8- الطواف حول الأضرحة:
وهذه من البدع المنكرة وشرع لمن يأذن به الله وهذه نتيجة طبيعية لكل من استحدث في دين الله، أو عبد الله بغير ما شرع الله فإنه لا يقف عند حد بل يظل به الهوى والشيطان حتى يرديه في هواية الشرك أو الابتداع فلما دخلت القبور المساجد بدأ الدعاء عندها ثم التوسل بها ثم دعاءها من دون الله ثم الطواف بها وهذا لا يجوز شرعاً.
فلا ينبغي لمسلم أو مسلمة أن يطوف إلا بالبيت الحرام
قال الإمام ابن الحاج – رحمه الله – في كتابة المدخل:
تري من لا علم عنده يطوف بالقبر الشريف كما يطوف بالكعبة ويتمسح به ويقبله يقصدون به التبرك
وذلك كله من البدع،لأن التبرك إنما هو بالأتباع له – علية الصلاة والسلام- وما كان سبب عبادة الجاهلين للأصنام إلا من هذا الباب.
وقد وجه سؤال إلي اللجنة الدائمة للإفتاء رقم ( 5000) بتاريخ 13/10/1402هـ وفيه :
ما حكم الاستعانة بقبور الأولياء والطواف بها، والتبرك بأحجارها والنذر لهم والإظلال علي قبورهم، واتخاذهم وسيلة عند الله؟
الجواب:
الاستعانة بقبور الأولياء أو النذر لهم واتخاذهم وسطاء عند الله بطلب ذلك منهم شرك أكبر، مخرج من الملة الإسلامية، موجب للخلود في النار لمن مات عليه
أما الطواف بالقبور والتبرك بأحجارها أو تظليلها فبدعة يحرم فعلها ووسيلة عظمي لعبادة أهلها من دون الله ، وقد تكون شركاً إذا قصد أن الميت بذلك يجلب له نفعاًً أو يرفع عنه ضراً أو قصد بالطواف التقرب إلي الميت. أهـ
يقول الشيخ حافظ حكمي- رحمه الله – في سلم الوصول:
هذا ومن أعمال أهل الشرك ... من غير ما تردد أو شــك
ما يقصد الجهال من تعظيم... ما لم يأذن الله بأن يعــظما
كمن يلذ ببقعة أو حــجر .... أو قبر ميت أو ببعض الشجر
متـخذاً لذلك الـمـكـان ... عيداً كفعل عابـدي الأوثـان
9- التوسل إلي الله تعالي بالأموات:
بعض النساء هداهن الله تتوسل إلي الله بغير ما شرع الله فتدعو الأموات وتقول يا سيدي فلان أو نبي الله أو يا رسول الله ، يا سيدة زينب أو أسألك بجاه النبي كذا أو يذهبون إلي قبر الولي أو النبي ويتوسلون به إلي الله فيقولون سل لي ربك أن يهديني أو استغفر الله لي وغير ذلك من الأمور التي ليست من الدين في شيء ولقد أمر الله أن نبتغي إليه الوسيلة فقال تعالي:
**يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ **( سورة المائدة: 35)
ومعني ابتغوا إليه الوسيلة: أي اطلبوا القربة إليه بالعمل بما يرضيه
وقال تعالي: ** أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ** ( سورة الإسراء: 57)
ومعني يبتغون إلي ربهم الوسيلة: أي يطلبون ما يتقربون به إلي الله تعالي من الأعمال الصالحة.
قال الألباني – رحمه الله - :
إذا أردنا التقرب إلي الله بالأعمال الصالحة فإن الله لم يترك تحديدها إلي عقولنا وأذواقنا لأنها حينذاك ستختلف وتتباين وستضطرب ولهذا كان الواجب علينا حتى نعرف الوسائل المشروعة أن نرجع إلي ما شرعه الله- سبحانه وتعالي- وبينه رسوله يعني ـ الكتاب والسنة ـ وهذا الذي وصانا به الرسول
فقد أخرج الإمام مالك أن النبي قال:
" تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة رسوله".
فهذا أوان الشروع في بيان التوسل المشروع.
أنواع التوسل المشروع:
1- التوسل إلي الله تعالي بأسمائه الحسني وصفاته العليا :
ودليل ذلك: قوله تعالي: ** وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ** ( سورة الأعراف: 180)
أي أدعو الله تعالي- متوسلين إليه بأسمائه الحسني- ولا شك أن الصفات العليا داخلة في هذا الطلب.
- أخرج الإمام أحمد من حديث بريدة بن حصيب – - قال:
"سمع النبي رجلاً يقول: اللهم إني أسألك بأنني أشهد أنك الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد فقال: قد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا سُئل به أعطي وإذا دُعي به أجاب ."
- وأخرج الإمام أحمد أيضاً أن النبي قال:
"من كثر همه فليقل: ".
- كذلك أخرج الترمذي من حديث أنس أن النبي كان اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك، عدل في قضاء ك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همة وحزنه وأبدله مكانة فرحاًيقول:
" يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث"
وكذلك لو قال قائل : اللهم إني أسألك بأسمائك الحسني وصفاتك العلي جاز ذلك
2- التوسل إلي الله تعالي بالإيمان به وبرسوله:
ودليل ذلك :
- قوله تعالي:** الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ **
( سورة آل عمران:16)
- وقوله تعالي:** رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ **( سورة آل عمران: 53)
وكذلك لو قال قائل : اللهم إني آمنت بك وبرسولك فاغفر لي أو وفقني جاز ذلك
سؤال: هل يجوز للإنسان أن يتوسل بجاه النبي ؟
يجيب عن هذا فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله – كما في المناهي اللفظية ص 36
حيث قال رحمه الله:
التوسل بجاه النبي ليس بجائز علي الراجع من قول أهل العلم ، فيحرم التوسل بجاه النبي فلا يقول الإنسان : اللهم إني أسألك بجاه نبيك كذا وكذا
وذلك لأن الوسيلة لا تكون وسيلة إلا إذا كان لها أثر في حصول المقصود ، وجاه النبي بالنسبة للداعي ليس له أثر في حصول المقصود وإذا لم يكن له أثر لم يكن سبباً صحيحاً له أثر في حصول المطلوب ، فجاه النبي هو ما يختص به النبي وحده ، وهو مما يكون منقبة له وحده ،
أما نحن فلسنا ننتفع بذلك ، وإنما ننتفع بالإيمان بالرسول ومحبته ، وما أيسر الأمر علي الداعي إذا قال: اللهم إني أسألك بإيماني بك وبرسولك كذا وكذا ، بدلاً من أن يقول : أسألك بجاه نبيك
ومن نعمة الله – عز وجل- ورحمته بنا أنه لا يسد باب من الأبواب المحظورة إلا وأمام الإنسان أبواب كثيرة من الأبواب المباحة والحمد لله رب العالمين" أ هـ.
3- التوسل بالعمل الصالح:
ودليل ذلك قصة الثلاثة نفر الذين دخلوا الغار أو أطبقت عليهم الصخرة فدعا كل منهم بصالح عمله ففرج الله همهم وأزال كربهم وخرجوا من الغار
والقصة عند البخاري وفيها أن النبي قال :" بينما ثلاثة نفر يمشون أخذهم المطر، فأووا إلى غار في جبل، فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل فانطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالا عملتموها صالحة لله، فادعوا الله بها لعله يفرجها عنكم، قال
أحدهم: اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران، ولي صبية صغار، كنت أرعى عليهم، فإذا رحت عليهم حلبت، فبدأت بوالدي أسقيهما قبل بني، وإني استأخرت ذات يوم، فلم آت حتى أمسيت، فوجدتهما ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فقمت عند رء وسهما، أكره أن أوقظهما، وأكره أن أسقي الصبية، والصبية يتضاغون عند قدمي حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلته ابتغاء وجهك فافرج لنا فرجة نرى منها السماء، ففرج الله فرأوا السماء.
وقال الآخر : اللهم إنها كانت لي بنت عم، أحببتها كأشد ما يحب الرجال النساء، فطلبت منها فأبت حتى أتيتها بمائة دينار، فسعيت حتى جمعتها، فلما قعدت بين رجليها قالت: يا عبد الله اتق الله ولا تفتح الخاتم إلا بحقه، فقمت، فإن كنت تعلم أني فعلته ابتغاء وجهك فافرج عنا فرجة، ففرج.
وقال الثالث: اللهم إني استأجرت أجيرا يعزق أرزاً، فلما قضى عمله قال: أعطني حقي، فعرضت عليه فرغب عنه، فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقرا وراعيها، فجاءني فقال: اتق الله ولا تظلمني وأعطني حق، فقلت: اذهب إلى ذلك البقر وراعيها فخذه، فقال: اتق الله ولا تستهزئ بي، فقلت: إني لا أستهزئ بك فخذه، فأخذه، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فأفرج ما بقي ففرج الله عنهم"
4- التوسل إلي الله – ()– بدعاء الصالحين:
قال الألباني – رحمه الله -: كأن يقع المسلم في ضيق شديد أو تحل به مصيبة كبيرة ويعلم من نفسه التفريط في جنب الله تعالي فيحب أن يأخذ بسبب قوي إلي الله فيذهب إلي رجل يعتقد فيه الصلاح والتقوى والفضل والعلم بالكتاب والسنة فيطلب منه أن يدعو له ربه ليفرج عنه كربه ويزيل عنه همة فهذا نوع آخر من التوسل المشروع دلت عليه الشريعة المطهرة وأرشدت إليه
فقد أخرج البخاري عن أنس بن مالك – رضي الله عنه -:
" أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه ـ كان إذا قحطوا استسقي بالعباس بن عبد المطلب فقال:
اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقنا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ، قال: فيسقون"