المعالجة النفسية عبر التاريخ ( 2 )
التداوي بالسحر عند قدماء المصريين : -
إذا ما تطلعنا إلى النصوص التاريخية التي تتحدث عن التداوي عند قدماء المصريين نلاحظ أن أول ساحر مصري كان ( امحُتِب ) رئيس مهندسي في عصر الملك ( زُوسِر ) أحد ملوك الأسرة الثالثـة المصرية التي يرجع تاريخها إلى القرن التاسع والعشرين قبل الميلاد .
ومن المؤكد إن امحتب هذا قد اشتغل بالطب النفسي ، ومعالجة المصابين بالأمراض العقلية والعصبية ، وحتى الجسدية ، بمهارة فائقة جعلت شهرته تعم الآفاق فيأتيه المصابين من كافة الآفاق والأمصار . ويعني اسمه: ( من يأتي في سلام ) ، وهذا يدلنا على مقدار تأثيره في نفوس المرضى . ولقد لقب بعدة ألقاب شرفية عالية منها : ( صاحب الأسرار ) و ( حامي الأطباء ) و ( منبع الفضيلة ) و ( حامي الملاحين ) . وكل هذه الألقاب الشرفية الرفيعة ليست سوى دلالة واضحة على منزلته في قلوب الشعب المصري لما كان يقدمه من خدمات علاجية ، ونصائح وإرشادات صحية ، ولما له من أسبقية ومهارة في مهنة الطب ، مما دفع أطباء عصره إلى محاولة تنصيبه إلها للطب في تلك الأيام .
ولم يكن امحتب الطبيب الوحيد المصري الذي نبغ في العصور القديمة ، بل جاء بعده جماعة من مهرة الأطباء الذين طوروا هذه المهنة وركزوا أسسها حتى اعترف العالم الحديث بأن علم الطب ظهر لأول مرة في وادي النيل .
المعالجة بالسحر عند البابليين :-
ومما يروى في كتب التاريخ إن أهل بابل كانوا يردون جميع الإصابات والأمراض إلى تأثير الشياطين أو الأرواح الشريرة على جسد الإنسان المريض الذي يقع نتيجة لأفعاله الشريرة، وأما بتأثير بعض السحرة الذين يكنون له الخصومة والعداء.
وقد كانوا يعتقدون أن هناك أرواحا خبيثة من أنواع شتى تنتهز الفرص لإلحاق الأذى بأبناء البشرية، وإن لكل مرض شيطانا خاصا، كأن من الشياطين أخصائيين في إحداث الإصابات، كما إن من الأطباء أخصائيين في مداواتها .
وكان الكهنة أو رجال الدين يتولون المعالجة عن طريق التسلط على تلك الأرواح الشريرة وإبطال تأثيرها في المرض بالابتهالات ، والرقي ، والعزائم . وكان على الكاهن الماهر أن ينادي الروح المؤثرة باسمها ليتمكن من السيطرة عليها وإبطال تأثيرها ، والقضاء على فعلها في جسم المرض ، أو ليتمكن من إبطال تأثير الساحر الذي سلطها على المريض ، وبذلك تتم المعالجة والتداوي .
ومن أغرب ما كان يتبع في المعالجة أن الساحر بعد أن يتوصل إلى السيطرة التامة على الروح الشريرة المؤثرة يحولها إلى مادة محسة ثم يقضي عليها ، كأن يحولها إلى إناء فيه ماء ، ثم يكسر الإناء ويحطمه أمام المريض فيراق ما به من ماء ، أو يحولها إلى تمثال من الخزف يربطه بجسم المريض ثم يرفعه عنه بعد فترة يحددها بالذات ، أو إلى جسم خنزير يوضع فوق جسم المريض ، ثم يرفعه عنه ويقذف به خارج المنزل . ومما يروى عن أطباء بابل إنهم كانوا يتبعون في مداواة عقدة اللسان أو إلتواء الأمعاء ، أن يؤتي بحبل عقدت فيه عدة عقد ثم يحلها الساحر الذي هو الطبيب المعالج واحدة واحدة ، وهو يعزم ويتمتم ، ويلمس المكان المصاب بيده كعادة المشعوذين في هذه الأيام .
ومن المؤكد أن البابليون قد برعوا في التنجيم ، وكانت لهم فيه الريادة ، واعتقدوا أن لحركات الشمس والقمر والنجوم تأثيرا في حياة أبناء البشر ، ولذا كانوا في ذلك أقدم من اليونانيين وضعي علم الفلك ، ومعلمي أطباء العقول والأعصاب الذين قالوا بوجود علاقة بين المرض العقلي وحركات الأفلاك ، وعلى رأس هؤلاء الأطباء ( باراسيلوس ) الذي قرر أن الطبيب الذي لاعلم له بعلم الفلك ليس بمقدوره أن يعرف أسباب العلل والأمراض التي تنتاب أبناء البشرية ولا كيفية علاجها ، وان الحياة كلها صدرت عن الكواكب ، وان الشمس هي المسيطرة على الرأس ، والقمر هو المسيطر على المخ ، والمشتري هو المسيطر على الكبد ، وزحل هو المسيطر على الرئتين ، والمريخ هو المسيطر على الصفراء ، والزهرة هي المسيطرة على الظهر ، وان للمغناطيس تأثيرا على الأمراض . وقد شاعت هذه التعاليم حتى شملت الكون ، قبل قرون المسيحية الأولى وفي أيام العرب ، ولا تزال لها بقايا في عصرنا الحاضر . وللحديث بقية ............
من كتاب ( في سبيل موسوعة نفسية عرض وتقديم الدكتور مصطفى غالب )
المعالجة النفسية عبر التاريخ ( 2 ) !!!
شكرا" على النقل المفيد
لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى ) 
