*((( الأمر بصلة الرحم وإن كانت كافرة )))*
🔳 عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت : قدمت على أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : قدمت على أمي وهي راغبة ، أفأصل أمي ؟ قال :
**** نعم صلي أمك **** .
[ رواه البخاري ومسلم ].
▫قال الإمام العلاّمة ابن عثيمين رحمه الله :
وقولها : ( وهي راغبة ) قال بعض العلماء معناه : وهي راغبة في الإسلام ؛ فيكون الأمر بصلتها من أجل تأليفها على الإسلام ، وقيل : بل معنى قولها : وهي راغبة في أن أصلها ، ومتطلعة إلى ذلك ، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تصلها ، ✔وهذا هو الأقرب أنها جاءت تتشوق وتتطلع إلى أن تعطيها ابنتها ما شاء الله .
✔ففي هذا دليل على أن الإنسان يصل أقاربه ولو كانوا على غير الإسلام ؛ لأن لهم حق القرابة ، ويدل لهذا قوله تعالى في سورة لقمان **** وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً **** [لقمان 15] ، يعني إن أمرك والداك وألحا في الطلب على أن تشرك بالله فلا تطعهما ؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ولكن صاحبهما في الدنيا معروفاً ، ✔أي أعطهم من الدنيا ما يجب لهم من الصلة ، ولو كانا كافرين أو فاسقين ؛ لأن لهما حق القرابة ...
(شرح رياض الصالحين 2/ 114)
▫قال الإمام الخطابي رحمه الله:
الرَّحِم الْكَافِرَة : تُوصَلُ مِنَ الْمَالِ وَنَحْوِهِ ، كَمَا تُوصَلُ الْمُسْلِمَةُ .
(فتح الباري 5 / 234).
▪فإن قيل : فقد نهى الله تعالى عن موادة من حاد الله ورسوله ؟
▫قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
ثُمَّ الْبِرُّ وَالصِّلَةُ وَالْإِحْسَانُ : لَا يَسْتَلْزِمُ التَّحَابُبَ وَالتَّوَادُدَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : **** لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يوادون من حاد الله وَرَسُوله **** الْآيَةَ" .
(فتح الباري 5/ 233).
▫قال الإمام العلاّمة ابن القيّم رحمه الله :
✔والذي يقوم عليه الدليل : وجوب الإنفاق ، وإن اختلف الدينان ، لقوله تعالى : **** ووصينا الإنسان بوالديه حسنا **** [العنكبوت: 8] ، **** وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا **** [لقمان: 15] ، وليس من الإحسان ولا من المعروف ، ترك أبيه وأمه في غاية الضرورة والفاقة، وهو في غاية الغنى !!
✔وقد ذم الله - تبارك وتعالى - قاطعي الرحم ، وعظم قطيعتها، وأوجب حقها وإن كانت كافرة، قال تعالى: **** واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام **** [النساء: 1] ، وقال تعالى: **** والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل **** [الرعد: 25] ، وفي الحديث: (( لا يدخل الجنة قاطع رحم )) ، (( والرحم معلقة بساق العرش تقول: يا رب، صل من وصلني، واقطع من قطعني ))......
✔وقد جعل الله للقرابة حقا - وإن كانت كافرة - فالكفر لا يسقط حقوقها في الدنيا، قال الله تعالى: **** واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم **** [النساء: 36] . وكل من ذكر في هذه الآية فحقه واجب ، وإن كان كافرا ......
✔والله - سبحانه وتعالى - حرم قطيعة الرحم ، وإن كانت كافرة ؛ وتركُ رحمه يموت جوعا، وعطشا، وهو من أغنى الناس ، وأقدرهم على دفع ضرورته : أعظم قطيعة " . (أحكام أهل الذمة 2/ 792).