[أبو عبد الرحمن اليوسف]

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الكريم الفاضل: ( أبا هريرة الأثري ) حفظه ربي ورعاه ..

أما بعد : فاختيارك لهذا الموضوع ، وتنبيهك عليه دال على اهتمامك بالنصح لأمتك وإخوانك المسلمين .. فجزاك الله كل خير ..

والمراد التنبيه عليه مشاركةً منا لك في الأجر والثواب : أنَّ الحديثين المذكورين لا يصحان نسبةً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك للضعف في سنديهما ، كما نبه على ذلك جمع من أئمة الحديث ، ومنهم : الحافظ في الفتح ، والذهبي في ميزان الاعتدال ، ابن القيسراني في الذخيرة ، وابن عدي في الكامل ، والهيثمي في مجمع الزوائد ، والألباني في السلسلة الضعيفة .. وغيرهم .

ومن الأحاديث الواردة في نفس الباب ولا تصح :

- (( ادفنوا دماءكم وأشعاركم وأظافركم،لا تلعب بها السحرة )).
الحديث:موضوع.انظر:السلسلة الضعيفة: ( رقم2176) .

- (( ادفنه لا يبحث عنه كلب.يعني دم الحجامة )).
الحديث:ضغيف.انظر:السلسلة الضعيفة: (رقم2180).

- (( كان إذا أخذ من شعره،أو قلم أظافره ،أو احتجم بعث به إلى البقيع )) .
الحديث:باطل.انظر:السلسلة : ( رقم 714).

- (( كان يأمر بدفن سبعة أشياء من الإنسان:الشعر،والظفر،والدم،والحيضة،والسن،والعلقة،و المشيمة)).
الحديث:ضعيف.انظر: السلسلة: (رقم2357) .

- (( عن أم سعد امرأة زيد بن ثابت،قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بدفن الدم إذا احتجم )) .
الحديث : إسناده ضعيف جداً.فيه: هياج بن بسطام : ضعيف.وعنبسة بن عبد الرحمن :متروك.ومحمد بن زاذان:متروك.وانظر: الإصابة لابن حجر: (4/456)،ومجمع الزوائد للهيثمي: (5/94) .

أقول:دفن دم الحجامة،أو تغيبه وغيره مما ذكر:قد يكون مطلوباً،أو واجباً،إن كان من باب درء مفاسد السحرة،لما لهم من تسلط على هذه المذكورات،بصناعة السحر منها،أوبها،وقد دل على ذلك عموم أدلة الشريعة القاضية بجلب المصالح وتكثيرها،ودرء المفاسد وتقليلها .

( من كتابي إرشاد الأنام إلى فوائد الاحتجام ) .

فوائد زوائد :

قال ابن قدامة في المغني (1/100) :
( ويستحب دفن ما قلم من أظفاره أو أزال من شعره ، لما روى الخلال بإسناده عن ميل بنت مشرح الاشعرية قالت : (رأيت أبي يقلم أظفاره ويدفنها ويقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك . وعن ابن جريج عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كان يعجبه دفن الدم .
وقال مهنا : سألت أحمد عن الرجل يأخذ من شعره وأظفاره أيدفنه أو يلقيه ؟ قال: يدفنه ، قلت بلغك فيه شيء ؟ قال كان ابن عمر يدفنه .
وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بدفن الشعر والأظفار وقال : لا يتلعب به سحرة بني آدم ) أهـ . قلت : الحديث إسناده ضعيف .

وفي المجموع للنووي: ( نقل عن ابن عمر واتفق عليه أصحابنا) .

وفي الفتح لابن حجر(10/346) قال :

( وفي سؤالات مهنا عن أحمد قلت له يأخذ من شعره وأظفاره أيدفنه أم يلقيه ؟ قال: يدفنه. قلت بلغك فيه شيء؟ قال كان بن عمر يدفنه.
وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم ( أمر بدفن الشعر والأظفار وقال لا يتلعب به سحرة بني آدم ) قلت وهذا الحديث أخرجه البيهقي من حديث وائل بن حجر نحوه .
وقد استحب أصحابنا دفنها لكونها أجزاء من الآدمي والله أعلم ) .

وفي فتاوي محمد بن إبراهيم رحمه الله حينما سئل عن الحكمة من دفن الشعر فقال : ( كقطعة من جسده أو لحمه أو عضو كأنمله أو عضو ثان ينكسر أو ينفصل . . . ووجه ذقنه أنه تبع لجسده ولعموم ** الم نجعل الأرض كفاتاً أحياءً وأمواتاً ** وليسلم من الإمتهان بأكل السباع ، ولئلا يتوصل السحرة ببعض جسده إلى سحره ) .

وفي حاشية الطحاوي على المراقي(2/512 ) :
( وفي الخانية : ينبغي أن يدفن قلامة ظفره ومحلوق شعره وإن رماه فلا بأس .. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بدفن الشعر والظفر وقال : لا تتلعب به سحرة بني آدم ، ولأنهما من أجزاء الآدمي فتحترم ) .


أخي الكريم ( أبا هريرة ) موضوعك رائع وجميل .. وهو مسطر في تضاعيف كتب أئمة الإسلام كما رأيتَ ، وما ذُكر من تنبيه ، لا ينقضُه ؛ بل يزيده جملاً وتأكيداً كما أسلفتُ أعلاه ذكراً ..

نفع الله تعالى بك الإسلام والمسلمين .. وجعلك ربنا القدير جبلاً صامداً في عادية السحرة المجرمين .

محبك الودود : أبو عبد الرحمن اليوسف .