عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 19-06-2009, 09:37 PM   #1
معلومات العضو
( أم عبد الرحمن )
اشراقة ادارة متجددة

Smile الزواج من الأرملة أو المطلقة


بسم الله والحمد لله،
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله ومصطفاه،
وبعـــد:
على بركة الله تعالى أبدأ أولى حلقات هذا المشروع (الاجتماعي الصغير) المتواضع وعلى قدر طاقتي المحدودة مستمداً العون من الله ثم ما يصلني من القراء الكرام فيما يختص بالظواهر الاجتماعية الإيجابية التي هي بحاجة للطرح والإشادة، أو السلبية والتي هي بحاجة للمعالجة عن طريق التوعية بأضرارها، راجياً من الله سبحانه التوفيق والتسديد.


وموضوعنا الذي سنتناوله اليوم هو ظاهرة العزوف عن الزواج من الأرملة أو ا لمطلقة أو التي تكبر سناً

وهذه الظاهرة تعاني منها كثير من الأسر في المجتمعات الإسلامية على امتداد رقعتها إلاّ قليلاً ممن وفقهم الله.
فللأسف أصبحت تسمع أو ترى لدى البعض تحفظاً أو إعراضاً شديداً من أسر بعض الشباب في مسألة الزواج من الأرملة، والمطلقة، والتي تكبره سناً فلو أراد شاب لديه أخت أرملة، أو مطلقة، أو تقدم بها السن من امرأة يماثل ظرفها ظرف أخته لهب أقاربه وبعض من يظهر النصح له بقولهم: تتزوج أرملة أو مطلقة أو التي تكبرك يا فلان أو جننت!!؟

وكأنهم نسوا أو تناسوا أن ابنتهم وزهرة حياتهم تعاني من نفس المشكلة التي أضناهم البحث لها عن حل فما وجدوا وما علموا أن الحل لمشكلة ابنتهم إنما هو بأيديهم بعد الله تعالى وذلك بإتاحتهم الفرصة لابنهم لأن يكون هو سبباً من أسباب علاج هذه الظاهرة إن رغب، فمن المؤكد أنهم إن نووا بذلك إصلاحاً، وتكافلاً، وإحساناً، فإن الله تعالى لن يُضيع سعيهم

قال الله تعالى: «هل جزاء الإحسان إلاّ الإحسان» سورة الرحمن،

وقال صلى الله عليه وسلم «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير» رواه الإمام أحمد والنسائي.

وقال صلى الله عليه وسلم «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى». رواه مسلم.

الأرملة أيها الشاب والمطلقة والمتقدمة في السن، قد تكون في يوم من الأيام هي أختي أو أختك أو ابنتي أو ابنتك، فكيف يا ترى يكون حينئذٍ موقفك!؟ أولست ترغب وقتها في بذل الغالي والنفيس وجميع ما تملك في سبيل إسعادها وأن تراها تعيش هنيئة مسرورة في بيتها حاضنة أبناءها تعيش في كنف زوجها، تربي جيلاً صالحاً يقوم بعبادة ربه ثم يبر والديه ويخدم وطنه وأمته.

ولا أدري من أين تسللت على مجتمعاتنا الإسلامية هذه النظرة الجاحفة في حق هذه الفئة الكريمة من بناتنا اللاتي لم يشأ الله عزّ وجل لهن الاستمرار في حياتهن الزوجية بل في كثير من الأحيان تكون المطلقة ضحية زوج متهور غير مسؤول، أو وشايات المتلذذات والمتطلعات لخراب البيوت وتفكك الأسر أوعانس قد أضاع نصيبها خيالات ومبالغات وأطماع ذويها أو ركضها وراء منصات الشهادات والكراسي الوظيفية لتقف بعد ركضها حائرة وهي تنظر بأم عينها وهي ترى قطار حياتها يمر من أمامها وقد فاتها نصفها الآخر.
إذاً ليس بالضرورة أن يكون للمرأة ذنب أو جريمة فيما تعانيه بل كما ذكرت قد تكون هي ضحية مجتمعها.

والعجيب أن في هذه العصور التي تتسم بالحضارة والتقدم «الدنيوي» فإنك ترى بعض أدعياء التمدن وحقوق الإنسان لا يكادون يولون ذلك اهتماماً بل إن بعضهم قد يعتبر التعامل مع هذه الظاهرة ضرباً من التخلف أو السطحية، وقد كان العرب في الجاهلية رغم شركهم وضلالهم يسارعون بالتزوج من الأرملة والمطلقة معتبرين ذلك من شيم الرجولة ومكارم الأخلاق.

بل إن أفضل الخلق وصفوة الرسل وسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم قد تزوج بخديجة بنت خويلد رضي الله عنها وكانت أرملة وتكبره بخمسة وعشرين سنة

وكانت أول زوجاته وكان لها في نفسه من الحب والتقدير والمكانة ما لا يخفى على أحد، ورغم أن عائشة رضي الله عنها هي أحب النساء إليه فقد كان لا ينسى فضل خديجة ومكانتها حتى بعد موتها، فعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان النبي صلى الله عليه وسلم، إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء، قالت: فغرت يوماً، فقلت ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدق، قد أبدلك الله عزّ وجل بها خيراً منها قال: «ما أبدلني الله عز وجل خيراً منها قد آمنت بي إذ كفر بين الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عزّ وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء» رواه الإمام أحمد.

فانظر رحمك الله إلى أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها كانت أرملة وتكبره سناً ولكنها نصرته صلى الله عليه سلم وصدقته وآوته، وما ذاك إلاَّ لإيمانها وإدراكها وسعة أفقها فهي ليست بالصغيرة المتعجلة وهي التي قالت له عند نزول الوحي عليه: «... كلا واللَّه ما يخزيك اللَّه أبداً إنك لتصل الرحم، وتحمل الكَلَّ، وتكسب المعدوم وتقري الضيف، وتُعين على نوائب الحق» رواه البخاري.

وعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب امرأة من قومه يُقال لها سودة، وكانت مصبية كان لها خمسة صبية أو ستة من بعل لها مات، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يمنعك مني؟ قالت والله يا نبي الله ما يمنعني منك أن لا تكون أحب البرية إلي ولكنني أُكرمك أن يضغوا هؤلاء الصبية عند رأسك بكرة وعشية، قال: فهل منعك مني شيء غير ذلك؟ فقالت لا والله. قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يرحمك الله إن خير نساءٍ ركبنَّّ أعجاز الإبل صالح نساء قريش، أحناهُ على ولدٍ في صغرٍ، وأرعاهُ على بعلٍ بذات يد» رواه احمد

وحسّن إسناده الحافظ ابن حجر في الفتح. وهذا شأنه صلى الله عليه وسلم في زوجاته فقد تزوج صلى الله عليه وسلم بتسع من النساء ما بين أرملة ومطلقة ولم يكن منهن بكراً إلاّ عائشة رضي الله عنها وهذا مما يدل على أن مقاصد الزواج في الشريعة الإسلامية لم يكن فقط القصد منها الاستمتاع واللذة المجردة من معاني التكافل والتضامن الاجتماعي.

ولك أن تتأمل معي عندما يكون واقع نسبة غير قليلة من الزيجات في بعض المجتمعات مصيرها الفشل، قد تصل أحياناً إلى النصف أو الثلث، فهل يرضى المؤمن أن يكون نصف المجتمع أو ثلثه معطل؟!!

اتقوا الله أيها الاباء والأمهات وسهّلوا الزواج لأبنائكم وبناتكم بشتى أصنافهم أعزباً أو مطلقاً من بكر، أو أعزباً من مطلقة أو أرملة من شاب ممن تكبره سناً ... إلخ. ولو عمل العقلاء على ذلك لما وجدنا في المجتمعات امرأة معطلة، ويا ليت دعاة تحرير المرأة الذين أضاعوا حقوقها باسم الدفاع عن حقوقها القائلين إن نصف المجتمع معطل. ويعنون بذلك ضرورة مشاركة المرأة للرجل في ميدان عمله واختلاطها به نقول رويدكم إن أعظم تعطيل للمرأة هو إضاعتها لربيع عمرها وزهرة شبابها ووأدها لعواطفها ومشاعرها والتي تصبو إليها كل أنثى والتي والله لا تستقر ولا تكمن إلاّ الزواج بالطرق المشروعة لا بشيء آخر، وتلك والله هي من «فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيّم ولكن أكثر الناس لا يعلمون» الروم. إن من المؤسف والمحزن أن تبلغ المآسي في بعض المجتمعات أن يصل سن الفتاة الخمسين سنة وهي بكر لم تتزوج وبعض المطلقات والأرامل لا يكون نصيبها من زواجها إلاَّ أياماً قلائل معدودة ثم تعيش باقي عمرها مطلقة أو أرملة أنجبت من زوجها أو لم تنجب، وكأن لسان حال البعض يقول لا حظ للمطلقة والأرملة والعانس من الزواج.

وهذا من الخطأ والخطر والظلم بمكان، أوليست تلك التي وقع عليها قدر الله مخلوقة أوإنسانة ذات أحاسيس ومشاعر يجب ألا تُهمش، أو ليس لهاالحق في الحياة والعيش كما يعيش الآخرون، وهنا أتعجب أين هي الأقلام البراقة التي تدندن دوماً بحقوق المرأة؟ أين خدمتهم لقضاياها الحساسة والتي هذه من أعظمها ومما تعاني منه الكثيرات.

إن أعظم قضية للمرأة يجب الدفاع عنها وعن استقرارها هي كونها يجب أن تكون ربة صالحة للأسرة، وزوجة ترتقي بمستوى المسؤولية، وأماً مربية ناضجة تُعد أجيالاً يشرّف الأمة انتسابهم لها، وقد بلغ قدر المرأة ومكانتها في الإسلام مبلغاً عظيماً فقد حفظ لها جميع حقوقها حتى إنه ضمن لها ان تتمتع بنصيبها وحقها العاطفي الأسري بل جعل الله ذلك من آياته فقال «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون» الروم،

إن المساواة الحقيقية والمشروعة بين الرجل والمرأة هي في أنها مخلوق مثله لها الحق في أن تعيش كما يعيش الرجل وتنعم كما ينعم الرجل وتسعد وتتمتع بنعم الله كما يتمتع الرجل في ظل الضوابط الشرعية لا أن تُهمل قضاياها الحساسة وتُهضم حقوقها، وتُلغى مشاعرها قال تعالى «ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة» البقرة، والتي من أهمها بعد عبادة الله تعالى أن تكون أماً وزوجة صالحة تشارك في نهضة مجتمعها بإعداد جيل مؤمن صالح محافظٍ على دينه ومكتسبات وطنه. لا أن تُصرف عن ذلك الهدف النبيل إلى ما لا يتناسب مع خلقتها وتركيبتها الأنثوية وخاصيتها الإسلامية وما لا تحسن تأديته.

وقد بلغ قدر المرأة ومكانتها في الإسلام وعدم تهميش حقها أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا إذا ترملت امرأة الغازي في سبيل الله أوطلّقت امرأة لا يدعونها هكذا معطلة؟

بل كانوا يسارعون إلى الزواج منها بغية كفالتها وصيانتها وكسب الثواب من الله عز وجل حتى إن إحداهن لم تمكث أرملة إلاّ ليالي حيث كانت ذات حمل فمات زوجها فوضعت حملها وانقضت عدتها بوضعها حملها فتزوجها أحد الصحابة رضي الله عنه، وكان شاباً. والقصة في الصحيحين.

فيا له من مجتمع ضرب أروع الأمثلة وأزكاها في صورة من صور التكافل الاجتماعي والتراحم الذي قل أن تجد له نظيراً فماذا هي يا تُرى نظرة البعض إلى مثل هذه المرأة إذا كانت في عصرنا؟ هل سيقدرون لها موقفها هذا المُتعقل أم سينالون منها بألسنتهم الحداد التي لم يكد يسلم منها أحد إلا من رحم الله.

وأختتم هذا المقال الذي أسأل الله عزّ وجل أن يكون خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به من شاء من عباده ببعض فوائد الزواج من (الأرملة، والمطلقة، والعانس وكبيرة السن):

1 فضل الزواج من الأرملة:

فيه فضائل كثيرة منها: أن في الزواج بها طريقاً لكفالة يتيمها إن كانت ذات ابن أو بنت وفي فضل كفالة اليتيم يقول صلى الله عليه وسلم «أنا وكافل اليتيم في الجنة كهذا وأشار بالسبابة والوسطى، وفرّجَ بينهما» رواه البخاري. ومن فضائل ذلك نيل أجر السعي على الأرملة والمسكين فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه

وسلم «الساعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله وأحسبه قال وكالقائم الذي لا يفتر، وكالصائم ا لذي لا يُفطر» متفق عليه. ومن ظريف ورائع ما يُذكر في ذلك أني أعرف أخاً مصرياً ذا دخل متواضع متزوج بزوجتين وزاد ثالثة أرملة ذات خمسة أيتام بغية كفالتهم ورعايتهم لنيل الأجر من الله تبارك وتعالى، وتتساءل حينها إذاكان هذا هو فعل من كان ذا دخل محدود وظروف قد تكون صعبة، فأين هم الميسورون والمُنعم عليهم من هذا الفضل العظيم؟ لا أقول فنيت مجتمعاتنا من الخير ولكن ما زلنا بحاجة إلى الكثير من التكافل وشعور بعضنا ببعض.


2 ومن فوائد الزواج بالمطلقة

تلك الإنسانة التي هي كما ذكرت قد تكون في يوم من الأيام أختي أو أختك أو ابنتي أو ابنتك والتي لها الحق في أن تعيش كما نعيش وتنعم كما ننعم، والتي في كثير من الأحيان قد تكون مظلومة وليس بالدرجة الأولى يكون الخلل والتقصير منها، وأولاً وأخيراً إنما طلقت بقدر الله تعالى.

فمن فوائد الزواج بها أنها تكون ذات عقل وتجربة ناضجة فقد خاضت تجربة تكون في الغالب قد استفادت منها، فتأتي لتفتح مع نفسها صفحة مشرقة، لتعيش حياة جديدة رشيدة ولتكون أحرص ما يكون للعمل على تفادي ما قد يعكر صفو أوانقطاع حياتها الزوجية وهذا النوع من النساء هي أحرص ما يكون على التمسك بالزوج و الحرص عليه والسعي إلى الإحسان إليه والحذر من كل ما قد يغضبه.


وأعرف من قد تزوج من مطلقة وتزوج ببكر يقول والله لم أرَ مثل هذه يعني المطلقة في إحسانها وأدبها وحسن معاملتها ومكانتها من قلبه. وكل هذه المعاني قد تنطبق على العانس وكبيرة السن بل إن كبيرة السن تكون في الغالب ذات عقل راجح وفكر ثاقب ناصح، يكون لها أكبر الأثر بعد الله تعالى في صلاح ونجاح زوجها في حياته الدينية والدنيوية معاً وذلك بمشاركتها إياه بالمشورة والنصح، ووراء كثير ولا أقول كل من الرجال العظماء امرأة، ولنا في قصة خديجة المتقدمة رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم أعظم الأسوة والقدوة، وإن الناظر اليوم لأحوال الأسر ليجد أن بعض الزيجات التي لم يُكتب لها التوفيق في حياتها الأسرية الأولى كان التوفيق حليفها في تجربتها الثانية فعاشت أهنأ وأسعد أيام عمرها وكأنها لم تكن ارتبطت بغيرها من قبل، وهذا هو حسنُ مآل وعاقبة المؤمنة إذا طلقت أورُملت فاتقت الله وحفظت نفسها وحافظت على ما بينها وبين ربها عز وجل، قال تعالى: «ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب»، وقال سبحانه: «ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً».

هذا ما يسر الله لي تدوينه والله جلت عظمته أسأل أن يحفظ شبابنا وجميع نساء مجتمعاتنا من كل سوء وأن يلهمنا رشدنا وأن يرزقنا محبته ومخافته والإخلاص له في القول والعمل، وأن يحفظ بلادنا الحبيبة ومجتمعاتنا الإسلامية بحفظه ورعايته وأن يغفر لنا ولوالدينا «ربِّ أرحمهما كما ربياني صغيراً»، وأن يغفر لجميع المسلمين والمسلمات.
وأعتذر للقراء الكرام على الإطالة ولكني أشعر أنني ما زلت لم أوف الموضوع حقه.
والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم.
بقلم الكاتب
نايف بن ممدوح بن عبدالعزيز آل سعود
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة