الموضوع: إياك و الدنيا
عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 04-08-2012, 05:43 PM   #1
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

Icon41 إياك و الدنيا

إياك و الدنيا

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الآيات الواردة في القرآن العزيز بعيب الدنيا، والتزهيد فيها، وضرب الأمثال لها كثيرة كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب* قل أؤنبئكم بخير من ذلكم‏**‏‏[‏آل عمران‏:‏14-15‏]‏،
وقوله‏:‏ ‏{‏وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور‏**‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 185‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء‏**‏ الآية ‏[‏يونس‏:‏24‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة‏**‏ ‏[‏الحديد‏:‏20‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين‏**‏ ‏[‏الزخرف‏:‏35‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا* ذلك مبلغهم من العلم‏**‏ ‏[‏النجم‏:‏ 29-30‏]‏‏.‏
وأما الأحاديث:
· وفى ‏"‏الصحيحين‏"‏ من رواية المستور بن شداد، قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ ‏"‏ما الدنيا في الآخرة إلا كمثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم، فلينظر بم ترجع‏؟‏‏"‏وفى حديث آخر‏:‏ الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر‏"‏ رواه مسلم‏.
· ‏وفى حديث آخر‏:‏ ‏"‏لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافراً شربة ماء‏"‏‏.‏ رواه الترمذى وصححه‏.‏
· وكتب الحسن إلى عمر بن عبد العزيز في ذم الدنيا كتاباً طويلاً فيه‏:‏ أما بعد فإن الدنيا دار ظعن ليست بدار مقام، وإنما أنزل إليها آدم عقوبة، فاحذرها يا أمير المؤمنين، فإن الزاد منها تركها،
والغنى فيها فقرها، تذل من أعزها، وتفقر من جمعها، كالسم يأكله من لا يعرفها وهو حتفه، فاحذر هذه الدار الغرورة الخيالة الخادعة، وكن آثر ما تكون فيها،
أحذر ما تكون لها، سرورها مشوب بالحزن، وصفوها مشوب بالكدر، فلو كان الخالق لم يخبر عنه خبراً، ولم يضرب له مثلاً لكانت قد أيقظت النائم، ونبهت الغافل،
فكيف وقد جاء من الله عز وجل وعنه زاجر، وفيها واعظ، فما لها عند الله سبحانه قدر ولا وزن، وما نظر إليها منذ خلقها‏.‏
ولقد عرضت على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم مفاتيحها وخزائنها، لا ينقصها عند الله جناح بعوضة، فأبى أن يقبلها، وكره أن يحب ما أبغض خالقه، أو يرفع ما وضع مليكه، زواها الله عن الصالحين اختياراً، وبسطها لإعدائه اغتراراً، أفيظن المغرور بها المقتدر عليها أنه أكرم بها‏؟‏ ونسى ما صنع الله بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم حين شد على بطنه الحجر، والله ما أحد من الناس بسط له في الدنيا، فلم يخف أن يكون قد مكر به، إلا كان قد نقص عقله، وعجز رأيه وما امسك عن عبد فلم يظن أنه قد خير له فيها، إلا كان قد نقص عقله وعجز رأيه‏.‏
· وقال مالك بن دينار‏:‏ اتقوا السحارة، فإنها تسحر قلوب العلماء، يعنى الدنيا‏.‏
· ومن أمثلة الدنيا‏:‏ قال يونس بن عبيد‏:‏ شبهت الدنيا كرجل نائم، فرأى في منامه ما يكره وما يحب، فبينما هو كذلك انتبه‏.‏
· ومثل هذا قولهم‏:‏ الناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا‏.‏والمعنى انهم ينتبهون بالموت وليس في أيديهم شئ مما ركنوا إليه وفرحوا به‏.‏
· قيل‏:‏ إن عيسى عليه السلام رأى الدنيا في صورة عجوز هتماء‏ ‏عليها من كل زينة‏.‏ فقال لها‏:‏ كم تزوجت‏؟‏ قالت‏:‏ لا أحصيهم‏.‏
قال‏:‏ فكلهم مات عنك أو كلهم طلقك‏؟
‏ قالت‏:‏ بل كلهم قتلت، فقال عيسى عليه السلام‏:‏ بؤساً لأزواجك الباقين، كيف لا يعتبرون بأزواجك الماضين، كيف تهلكينهم واحداً بعد واحد، ولا يكونون منك على حذر‏.
· ‏وروى ابن عباس رضى الله عنه قال‏:‏ يؤتى بالدنيا يوم القيامة في صورة عجوز شمطاء ‏زرقاء أنيابها بادية،
مشوه خلقها، فتشرف على الخلق، فيقال‏:‏ هل تعرفون هذه‏؟‏ فيقولون نعوذ بالله من معرفة هذه ‏.‏ فيقال ‏:‏ هذه الدنيا التي تشاجرتم عليها وبها تقاطعتم الأرحام،
وبها تحاسدتم وتباغضتم واغتررتم، ثم تقذف في جهنم،
فتنادى‏:‏ يا رب أين أتباعي وأشياعي‏؟‏ فيقول‏:‏ ألحقوا بها أتباعها وأشياعها‏.‏
· وعن أبى العلاء، قال ‏:‏ رأيت في النوم عجوزاً كبيرة عليها من كل زينة، والناس عكوف عليها متعجبون، ينظرون إليها، فقلت‏:‏ أعوذ بالله من شرك‏.‏ قالت‏:‏ إن أحببت أن تعاذ من شرى فأبغض الدرهم‏.‏
· وقال بعضهم‏:‏ رأيت الدنيا في النوم عجوزاً مشوهة الخلقة حدباء‏.‏
· ومن رأى الدنيا بهذه العين لم يركن لها، ولم يبال كيف انقضت أيامه في ضرر وضيق، أو سعة ورفاهية، ولهذا لم يضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لبنة على لبنة ، ولا قصبة على قصبة وقال‏:‏ ‏"‏مالي وللدنيا‏؟‏ إنما مثلى ومثل الدنيا كراكب قال (من القيلولة)"‏تحت شجرة، ثم راح وتركها‏"‏‏.‏
· وقال عيسى عليه السلام الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها‏.‏
· وقيل‏:‏ مثال طالب الدنيا، مثل شارب ماء البحر كلما ازداد شراباً ازداد عطشاً حتى يقتله‏.‏
· وكان بعض السلف يقول لأصحابه‏:‏ انطلقوا حتى أريكم الدنيا فيذهب بهم إلى مزبلة فيقول‏:‏ انظروا إلى ثمارهم ودجاجهم وعسلهم وسمنهم‏.‏
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
من كتاب "مختصر منهاج القاصدين"

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة