الموضوعة في العلم والعلماء :
حديث : ( إذا كان يوم القيامة وضعت منابر من ذهب , عليها قباب من فضة , مفضضة بالدر والياقوت والزمرد مكللة بالديباج والسندس والإستبرق , ثم ينادي منادي الرحمن : أين من حمل إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم علمًا يحمله إليهم يريد به وجه الله ؟ اجلسوا عليها ثم ادخلوا الجنة ) . رواه الدارقطني عن ابن عمر مرفوعًا وفي إسناده كذاب .
ومنها حديث : ( خير الناس المعلمون , كلما خلق ( مثلث اللام ومعناه بلي ) جدَّدوه , أعطوهم ولا تستأجروهم فتخرجوهم , فإن المعلم إذا قال للصبي : بسم الله الرحمن الرحيم فقال الصبي : بسم الله الرحمن الرحيم ؛ كتب الله براءةً للصبي وبراءةً لوالديه وبراءةً للمعلم من النار ) . وهو موضوع .
ومنها حديث : ( اللهم اغفر للمعلمين , وأطل أعمارهم , وبارك لهم في كسبهم ) رواه الخطيب عن ابن عباس وهو موضوع .
ومنها حديث : ( اللهم اغفر للمعلمين لا يذهب القرآن وأعز العلماء لا يذهب الدين ) . وهو موضوع .
ومنها حديث : ( من علم عبدًا آية من الكتاب فهو له عبد ) قال الحافظ ابن تيمية : هو موضوع , وقد رواه الطبراني .
ومنها حديث : ( الأنبياء قادة , والفقهاء سادة , ومجالستهم زيادة ) قال الصغاني : موضوع , ونقول : إنه زاد في مدح الفقهاء على مدح الأنبياء , وظاهره أن الواضع يريد المشتغلين بعلم الأحكام الظاهرة , ولم يكن يسمى هذا فقهًا في العصر الأول كما أنه لم يكن يومئذ في المسلمين صنف يلقبون بالفقهاء .
ومنها حديث : ( سأل النبي صلى الله عليه وسلم سائل عن علم الباطن : ما هو ؟ فقال : سألت جبريل عنه , فقال : يقول الله : هو بيني وبين أحبائي وأوليائي وأصفيائي أودعه في قلوبهم , لا يطلع عليه أحد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ) .
ذكره في الذيل عن حذيفة مرفوعا . قال الحافظ ابن حجر : هو موضوع . ونقول : إن فيه من الضلالة أن الله يهب لهؤلاء الأولياء المعارف التي لا يهبها للأنبياء والملائكة على الإطلاق , والظاهر أن واضعه من مشايخ الطريق الدجالين .
ومنها حديث : ( من خرج في طلب العلم ؛ حفته الملائكة بأجنحتها , وصلت عليه الطير في السماء والحيتان في البحار , ونزل في السماء منازل سبعين من الشهداء ) . قالوا : في إسناده كذاب .
ومنها حديث : ( من تعلم بابًا من العلم ليعلمه الناس ابتغاء وجه الله ؛ أعطاه الله أجر سبعين نبيًّا ) . قالوا : في إسناده متروك . ونقول : قاتل الله أمثال هذا الواضع , فإنهم لم يزاحموا إلا الأنبياء عليهم السلام .
ومنها حديث : ( إن أهل الجنة ليحتاجون إلى العلماء ) إلخ ما هو مذكور في الإحياء وغيره , قال الحافظ الذهبي في الميزان : إنه موضوع .
ومنها حديث : ( طلب العلم ساعة خير من قيام ليلة , وطلب العلم يومًا خير من عبادة ثلاثة أشهر ) . في إسناده كذاب , وكأنه أراد أن يعتذر عن عدم عبادته .
ومنها حديث : ( إذا جلس المتعلم بين يدي المعلم ؛ فتح الله عليه سبعين بابًا من الرحمة ) إلخ , وهو موضوع . ومنها حديث : ( من زار العلماء فقد زارني ، ومن صافح العلماء فقد صافحني ، ومن جالس العلماء فكأنما جالسني ، ومن جالسني في الدنيا أجلس إليّ يوم القيامة ) في إسناده كذاب .
ومنها حديث : ( الشيخ في قومه كالنبي في أمته ) . جزم ابن حجر وغيره بأنه موضوع . ومنها الحديث المشهور الذي يعلقه كثير من العلماء فوق رؤوسهم بالخط العريض تنبيهًا للناس على علو مقامهم وهو : ( علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل ) . قال ابن بحر الزركشي : لا أصل له .
ومنها حديث : ( من أراد أن يؤتيه الله علمًا بغير تعلم وهدى بغير هداية فليزهد في الدنيا ) . قال في المختصر : لم يوجد , ونقول : إنه مناقض للواقع وللحديث المعقول وهو ( العلم بالتعلّم والحلم بالتحلم ) .
ومنها حديث : ( الصلاة خلف العالم بأربعة آلاف وأربعمائة وأربعين صلاة ) . قالوا : وهو حديث باطل . ونقول : كأن واضعه كان يصلي إمامًا وأحب أن يجذب إليه الناس لأنه يلبس لباس العلماء فويل لمثله من المصلين .
ومنها حديث : ( إن لم يكن العلماء أولياء فليس لي وليٌّ ) . قال في المقاصد : لا أعرفه حديثًا , وروي بلفظ : ( إن لم يكن الفقهاء أولياء الله في الآخرة فما لله ولي ) .
نقول كما قلنا من قبل : إن لفظ ولي وأولياء بالمعنى الذي يفهمه الناس من هذا القول لم يكن مستعملاً في عصر النبي صلى الله عليه وسلم , وإنما كان اللفظ يستعمل في معناه اللغوي وهو الناصر والمُوالي , ونزيد الآن أنه لما حدث في المسلمين الاعتقاد بأن في الناس صنفًا يسمّون الأولياء لهم شئون غيبية , ووظائف في الدولة ال******ة , وتصرفات في العوالم العلوية والسفلية , وكان من علامتهم عندهم إظهار التقشف والزهد في الدنيا وزيادة عبادات في الدين وغير ذلك - كبر هذا الاعتقاد على العلماء , فمنهم من قاومه بالطرق العلمية كما يليق بالعلماء , ومنهم من حسد الصوفية والمتصوفة الذين تخصهم العامة بهذا الاعتقاد , فآذوا الصادق منهم والكاذب والصالح والمنافق , ثم حاولوا إقناع الناس بأنهم هم الأولياء فوضعوا لهم مثل هذا الحديث الآتي . ولا شك أن العلماء العاملين هم أولياء الله وأنصار دينه .
ومنها حديث : ( حضور مجلس عالم أفضل من صلاة ألف عابد ) . ذكره ابن الجوزي في الموضوعات . وفي معناه أحاديث كثيرة اعتنوا بها وأكثروا من تناقلها فكثرت رواتها حتى اغتر بعض المحدثين فقال : إنها ضعيفة غير موضوعة .
منها حديث : ( ما عند الله شيء أفضل من فقه في دين , وفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد , ولكل شيء عماد , وعماد هذا الدين الفقه ) .
ولا تغتر بقول المختصر أو المقاصد : إن أسانيد الحديث ضعيفة فحسبك عبارته دليلاً على أن وضعه كان بعدما تنوعت العلوم الدينية في الملة , وصارت العناية منصرفة إلى ما سموه ( علم الفقه ) , وهو علم الأحكام الظاهرية التي تنافسوا فيها وأكثروا من التأليف ابتغاء المناصب والتقرب إلى الأمراء والسلاطين كما أوضحه الإمام حجة الإسلام الغزالي رحمه الله تعالى . وينقل عنه أنه بعدما تصوف وانتهى إلى مقام الكمال أراد أن يحرق جميع كتبه التي ألفها في الفقه , ولكنها كانت انتشرت في الناس وقال : إننا ألفناها لغير الله , ويحكى أن بعضهم قال له : ( فأبقها لله ) , وقد أوضحنا غير مرة أن الفقه بهذا المعنى هو أقل ما في الدين ولذلك لم يحتفل به القرآن , ولم يرد منه في السنة الصحيحة أيضًا إلا القليل ولكنهم اعتنوا بجمعه فكثر .
وإنما عماد الدين وقوامه هو الاعتقاد الصحيح وتطهير العقول من لوث الخرافات والأوهام وتزكية النفوس من أدران الرذائل والآثام لتكون أهلاً للقرب من الله تعالى ومجاورة ال******ين في الملكوت الأعلى ومقام القدس الأسمى .
وما وضعت الشريعة القواعد العامة لأحكام التشريع التي يسمّونها فقهًا إلا لتكون كاملة لا يحتاج الآخذون بها في مدنيتهم التي يمنحها إياهم دينهم إلى قوانين الأمم الأخرى , ولا يقاسون العناء في تعريبها وتطبيقها على مصالحهم , ولتكون أحكام القوانين باستنادها على أصول الدين مسلطة على الضمائر . وحاكمة على السرائر . لا على مجرد الظواهر . فيكون صلاح حال الناس بها أكمل , ومراعاتهم لها أتم .
ولولا ذلك لَمَا بَعُدَ أن يبيح النبي للمسلمين أن يأخذوا بأي قانون في أمور الدنيا لأن المقصود الأهم من الدين وراء هذه الظواهر , ألا ترى أن من أصول الشريعة تحكيم العُرف ، واعتبرْ بحديث البخاري : ( أنتم أعلم بأمور دنياكم ) وقد سبح بنا القلم في موضوع كان يجب أن يكتب فيه بالاستقلال . ومنها حديث : ( إذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدّها شيء إلى يوم القيامة ) لم يثبت وقيل : إنه من كلام علي كرم الله وجهه , ولا أراه صحيح النسب إليه إذ معناه غير صحيح , لأن موت العالم ثلمة يسدها وجود عالم آخر مثله أو خير منه والإسلام إسلام .
ومنها حديث : ( النظر إلى وجه العالم عبادة ) . رواه الديلمي بلا سند وهو كما ترى .
ومنها حديث : ( مداد العلماء أفضل من دام الشهداء ) . قال في المقاصد : هو من قول الحسن البصري . ورواه ابن عبد البر عن أبي الدرداء مرفوعًا بلفظ : ( يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودم الشهداء ) وروى الخطيب عن ابن عمر : ( وزن حبر العلماء بدم الشهداء فرجح عليهم ) , وفي إسناده متهم بالوضع وروى لفظه من رواه : ( دواة عالم أحب إلى الله من عرق مائة ثوب شهيد ) قال في الذيل : موضوع . والاعتبار فيه كما في حديث الأولياء .
ومنها حديث : ( صرير الأقلام عند الأحاديث يعدل عند الله التكبير ... ) إلخ قال في الميزان : هذا باطل .