عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 23-06-2005, 10:33 AM   #2
معلومات العضو
CodeR
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي

الذبح للجن:
فالذبح إن لم يكن على نهج الله تعالى فهو على نهج الشيطان، درج السحرة وإخوان الجن والشياطين الذبح بطرق مختلفة لا تتفق مع الشرع، أملاً في نيل رضى الجن وتقربا إليهم واستعاذة بهم، وتناقل الناس تلك الأساليب المخالفة للشرع حتى صارت عادات وتقاليد شركية يظللها الخرافات والجهل، من أمثال ذلك ما اعتاد الناس ذبحه في مواسم الموالد عند الأضرحة والتي تنتشر في ربوع البلاد الإسلامية، ومنها ما يذبح على عتبة البيت بغرض دفع أذى الجن واتقاء لشرورهم، ثم القيام بتزفير باب الشقة والسيارة بطبع الأيادي الملوثة بالدماء على الجدران والأبواب وغيرها، ومن ذلك ما يعرف باسم [الوطوطة] حيث اعتادت النساء ذبح (وطواط) ومسح جسد البنات الصغيرات بدمائه حتى تصير بشرتهن ناعمة ملساء بدون شعر في المستقبل، ونجد في البلاد البحرية ما يعرف بشرب دماء [الترسة] وهى السلحفاة البحرية يذبحونها ثم يشربون دمائها.

ونجد صور استباحة الدماء تختلف وتتنوع، فنجد بعض من يدعون العلاج يقلدون تقليدًا أعمى، ومن صور ذلك أنهم يخرجون الجن من إصبع الممسوس، وذلك بتجميع الجن نفسه في إصبع المريض، ثم يحبس الدم في ذلك الإصبع بالضغط عليه، وبعد ذلك يشك الجلد بدبوس فتنفجر الدماء خارجة معها الجن إلى خارج الجسد، بخلاف استخدام الحجامة بغير نص في ذلك يفيد أن رسول الله r استخدمها في علاج المس و السحر.

أحيانا يطلب الجني من المعالج أن يخرج من الأصابع، باستنزاف دم المريض، و هذه حيلة ذكية من الجني يحتال بها على ضحل الخبرة من باب المماطلة وفي أحسن الأحوال ليتمكن من الخروج من الجسد سليما، فباستنزاف الدم ترتكب جريمة تنفر منها الملائكة وتحجب رحمة الله عن المريض والمعالج، وهنا إما أن يتملعن الجني ولا يخرج مطلقا، وإما أن يخرج سليما معافى عل حساب ما ارتكبه المعالج من وزر، لأن هذه الطريقة بما تحمله من أذى متمثل في سفك الدم المندفع من الجسد، هذا إلى جانب ما يشعر به المريض من وخز وألم، فهي في الحقيقة تعد قربانا للشيطان، فالدم الذي يخرج من الجسد ولو قطرة واحدة بدون مسوغ شرعي يعد سفكًا للدم، فما بالنا لو كان دم مسلم موحد بالله، مع العلم أن تلك الطريقة مأخوذة عن الكنائس حيث يقوم القساوسة بفعلها لإخراج الجن، كما ذكر لي بعض من عالجتهم بعد أن بائت طريقتهم بالفشل تمامًا.

ويذكرنا (سيسرو) أن ملوك الشرق كانوا عندما يرغبون في التحالف يضمون أياديهم اليمنى فيربط إبهاما المتحالفين معا، وتعقد عليهما عقدة وثيقة حتى تنحبس الدماء عند طرفي الإبهامين، ثم يشك طرفا الإصبعين فتندفع منهما الدماء ويمص كل ملك دماء الآخر.

محمد جعفر يقول: (وقديما كان السحر إذا أراد أن يهلك أو يتلف مزروعات أحديعمد إلى ذبح فرخة سوداء عذراء لم (تبيض أبد) ويتلو عليها أثناء ذبحها الأراد والكلمات الشيطانية ويجمع دمها في وعاء خاص منقوش به الرموز والإشارات اللازمة ويقصد إلى الغيط ويرش على كل ركن من أركانه فوق المزروعات قليلا من دم الفرخة فيتلف الزرع في الحال.
أما إذا كان يريد إهلاك البهائم فيأتي بقطة سوداء جربانة أو مريضة ويذبحها ويجفف جلدها لبضعة أيام ثم يرسم على هذا الجلد صور الحيوانات المراد هلاكها إن كانت بقرة أو جاموس..إلخ. وينقش عليها الرموز والعلامات الخاصة ويلقي بها فس حظيرة البهائم في أي جهة كانت بها فلا تنقضي ثلاثة أيام إلا وتنفق جميعها.
وأيضا إذا أراد إصابة شخص بمرض خطير يذبح الساحر فرخة سوداء ويحشوها بشعر وأظافر الشخص المطلوب مرضه ويرمى بها في مجرى ماء راكد حتى تتعفن وتتآكل فيصاب الشخص بالمرض فورا..)

والذبائح الشيطانية التي ترتكب في الزار لعقد الصلح مع الجن وإرضائهم حسب الطلبات الشيطانية، تدفن مخلفات وبقايا تلك الذبائح فيما يعرف بالماينجه ليأكل منها الجن، بغرض أن يجتمعوا حول المكان الذي يعقد فيه الزار.
وفى لسان العرب: ذبائح الجن: أن يشترى الرجل الدار أو يستخرج ماء العين وما أشبه فيذبح لها ذبيحة للطيرة، وفى الحديث: أنه r، نهى عن ذبائح الجن؛ كانوا إذا اشتروا دارًا أو استخرجوا عينًا أو بنوا بنيانًا ذبحوا ذبيحة، مخافة أن تصيبهم الجن فأضيفت الذبائح إليهم لذلك؛ معنى الحديث أنهم يتطيرون إلى هذا الفعل، مخافة أنهم إن لم يذبحوا أو يطعموا أن يصيبهم فيها شيء من الجن يؤذيهم فأبطل النبي r هذا ونهى عنه.

وهذا النوع من الذبح لغير الله صار شائعًا في بلاد المسلمين، وإن لم يربط الناس بين الذبح والجن ظاهرًا، ولكن ما عليه حال الناس يدلك على خوفهم مما يحمله المستقبل من فشل، وعدم التسليم بقضاء الله وقدره، بخلاف خوفهم الدفين من السحر والعكوسات من الإنس والجن، مما يحبط التوكل على الله إلى أدنى الدركات، بحيث ينعدم التوكل تمامًا وينفتح باب الشرك بالله وتكون هذه هي البداية إلى الهاوية.

ولا يجوز أن نمنع النسك لله، لأن الصدقات مأمور بها عند استقبال كل أمور الحياة الدنيا والآخرة قربة لله، وإظهارًا للعبادة والتذلل لله عز وجل، وطلبا للتوفيق وقضاء الحوائج، وبغية نيل الفلاح في الدنيا والآخرة قال تعالى: لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ، وَمَا تُنْفِقُواْ مِن شَىْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ** [آل عمران: 92].

(هذا حث من الله لعباده على الإنفاق في طرق الخيرات فقال (لن تنالوا) أي: تدركوا وتبلغوا البر الذي هو كل خير من أنواع الطاعات وأنواع المثوبات الموصل لصاحبه إلى الجنة، حَتَّى تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ أي من أموالكم النفيسة التي تحبها نفوسكم... ودلت الآية أن العبد بحسب إنفاقه للمحبوبات يكون بره، وأنه ينقص من بره بحسب ما نقص من ذلك).

لا يصح بحال أن نفصل مطلقًا بين النية والكيفية والمقصد، فإذا اختل أحدهم بأن تم على غير أوامر الله والضوابط الشرعية، خرج العمل من دائرة التوحيد، وصار الذبح لغير الله، لأنه استبيحت حرمات الله، وهذا خلاف ما أمر به الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، لا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ المُسلِمِيَنَ [الأنعام: 162،163].

(يأمره الله تعالى أن يخبر المشركين الذين يعبدون غير الله ويذبحون لغير اسمه أنه مخالف لهم في ذلك فإن صلاته لله ونسكه على اسمه وحده لا شريك له وهذا كقوله تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ** [الكوثر: 2] أي أخلص له صلاتك وذبحك فإن المشركين كانوا يعبدون الأصنام ويذبحون لها فأمره الله تعالى بمخالفتهم والانحراف عما هم فيه والإقبال بالقصد والنية والعزم على الإخلاص لله تعالى قال مجاهد في قوله: إِنَّ صَلاتِى وَنُسُكِى النسك الذبح في الحج والعمرة وقال الثوري عن السدى عن سعيد بن جبير (ونسكى) قال ذبحي وكذا قال السدي والضحاك).

(قُل إِنَّ صَلاتِى وَنُسُكِى : أي ذبحي، وذلك لشرف هاتين العبادتين وفضلهما، ودلالتهما على محبة الله تعالى، وإخلاص الدين له، والتقرب إليه بالقلب واللسان والجوارح، وبالذبح الذي هو بذل ما تحبه النفس من المال، لما هو أحب إليها وهو الله تعالى، ومن أخلص في صلاته ونسكه، استلزم ذلك إخلاصه لله في سائر أعماله).

أصول الذبح الشرعى:
إن الأصل في الذبائح هو عدم الحل إلى ذلك أشار جميع من العلماء ... وإن الأصل في ذبائح المسلمين الحل؛ لورود الشريعة المطهرة بهذا إلا إذا طرأ مانع يحرم ذبيحة المسلم، كردة وشرك.
وإنما تحل الذبيحة إذا توفرت لها شروط الذكاة وهى:

1- الذابح: ويعتبر له شرطان: أن يكون مسلمًا أو كتابيا، وأن يكون عاقلا…

2- الآلة: ولها شرطان: الأول: أن تكون محدة تقطع أو تخرق بحدها لا بثقلها. الثاني: أن لا تكون سنًا ولا ظفرًا.

3- محل: وهو الحلق واللبة وهى الوحدة التي بين أصل العنق والصدر، ولا يجوز الذبح في غير هذا المحل بالإجماع وقد روى في حديث عن النبي r أنه قال: (الزكاة في الحلق واللبة) [رواه الدارقطني عن أبى هريرة].
4- ذكر التسمية: فإذا تركت التسمية عمدًا، أو ذكر غير اسم الله حرمت...

5- فعل: وهو قطع المريء والحلقوم، والأكمل قطع الودجين).
فإذا توفرت هذه الشروط حلت الذبيحة، وإذا انعدمت أو انعدم أحدها حرمت الذبيحة.

وهناك حالات محددة غير الذبح قد حرمها الله وهى تخرج عن كونها ذبح إلى كونها ميتة لا يجوز أكلها قال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة: 3]، ثم قال تعالى مفصلاً هذه النوعيات التي تدخل تحت مسمى الميتة لإنها لم تذبح بشروطها قال تعالى: {وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرِدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ [المائدة: 3].

وكل ما خرج عن شيء مما سبق ذكره من حيث النية وقصد التوجه إلى الله عز وجل أو من حيث التزكية وطريقة الذبح وذكر اسم الله عليه ومكان الذبح حيث حرم الله الذبح في الأماكن التي كان يذبح عندها المشركين لقوله تعالى: وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ [المائدة: 3].

(قال مجاهد وابن جريج كانت النصب حجارة حول الكعبة قال ابن جريج وهى ثلاثمائة وستون نصبًا كانت العرب في جاهليتها يذبحون عندها وينضحون ما أقبل منها إلى البيت بدماء تلك الذبائح ويشرحون اللحم ويضعونه على النصب وكذا ذكره غير واحد فنهى الله المؤمنين عن هذا الصنيع وحرم عليهم أكل هذه الذبائح التي فعلت عند النصب حتى ولو كان يذكر عليها اسم الله في الذبح عند النصب من الشرك الذي حرمه الله ورسوله وينبغي أن يحمل هذا على هذا لأنه قد تقدم تحريم ما أهل به لغير الله).

وعن ثابت بن الضحاك رضى الله عنه قال: (نذر رجل أن ينحر إبلا ببوانة، فسأل النبي r، فقال: هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا. قال: فهل كان فيه عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا. فقال رسول الله r: أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم).

فيه المنع من الوفاء بالنذر إذا كان في المكان وثن، ولو بعد زواله.. وفيه استفصال المفتى، والمنع من الوفاء بالنذر بمكان عبد الجاهلية ولو بعد زواله).

قوله: (أوف بنذرك) هذا يدل على أن الذبح لله في المكان الذي يذبح فيه مشركون لغير الله. أي في محل أعيادهم. معصية لأن قوله: (أوف بنذرك) تعقيب للوصف بالحكم بالفاء، وذلك يدل على أن الوصف سبب الحكم، فيكون سبب الأمر بالوفاء خلوه عن هذين الوصفين. فلما قالوا (لا) قال: (أوف بنذرك) (وهذا يقتضي أن كون البقعة مكانا لعيدهم، أو بها وثن من أوثانهم: مانع من الذبح بها ولو نذره). قاله شيخ الإسلام.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: العيد: اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد، عائد: لها بعود السنة، أو بعود الأسبوع، أو الشهر أو نحو ذلك. والمراد به هنا: الاجتماع المعتاد من اجتماع أهل الجاهلية. فالعيد يجمع أمرًا منها: يوم عائد، كيوم الفطر ويوم الجمعة، ومنها: اجتماع فيه، ومنها: أعمال تتبع ذلك من العبادات والعادات. وقد يختص العيد بمكان بعينه، وقد يكون مطلقًا.وكل من هذه الأمور قد يسمى عيدًا. فالزمان كقوله النبي r في يوم الجمعة: (إن هذا يوم قد جعله الله للمسلمين عيدًا). والاجتماع والأعمال كقول ابن العباس: (شهدت العيد مع رسول الله r )؛ والمكان كقول النبي r: (لا تتخذوا قبرى عيدًا) وقد يكون لفظ العيد اسمًا لمجموع اليوم والعمل فيه وهو الغالب، كقول النبي r: (دعهما يا أبا بكر؛ فإنه لكل قوم عيدًا). انتهى.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة