عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 05-01-2006, 01:45 PM   #2
معلومات العضو
أبو فهد
موقوف

افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
ــــــــــــــــــــــ

الوجدان لا تشريع له، والإدراك لا تشريع له .

فمثلاً ، واحد يحب إنسانا، نقول له : أحبه كما شئت، ولكن لا تظلم الناس له. وإنسانا يبغض إنسانا. نقول له: أبغضه كما شئت، ولكن لا تظلم الناس .

فالمسائل الوجدانية لا يتدخل فيها الإسلام، ولذلك يقول الله تعالى :
( ولا يجرمنكم شنآ ن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ) المائدة 8.

ولكن هناك حباً عقلياً وبغضاً عقليا،ً كما أن هناك حباً عاطفياً وبغضاً عاطفياً .
والحب العاطفي لا يقنن له الإسلام، إنما يقنن عند النزوع : تحبه، لا تظلم أحدا له. تكرهه، لا تظلمه .

والفرق بين الحب العقلي والعاطفي : أن الحب العاطفي هو أن تحب بلا سبب. تحب ابنك وإن كان بليدا. هذا حب عاطفي. وتحب ابن عدوك لأنه ذكي، فهذا حب عقلي .

وبيان ذلك أن الإنسان حين يمر أمام بستان ، فيجد وردة جميلة . رؤيتها لها إدراك ، وإعجابه بها وجدان ، ومد يده لاقتطافها نزوع . والتشريع يتدخل حين أنزع . لم يمنعى من رؤيتها ، ولا من الإعجاب بها ، إنما حين أريد أن آخذها يمنعى ، ويقول : هى ليست لك ، استأذن صاحبها أولا .


هكذا إلا فى مسألة المرأة ، فإن التشريع يبدأ من الإدراك عن الوجدان عن النزوع ، لأن في هذه العملية سراً تترتب على شيء مادي في تكوينك ، وهذا الشيء المادي إما أن تكبته ، وإما تنطق به . فإن أنطقت به ولغت في أعراض الناس ، وإن لم تنطق به حطمت نفسك ، وأتعبت حياتك ، وحملت نفسك فوق طاقتها . فكأن الله رحمته بك قال لك: أنا سأتعدى في مسألة المرأة في التشريع مرتبة النزوع ، وأحرم الإدراك ، حتى لايوجد وجدان ، ولايوجد نزوع ، وبذلك أكون قد رحمتك . إذن فالتشريع الإسلامي حين قال للمرأة : قرى فى البيت ، لاتترجى ، لا تعرضي مباذلك ، فهذا تكريم لها ، ومنع العملية النزوعية الناشئة عن الوجدان الناشيء عن الإدراك . فما لم تدرك لا تجد ، ومالم تجد لا يحدث نزوع . لكن إذا أدركت وجدت ، فإذا وجدت فلا بد أن تنزع .

فالتشريع هنا قال : أنا سأرحمك وأطلب منك أن تغض طرفك ، وأطلب من المرأة أن تحتجب ولا تتبرج ، ولا تبدى زينتها إلا لمحارمها .

فإذا قام المجتمع بذلك فقد امتنع عن الإدراك ، وامتنع عن الوجدان نتيجة عدم الإدراك ، وبالتالي فلا نزوع . وفى ذلك أيضاً تكريم للمرأة وتأمين .

ومعنى التأمين : أن تأخذ من القادر لتعطيه حينما يكون عاجزاً ... فالحجاب وغض البصر تأمين للرجل ، وتأمين للمرأة ، لأن عمر المرأة فى الجمال محدود ، والمرأة تشيخ قبل الرجل ، بسبب الحمل والولادة والرضاعة .

فهب أن رجلاً متزوجاً بواحدة ، وعاش معها فترة من الزمن ، إلى أن ذبل جمالها ، حتى أصبحت غير مرغوبة ، ولا جميلة ، ولا جذابة ، لو أن زوجها لا يرى إلاّ هي لظلت في عينه كما هي لا تتغير في نظره كل يوم . أي أن التغير كان يسرق من الرجل ،لأن التغيير لايأتى فجأة ، وإنما يأتى بتسلسل . كما تنظر إلى ابنك منذ يولد ، وتظل تنظر إليه دائماً ، فإنه لا يكبر في نظرك أبداً . لماذا ؟ لأن الكبر ليس معناه أن جزءاً من القدر يزيد في نهاية قدر من الزمن . بل هو قدر شائع فى الزمن .. فإذا كان الطفل سيكبر كل يوم مليمترا ، فليس معنى ذلك أن يأتي آخر النهار ويزيد هذا المليمتر ، بل هذا القدر شائع في كل الزمن :

ولكن إذا غبت عنه شهرين أو ثلاثة ، فقد يتجمع النمو المطرد في كل الزمن ، فتعرف أنه كبر .

وإذا زرعت زرعاً ، وظللت ناظراً إليه منذ زرعته ، فإنك أيضاً لاترى أنه كبر ، لأن النمو سيشيع فى جزئيات الزمن ، ولا معيار يضبطه بها ، فكذلك الزوج الذي دخل على زوجته وهى فى لباس عرسها ، جميلة فتية جذابة ، ثم ينظر إليها ، فاليوم لا يجدها تتغير عن أمس ، وغداً لن يجدها تتغير عن اليوم . فإذا لم ير غير امرأته ظن أن الدنيا هي امرأته ، ولاشيء غيرها .

فإذا خرج إلى الشارع ، ورأى فتاة سافرة ، فى ميعة صباها ، وعنفوان شبابها ، وقمة جمالها ، متبرجة متهتكة ، ماذا يكون موقفه ؟ إنه سيبتدىء فىدور المقارنة ، وإذا ابتدأ فى دور المقارنة وجد فتاة فى مقتبل العمر ، وأخرى فى إدبار من العمر ، لاشك أن مقاييسه ستختل .

ففساد البيوت كله من هذه المسألة ، ولكن الناس يخلعون عليه أسبابا أخرى ، فنتَهمها بأنها غير مدبرة ، وبأنها مهملة ، وبأنها صنعت كذا ، وعملت كذا ، وفى الواقع ليست كذلك هي . بل هو رأى الفتيات الجميلات في الخارج ، ورأى في بيته امرأة ذابلة مشغولة تسرع نحو الشيخوخة ، فصنع ذلك .

وكذلك أبناؤها ، لم تستقر حياتهم ليتزوجوا بعد ، ولكن تنتظرهم سياط تلهب غرائزهم في الشوارع ، فالفساد يأتي حينئذ من ناحية الأب ، ثم من ناحية الأبناء ، وبعد ذلك لا يدرك الناس لذلك أسباباً ، بل يصنعون أسبابا أخرى غير الأسباب الحقيقية .

فالتشريع حينما تدخل ، منع هذه العملية ، وقال للمرأة : أنا حين أمنعك من السفور وأنت في ريعان جمالك ، فلكي أحميك حينما يزول عنك هذا الجمال .. أمنعك حتى لا يكون عند رجلك جمال مرئي بعينه إلا أنت وجمالك .. فإنه إن رأى سواكي وكانت أجمل منك ، فإن الحياة تتعكر ، وصفوها ينتهى .
ـــــــــــــــــــــــــــ

شبهات وأباطيل لخصوم الإسلام والرد عليها
الشيخ الإمام داعية الإسلام محمد متولي الشعراوي
يرحمه الله .

سعيد بن سعيد....

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة