلف أنحاء العالم لجمع المال من أجل المكفوفين ,,,
سبحان الله وكم سليم عاش عالة على الآخرين !!!!!!!!
حتى أنها شاركت في عروض مسرحية ,,
لم يكن لها من نافذة على العالم إلا حاسة اللمس لذلك تلقت تعليما من إحدى المتخصصات لمعرفة كلام المتحدث باللمس بأصابعها ,, حيث تقوم بوضع أصابعها على شفتي المتحدث لتلتقط أناملها الاهتزازات الخارجة , وتتلمس حركة الشفتين واللسان , مع تلمس تعابير الوجه ,,
استطاعت بعد الدرس السابع أن تنطق أول عبارة لها وهي ( أنا لم أعد بكماء ) ,,,
وأصبحت تكرر الكلام بلمس شفتي المتحدث ,,
قامت بجولات حول العالم ,, فحماستها المتقدة تجعلها تحرص على تحية الحشود الجماهيرية التي تستقبلها ,,
قالت معلمتها آن التي ترافقها :
هناك شئ يجذب الناس إليها , إنه اهتمامها بكل شئ وكل شخص ,,
فهي تجد حتى مع الطفل الصغير صحبة رائعة ,,
تقول هيلين :
الحياة عمل مثير والأكثر إثارة أن يعيش المرء من أجل الآخرين ..
الحياة بالنسبة لها إما مغامرة جريئة أو لا شئ ..
من نتائج جولاتها وأنشطتها استطاعت فتح مدارس ومكتبات لكتب بلغة ( بريل ) ,,
فمن الممتع أن تحاط بكتب تقرأها , فحينما تمسك كتاب تتخلص من عجزها وتتحرر روحها لتطلع على كل العالم من حولها ,,
الألوان بالنسبة لها :
الوردي : وجنة طفل
الرمادي : شال ناعم ملقى على الكتف
الأصفر : شمس تبعث الحياة .
ولكن !!!!
انطفا نور في حياتها ,, وأغلقت نافذة تطل منها على العالم ,, حينما ماتت معلمتها آن ..
وقد قالت هيلين من قبل :
إذا ابتعدت عني معلمتي آن سأصبح ضريرة صماء بحق !!!!!
إنها تشعر بالعجز ,, فقد خبا توقد ذهن معلمتها ..
ولكن أصبحت ( بولي تومسون ) مرافقتها ومترجمتها في كل تحركاتها ,,
وواصلت المسير من جديد ..
استطاعت توسيع حدود عالمها الذي يحاصرها ,,
قامت بزيارة المصابين في المستشفيات ,, لا أحد يدرك العجز كما تدركه هي ,,
قامت بزيارة مدرسة للصم وألقت عليهم كلمة قامت بترجمتها مرافقتها بولي قالت فيها :
تحتاجون العزم والتصميم , أعرف العوائق التي تواجهونها , وأعرف كل خطوة تخطونها , ولكن ستنجحون في الأيام القادمة ...
تخرج مع مرافقتها إلى الأسواق وتميز العطور ورائحة الأطعمة ,,,
تدرك حقيقة ان الجنس البشري كائن ضعيف ,,
كما تدرك أن ذاتها ليست حلما ..
ويعاد احساسها بالألم من جديد وتموت مرافقتها بولي ,,
وتعيش وحيدة في الثمانين من عمرها ,,
وتكتب قائلة :
أن المراقبين لحياتي يرثون لحالي ولكن ذلك يعود لأنهم لا يرون الحجرة الذهبية التي أعيش بها ,,
فالطريق يبدو مظلما ولكنني أحمل مصباحا سريا في قلبي ...
مصباح سري في قلبي ,,
إذن أخوتي هذا هو السر الذي تستطيع به أن تحطم كل قيود الدنيا ,,
إنه مفتاح الأبواب المغلقة في وجهك ,,
وأنت أخي المسلم الذي تجتر أحزانك ,, وتندب حظك ,, وتتسخط على قضاء ربك ,,
ألا تشعل مصباح الإيمان في قلبك ,, ليشع نورا يمزق من دربك كل ظلمة ,, ويزيل من أمامك كل عائق لإشراق الحياة ؟؟
حينها لن تكون ميتا في الحياة ,, فالميت هو من تعمل حواسه وقلبه مظلم ,,
فاتساع العالم من حولك ينبع من داخلك ,, فكم عاجزاً كان منارة للآخرين يضئ لهم ظلمته ,,
وكم سليما كان عائقا يضيق على الخلق طريقهم ...
**مصباحٌ سري في قلبي**
