عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 03-09-2004, 09:58 AM   #2
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

6)- ذكر الكاتب أنه من الملاحظ على القراء أصحاب الكيفية المتقدمة ، أنهم يجمعون الفئام من الناس فيقرأون عليهم جميعا قراءة واحدة حرصا على كسب الوقت أمام كثرة الزائرين ، ثم يدورون على أوعيتهم يتفلون فيها واللعاب والرذاذ الذي خالط القراءة قد ينقضي في الوعاء الأول والثاني فمن أين لهذا القاري أن لعابه كله مبارك 0

أ - إن القراءة الجماعية بهذه الكيفية والصورة ما قصد بها كسب الوقت ونحوه ، والاعتقاد الجازم بأن القرآن العظيم شفاء ، لن يبدل من حقيقة هذا الاعتقاد فيما لو كانت القراءة فردية أو جماعية ، وتصحيحا ( لقضية كسب الوقت ) التي أوضحها المؤلف فليس الأمر كذلك ، بقدر ما هي تنظيم لوقت الراقي وطاقته ومجهوده ، ولا شك أن المعالج إنسان لديه من المسؤوليات والأعمال تجاه نفسه وأهل بيته ، ما يحول دون فتح المجال على مصراعيه كافة الأوقات والساعات ، وفعل ذلك ما كان إلا تنظيما لوقته واستدراكا لحاجته وظرفه ، وقد أفتى بعض العلماء ومنهم سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله – وفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – حفظه الله - بجواز ذلك كما أشرت سابقا 0

ب - أما أنهم يدورون على أوعية المرضى ويتفلون فيها اللعاب والرذاذ الذي خالط القرآن قد ينقضي في الوعاء الأول ، فهذا الكلام يحتاج لمراجعة وإعادة نظر ، إن الأدلة الثابتة في السنة المطهرة تؤكد أن ريق المؤمن خير وشفاء ، وقد ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى الإنسان أو كانت به قرحة أو جرح ، قال بإصبعه : هكذا ووضع سفيان سبابته بالأرض ، ثم رفعها ، وقال بسم الله ، تربة أرضنا ، بريقة بعضنا ، يشفى سقيمنا بإذن ربنا ) ( متفق عليه ) 0
وهناك بعض الأحاديث الموضوعة التي لا أصل لها ومعناها صحيح ، قد أيدت ذلك كما أفاد أهل العلم - حفظهم الله - ، ومثال ذلك ( سؤر المؤمن شفاء ) ( لا أصل له ، أنظر السلسلة الضعيفة 78 ) 0
وكذلك حديث : ( ريق المؤمن شفاء ) ( لا أصل له – ذكره القاري في " الأسرار المرفوعة " – برقم 217 ) 0

قلت : كيف وإن خالط النفث كلام الله عز وجل ، وقد وردت الأدلة الثابتة المؤيدة لذلك ، فقد ثبت من حديث يزيد بن أبي عبيد ، قال : رأيت أثر ضربة في ساق سلمة ، فقلت : ما هذه ؟ قال : أصابتني يوم خيبر 0 فقال الناس : أصيب سلمة ، فأتي بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنفث في ثلاث نفثات ، فما اشتكيتها حتى الساعة ) ( صحيح أبو داوود 325 ) ، وثبت أيضا من حديث عائشة – رضي الله عنها – قالت : ( كان ينفث في الرقية ) ( صحيح صحيح الجامع 5022 ) 0

قال المناوي : ( " كان ينفث في الرقية " بأن يجمع كفيه ثم ينفث فيهما ويقرأ فيهما قل هو الله أحد والمعوذتين ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من بدنه يفعل ذلك ثلاثا إذا أوى إلى فراشه وكان في مرضه يأمر عائشة أن تمر بيده على جسده بعد نفثه هو فليس ذلك من الاسترقاء المنهي عنه كما ذكر ابن القيم وفيه دليل على فساد قول بعضهم أن التفل على العليل عند الرقى لا يجوز ) ( فيض القدير - 5 / 250 ) 0

وبالإمكان مراجعة جزء من الموسوعة للوقوف على حقيقة ذلك ، وأقوال أهل العلم في مسألة النفث ، كما وردت في كتابي تحت عنوان ( فتح الحق المبين في أحكام رقى الصرع والسحر والعين ) تحت عنوان ( الرقية بفاتحة الكتاب ) 0

إن التجربة والخبرة في هذه المسألة أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن النفث في وعاء واحد أو أوعية مختلفة له نفس التأثير والمفعول ، والقضية متعلقة بالمعالج واعتقاده ومنهجه ، ويفضل عدم مخالطة لعاب الراقي لكلام أهل الدنيا قبل النفث ، فذلك أنفع وأنجح بإذن الله 0

وقد تكلم بعض أهل العلم بعدم جواز النفث في أوعية كثيرة ، فالمسألة خلافية ، وموقفنا معلوم من الخلاف بين أهل العلم الثقات حفظهم الله 0

ج - وأما الإشارة إلى مسألة اللعاب المبارك ، فقد رقى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه ، وكذلك فعلت عائشة ، وهذا من هديه وسنته – عليه الصلاة والسلام - ، ومما أقر فعله ، ولا يعني فعل ذلك ورقية الإنسان لنفسه ولأهل بيته قبل النوم ، أو في مواضع أخرى ، أنه ذو لعاب مبارك ، فالقضية ليست مرتبطة باللعاب ولا بغيره ، إنما هي مرتبطة بكلام الله عز وجل وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم والنية والتوجه الخالص له سبحانه وتعالى 0

7)- ذكر أنه نظرا لما تدره تلك الكيفية السابقة على أصحابها من أموالا طائلة ، فقد يقوم بعض المشعوذين والدجالين فيتظاهرون بالقراءة ، فيفتحون دكاكين لهذا الغرض ويخلطون الحق بالباطل 0

أ - أما قول المؤلف بالكيفية السابقة التي تدر على أصحابها أموال طائلة ، فالواجب يحتم علينا أن نحسن الظن بالغير ، وأن لا يؤخذ الكلام على إطلاقه ، فليس كل من تصدر الرقية والعلاج اتخذ ذلك وسيلة لجمع المال ، والبعض ممن يرقى بالرقية الشرعية لا يتقاضى أجرا على عمله ذلك ، ويحتسب الأجر عند الله سبحانه ، وهذا لا يعني تحريم جواز أخذ الأجرة على الرقية ، مع أن الأولى ترك ذلك كما بين بعض أهل العلم ، والمصلحة الشرعية تقتضي ذلك ، ويتضح هذا من خلال أمرين اثنين :

1)- إن العصر الذي نعيشه اليوم ، يختلف في كافة جوانبه عن العصر الذي عاش فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته وخلفاؤه والتابعون وسلف الأمة ، وقد وهنت النفوس وضعفت ، فيخشى أن يتأثر المعالج بالجانب المادي ويتيه في ملذات الدنيا وشهواتها 0

2)- يكون العزوف عن أخذ الأجرة طريقا للدعوة إلى الله عز وجل ، وعندما ترى جموع الناس أن المعالج لا يبتغي الأجر منهم ، بل يحتسبه عند الله سبحانه فسوف يغير ذلك المسلك من فهمهم الخاطئ للرقية وأهلها ، ويكون حافزا لإقبالهم والتأثير عليهم وحبهم للدين وأهله ، وهذا منظور مشاهد محسوس 0

ب - وأما أن يقوم بعض المشعوذين والدجالين فيتظاهرون بالقراءة ، فيفتحون دكاكين لهذا الغرض :

1)- إن كان المؤلف يعني المشعوذين والدجالين في البلاد الأخرى ، فإنهم ليسوا بحاجة أصلا للتظاهر بذلك ، وهم يعلنون صراحة سحرهم وكهانتهم ، وأما إن كان يعني هذا البلد الآمن ، فولاة الأمر لهم بالمرصاد ، ولا يستطيعون أن يمرروا مثل ذلك الأمر ، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومراكز الدعوة والإرشاد يقفون متربصين لكل من تسول له نفسه القيام بهذا العمل الكفري الخبيث 0

2)- إن الهدف والغاية الذي يسعى له كل داعية أن يصحح طريق المسلمين ، وينير أبصارهم بالعقيدة الصحيحة والمنهج القويم المستقى من الكتاب والسنة ، وظهور فئة مشهود لها بالاستقامة والصلاح والأخلاق الحميدة ، ممن يعالجون بالكتاب والسنة ، ويظهرون لعامة الناس ويوضحون لهم الأخطار العظيمة والطرق والأساليب الخبيثة التي يتبعها السحرة والمشعوذون ، كل ذلك يساعد الناس على أن يميزوا الساحر والمشعوذ من غيره 0

3)- ولا يعني ذلك القول أن نعطل سنة أقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهل يعني ذلك أن كل مدعي المعرفة بالطب ممن لا علم له به ، وهلك على يديه مريض ، أن نقوم بمنع سائر الأطباء من مزاولة مهنة الطب ، هذا مفهوم خاطئ وغير صحيح ، فالذي يمنع من مزاولة هذه المهنة ، من ظهر جهله بهذا العلم دون غيره ، وكذلك الأمر بالنسبة للرقية الشرعية ، فالجاهل يردع ، والساحر الذي يظهر للناس أنه يعالج بالرقية ، لا بد أن يكتشف أمره ويفتضح سره ، وكما أشرت سابقا فالأمر تحت الرقابة والمتابعة 0

8)- ذكر أن بعض القراء أصحاب الكيفية الذين يتفرغون للقراءة على الناس ، ويتخذونها حرفة لهم ، يظنون أن ذلك من المستحب ، والاستحباب حكم شرعي ، وهو عبادة ، وهذا قد يجرهم إلى الوقوع في البدعة 0

إن استحباب هذا الأمر ممن تصدر الرقية الشرعية ، وأعني بذلك أصحاب العقيدة والمنهج القويم ، ما كان إلا نصرة للحق وأهله ، ومحاربة للظلم والظلمة ، ورفع معاناة بعض المسلمين ، ولا يقدر هذا العمل الجليل إلا من ابتلاه الله سبحانه بتلك الأمراض الروحية ، فاتباع المعالج طريق الرقية والعلاج ما كان إلا أسوة وقدوة برسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت من حديث جابر – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه ) ( صحيح الجامع 6019 ) 0

قال المناوي : ( " من استطاع منكم أن ينفع أخاه " أي في الدين قال في الفردوس يعني بالرقية " فلينفعه " أي على جهة الندب المؤكد وقد تجب في بعض الصور وقد تمسك ناس بهذا العموم فأجازوا كل رقية جربت منفعتها وإن لم يعقل معناها ، لكن دل حديث عوف الماضي أن ما يؤدي إلى شرك يمنع وما لا يعرف معناه لا يؤمن أن يؤدي إليه فيمنع احتياطا وحذف المنتفع به لإرادة التعميم فيشمل كل ما ينتفع به نحو رقية أو علم أو مال أو جاه أو نحوها وفي قوله منكم إشارة إلى أن نفع الكافر أخاه بنحو صدقة عليه لا يثاب عليه في الآخرة وهو ما عليه جمع ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ ) " سورة النور – الآيو 39 " ) ( فيض القدير - 6 / 54 ) 0

وحتى هذه اللحظة لم أعلم قولا لأحد من أهل العلم يبين أن العمل بهذه الكيفية من المستحب ، والاستحباب حكم شرعي ، وهو عبادة وقد يجر إلى الوقوع في البدعة ، أما إن كانت تلك المقولة اجتهادات شخصية للمؤلف ، فذلك لا يعول عليه في الأحكام الشرعية 0

ولو أجمع العلماء حفظهم الله على أن الرقية الشرعية بهذه الكيفية بدعة منكرة ، لكنت أول من حارب ذلك الفعل وتصدى له ، مع علمنا اليقيني بحرص العلماء في هذه البلاد الطيبة على تتبع منهج السلف الصالح - رضوان الله عليهم أجمعين - ، أما وإن كانت المسألة فيها خلاف ونظر ، فتبقى من المباح الذي لا يجوز رمي صاحبه بالبدعة ، والمسلم ينقاد بتعليمات الكتاب والسنة ويسير في حياته وفق هاذين الأصلين العظيمين ، يقول الحق جل وعلا في محكم كتابه : ( 000 وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) ( سورة البقرة – جزء من الآية 285 ) 0

9)- ذكر كلاما طويلا في قضية الدعاء واستشهد بحادثة أويس القرني مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ويقول أخيرا : قلت فما الظن بالذي يقدم عليه آلاف من الناس لأجل القراءة عليهم ، ويتركون القضاة والمفتين وأهل العلم ألا يخشى عليه الفتنة 0

أ - إن جهل عامة الناس بالأحكام الشرعية الفقهية لا يعني تعطيل تلك الأحكام نتيجة للفهم الخاطئ لدى العامة ، والمسلم الحق مطالب بالعودة للينبوع الحقيقي الذي نستقي منه الأحكام الشرعية والمتمثل بالأصول الثلاثة ( الكتاب والسنة والإجماع ) ، وكذلك العودة للعلماء وطلبة العلم في المسائل المشكلة أو المبهمة ، يقول تعالى في محكم كتابه : ( وَمَا أَرْسَلنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِى إِلَيْهِمْ فَاسئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) ( سورة النحل – الآية 43 ) 0

وحصول التبرك أو المغالاة في النظرة للقراء والمعالجين لا يعني إيقاف الرقية والعلاج ، والبديل عن ذلك سوف يكون اللجوء للسحرة والعرافين والمشعوذين ، أما الكيفية الصحيحة في تلافي حصول ذلك فيكمن في إيضاح الأمور الاعتقادية والمسائل المتعلقة بالرقية الشرعية ، وتوجيه الناس وفق الكتاب والسنة ، وبفضل من الله سبحانه أصبح الكثير ممن يرتادون بعض المعالجين أو أماكن الرقية العامة التي أسست على قواعد ثابتة راسخة ، يعلمون ويفرقون بين السحرة وغيرهم ، ليس ذلك فحسب إنما أصبحوا يمتلكون كما من العلم الشرعي في كثير من مسائل الرقية الشرعية التي نقلت لهم عن طريق فتاوى العلماء حفظهم الله والمتعلقة بهذا الموضوع 0

ب - أما أن يترك القضاة والمفتون وأهل العلم ويلجأ إلى الراقي ، فكل على ثغر ، وكل ميسر لما قدر له ، فكما أن الله تعالى وهب العالم علمه الشرعي لنشره بين الناس ، والقاضي ليحكم بينهم بالعدل وبشريعة الله ومنهجه ، فهو الذي قيض هذا الإنسان لمساعدة إخوانه ، وهذه منة من الله سبحانه يهبها لمن يشاء 0

ج - الفتنة قد تحصل للراقي ولغيره ، ولذلك يجب على كل مسلم سواء كان عالما أو قاضيا ونحوه ، أن يجعل كل عمل يقوم به خالصا لوجه الله سبحانه وتعالى 0

د - بالنسبة لقصة أويس – رحمه الله - مع عمر – رضي الله عنه - ، فكيف نفترض افتراضا لم يحصل أصلا وهو قول المؤلف :

( ومع هذا لا شك بأن عمر بن الخطاب لو رأى أن أهل المدينة اجتمعوا على أويس لطلب الدعاء ، وقدم أهل مكة وأهل العراق لأجل هذا الغرض لمنعهم مع فعله هو له ) 0

إذن ما الحكمة من إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك التابعي الجليل المخضرم بأنه مستجاب الدعوة ، وهذا يعني أن المسلمين لو طلبوا منه أن يدعو لهم دون مغالاة أو تبرك ونحوه ، لما ضرهم ذلك شيئا ، ولا نستطيع القول بأن عمر كان سيقر ذلك أم لا وعلم ذلك عند الله تعالى 0

10)- ذكر أن في هذا الأمر مفسدة من حيث تعلق الناس بالراقي ، ويقول لا شك بأن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة خاصة إذا عظمت المفسدة على المصلحة 0

قد يكون في نظر المؤلف أن المفسدة أعظم من المصلحة ، ولكني أرى والله تعالى أعلم ونتيجة لخبرتي في هذا المجال ومعاشرتي لكثير من الناس ، بأن المصلحة الشرعية أعم وأشمل بكثير من المفسدة المترتبة على القراءة بهذه الكيفية للأسباب التالية :

أ - المصلحة الشرعية تقتضي أن يوضح للمسلمين الكيفية الصحيحة للرقية الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة 0

ب - المصلحة الشرعية تقتضي لجوء المسلمين للرقية الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة ، بدل اللجوء للسحرة والعرافين والمشعوذين 0

ج - المصلحة الشرعية تقتضي أن تكون هذه الأماكن منابر للدعوة إلى الله عز وجل بطرق شتى ووسائل جمة 0

د - المصلحة الشرعية تقتضي ، نصرة المظلوم ، ومحاربة الظلم ، وتفريج كربة عن مسلم عانى ويعاني منها منذ سنوات طوال ، وقد ثبت من حديث ابن عمر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يسلمه ، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرج عن مسلم كربة ، فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ، ومن ستر مسلما ، ستره الله يوم القيامة ) ( متفق عليه ) 0

هـ- المصلحة الشرعية تقتضي أن يتبين الناس دواعي تلك الأمراض ، والأسباب الحقيقية لتسلط الجن والشياطين على الإنس ويحذروا منها 0

و - المصلحة الشرعية تقتضي أن يزداد الناس إيمانا بعد أن يروا بعض الوقائع عن هذا العالم الغيبي وكيفية تأثير كتاب الله عز وجل على الجن والشياطين 0

وقس على ذلك الكثير ، وهذا لا يعني حصول بعض المفاسد المترتبة على ذلك الأمر ، ولكن بالاتكال على الله ، وبتكاتف جهود من يعالج بالكتاب والسنة مع العلماء وطلبة العلم ، فلا بد أن تذلل الصعاب وأن يعم الخير والفائدة على المسلمين 0

11)- إن المتفرغ للرقية على الناس فيه مشابهة بالذي يتفرغ للدعاء للناس فالرقية والدعاء من جنس واحد فهل يليق بطالب علم أن يقول للناس تعالوا الي أدع لكم !!

لا يعتقد أن دعاء المسلم لإخوانه فيه أدنى عيب أو انتقاص ، بل يعتبر فعلا وخصلة من خصال الخير ، وقد تكلم أهل العلم في دعاء الصالحين والانتفاع بدعائهم ، فأجازوا ذلك وبينوا مشروعيته ، إن كان بضوابطه الشرعية ، وأنه لا يقدح بسائله أو صاحب الدعاء سواء كان من أهل الرقية وغيرها ، وهذا لا يعني مطلقا الجلوس من أجل ذلك ، وقد أسلفت أن القضية برمتها وهي " القراءة الجماعية " تنظيما للوقت ليس إلا وليس الهدف والغاية من اجتماع المرضى هو الدعاء لهم بالشفاء ، ولو كان القصد من الاجتماع هو ذلك العمل لأصبح هذا الأمر عين البدعة والله تعالى أعلم 0

قال العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - : ( كما يمكن الحصول على بركة دعاء الصالحين أيضا عن طريق طلب الدعاء من أحدهم ، خاصة عند وقوع المسلم في ضيق شديد ، أو مرض ، أو مصيبة ، فيطلب منه أن يدعو ربه ليفرج عنه كربه ، أو يشفيه من
مرضه ، وهذا يعتبر من أنواع التوسل المشروع ) ( التوسل – أنواعه – وأحكامه – ص 38 ) 0

قال الدكتور ناصر بن عبدالرحمن الجديع : ( من منافع وبركات الصالحين على أنفسهم وعلى غيرهم دعاء الله تبارك وتعالى وسؤاله من خيري الدنيا والآخرة 0 والدعاء شأنه عظيم ، وهو نوع جليل من أنواع العبادة لله عز وجل ، يحتاج إليه المسلم في سائر أحواله ، وفي الرخاء والشدة ، وقد تكفل الله تعالى بإجابة من دعاه ، وللدعاء آداب ولإجابته أسباب ، مذكورة في مواضعها 0 والمقصود هنا أن دعاء الصالحين المتقين له ثمرات نافعة ، وآثار طيبة في الدنيا والآخرة - بإذن الله تبارك وتعالى - لهم أنفسهم ولغيرهم من إخوانهم المؤمنين ) ( التبرك أنواعه وأحكامه – ص 271 ) 0

وتوجه المعالج لله سبحانه وتعالى بالدعاء لإخوانه المرضى بإخلاص ويقين أمر طيب محمود ، وقد يمن الله ببركة دعائه على كثير ممن ابتلي بتلك الأمراض ، والكلام بعمومه يقصد المعالجين الصالحين المتقين ، ولا يعني مطلقا من لا خلاق لهم ، وهذا يتعارض مع ما ذكره المؤلف من توجيه رسالة للناس مفادها ( تعالوا أدع لكم ) 0

12)- ذكر أن انتشار هذه الظاهرة قد يوهم الناس ومن لا علم عنده بأن الكيفية هي الطريقة الصحيحة للرقية فيظل الناس يطلبون الرقية من غيرهم وتتعطل سنة رقية الأفراد 0

إن الذي لا يمتلك كما من العلم الشرعي لن يختلف حاله في الرقية وغيرها ، ولن يأبه باتباع الطرق الصحيحة وغير الصحيحة للعلاج ، سواء كان ذلك باللجوء للسحرة والمشعوذين ، أو طرق أبواب كل مدع ومستعين بالجن الصالح بزعمهم ، وكل ما يسعى إليه هو الشفاء بأي طريقة أو وسيلة ، مع أن الذي أراه أن اللجوء للرقية الشرعية فيها سبب عظيم لإيضاح كثير من الحقائق المتعلقة بالرقية والمسائل المرتبطة بها ، خاصة إن كان المعالج يهتم في منهجه وطريقته بإيضاح أمور العقيدة لمرضاه ، وتعليمهم الأسس والثوابت في الرقية والعلاج ، كالتوجه لله وسؤاله الشفاء والعفو والعافية ، وكذلك رقيتهم لأنفسهم ويقينهم التام بالله سبحانه وتعالى 0
وتجدر الإشارة إلى أن البعض ممن ابتلاه الله سبحانه بتلك الأمراض ، لا يستطيع أن يواجه ذلك الأمر بمفرده أو أن يقوم برقية نفسه ، وذلك بسبب تسلط الجن والشياطين له وإيذائه وصرعه ، أو قيام أحد من أهل بيته بفعل ذلك ، لعدم قدرته أو خوفه ، أو امتلاكه الخبرة التي تؤهله لذلك ، وقد يخطئ العلاج وتصبح المفسدة عظيمة 0

فإذا لم يلجأ هؤلاء الناس لبعض المعالجين أصحاب العقيدة والمنهج الصحيح أو الأماكن العامة للرقية ، وهم أصلا لا يحضرون حلقات العلم ولا المحاضرات ، وقد أحاطتهم المعاصي من كل حدب وصوب ، فمن أين لهم وضوح الكيفية والطريقة الصحيحة للرقية الشرعية 0

وأود أن أوضح أن طرح هذا الموضوع ما كان إلا للمصلحة العامة للمسلمين ، وما القصد بذلك ذم أو تجريح لأحد ، ولكن رأيت ذكر الحقائق والوقائع لقربي من المعاناة التي يعاني منها الكثير ، وأحمل همومهم وجراحاتهم ، كما أحمل هموم وجراحات العالم الإسلامي ، وهذا لا يعني مطلقا موافقتي لما أراه وأسمعه اليوم على الساحة ، ولكنني أؤكد أنه بالإمكان توظيف ذلك الأمر للمصلحة العامة للمسلمين ، وذلك بتكاتف كافة الجهات المسؤولة لتقنين الرقية الشرعية من الرواسب والشوائب التي لحقت بها نتيجة للممارسات الخاطئة 0

فواجبنا الاهتمام بالمصلحة العامة للمسلمين في شتى بقاع الأرض وأن نقدم لهم جل ما نستطيع ابتغاء وجه الله سبحانه ، وبذلك يتحقق الخير العظيم بإذنه تعالى ، وقد ثبت من حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أخرج من طريق المسلمين شيئا يؤذيهم ، كتب الله له به حسنة ، ومن كتب له عنده حسنة أدخله بها الجنة ) ( السلسلة الصحيحة 2306 ) 0

قال المناوي : ( " من أخرج من طريق المسلمين شيئا يؤذيهم" كشوك وحجر وقذر " كتب الله " له " به حسنة ومن كتب له عنده حسنة أدخله الجنة " تفضلا منه وكرما ) ( فيض القدير – 6 / 43 ) 0

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق الكاتب لما يحب ويرضى ، ونسأله أن يجمعنا وإياه وسائر المسلمين في جنات النعيم إنه سميع مجيب 0

وفي سياق كل ما ذكر أذكر كلاماً نافعاً مفيداً للأستاذ علي بن محمد ياسين يقول فيه بعد أن ساق جملة من الأسباب الداعية للتوجه للرقية الشرعية : ( أقول : لهذه الأسباب وغيرها مما قد يخفى عليّ ، ولما قدمته آنفاً من شرعية الرقية وبيان أهميتها في الدين ، والحاجة الماسة إليها من قبل فئات المجتمع ، فإن وجود أماكن منخصصة في الرقية الشرعية بضوابطها الشرعية وضوابطها التنظيمية في أماكن بارزة معلومة متميزة عن أماكن الشبهات يقصدها من ألمت به الأمراض والنوائب وأقعدته البلايا والمصائب ، قد يكون ضرورة ملحة يفرضها واقع المجتمع من خلال ما ذكرت من أسباب 0
والمتابع لهذا الأمر يرى ما تقوم به الجهات المسؤولة بتوجيهات من ولاة الأمر وفقهم الله من توعية وتصفية وتنظيم لهذا الأمر " العلاج بالرقية الشرعية " وكذلك العلماء والدعاة وطلبة العلم ، ما يقومون به من محاربة السحرة والمشعوذين ، ومن بيان الطرق الشرعية التي ينبغي أن يسلكها الناس في هذا المجال ، يلمس مدى الخوف الذي قام في قلوبهم على مواطنيهم ، والحرص على مجتمعهم أن تشوبه الشوائب أو تعكر صفوه النوائب 0
لاحظت مدى الوعي وبعد النظر الذي يتمتع به المسؤولون المناط بهم من قبل ولاة الأمور متابعة هذا الأمر وتنظيمه ، مما يدل على فقههم ونظرتهم الثاقبة في جلب المصالح ودرء المفاسد ، فلله الحمد والمنة 0
فإن ما يقومون به من متابعتهم لدور الرقية الشرعية والمعالجين بها وضبطها بضوابط الشرع ، وحرصهم على إبقاء الأخيار وتنقية الصف مما يخل به يدل على ما ذكرت ، هذا ما لمسته ويلمسه القريب والبعيد وأصحاب الشأن في هذا الأمر 0
فيرى منهم التوجيه السليم ، والمتابعة الصحيحة ، ساعين سعياً حثيثاً في إكمال النقص وسد الخلل وضبط المسار ، مساهمين بذلك في كشف معاناة الناس ، وسد حاجاتهم ، حرباً على السحرة والمشعوذين ، يداً من حديد على المبطلين والدجالين 0
فأثابهم الله وسدد خطاهم وبارك في جهودهم ) ( مهلاً أيها الرقاة – ص 155 ، 157 ) 0

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة