عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 26-06-2007, 08:05 PM   #18
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن اليوسف
إشراقة إشراف متجددة
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن اليوسف
 

 

افتراضي

الحلقـــــــــــــــة السابعــــــــــــــة

د
- التقوى والعمل الصالح :

قال الله جلَّ وعلا: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ( النحل،الآية: 97.

وقال سبحانه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاًوَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) سورة الطلاق،الآية: 2-3.
وقال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)سـورة الطلاق،الآية: 4 .
فلا أطيب من حياة المؤمنين،ولا سعاد حقيقية إلا في طاعة الله تعالى: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَىوَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكا) سورة طـه،الآية: 123-124.
وقال سبحانه : ( أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)سورة الرعد،الآية:28 .
وقال جلَّ وعلا : ( وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ)سورة التغابن،الآية:11.
فمن طلب سعادة الدارين فعليه بالاستقامة على كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم يقول سبحانه: ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ( سورة الأحقاف،الآية:13.


هـ - الدعاء والتسبيح والصلاة :

يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله-في زاد المعاد(2/25) :
( ومن أسباب شرح الصدر: دوام ذكره-أي الله سبحانه-على كل حال،وفي كل موطن؛ فللذكر : تأثير عجيب في انشراح الصدر،ونعيم القلب،وللغفلة تأثير عجيب في ضيقه وحبسه وعذابه ) .
وقال -رحمه الله -مُعدداً فوائد الذكر : ( وفي الذكر أكثر من مائة فائدة :
إحداها: أنه يطرد الشيطان ،ويقمعه ويكسره .
الثانية : أنه يرضي الرحمن عزَّ وجلَّ .
الثالثة:أنه يزيل الهم والغم عن القلب.
الرابعة: أنه يجلب للقلب الفرح والسرور والبسط.
الخامسة: أنه يقـوي القلب والبدن.السادسة:أنَّه ينور الوجه والقلب .. الخ ) الوابل الصيب(ص61) .

والمقصود : أن دوام الذكر لله سبحانه سبب لدوام المحبة ، فالـذكر للقلب كالمـاء للزرع؛ بل كالماء للسمك ، لا حياة له إلا به .
وهـو أنـواع :
الأول : ذِكْرُه بأسمائه وصفاته والثناء عليه بها .
الثاني : تسبيحه وتحميده وتكبيره وتهليله وتمجيده .
الثالث: ذِكْرُه بأحكامه وأوامره ونواهيه. ومن أفضل ذِكْرِه : ذِكْرُه بكلامه .
ومن ذكره سبحانه : دعاؤه واستغفاره والتضرع إليه ، فهذه خمسة أنواع من الذكر .
والدعاء والذكر منه ما حثت عليه شريعة الإسلام قبل وجود الهموم والأحزان، ومن ذلك ما أخرجه الشيخان عن أنس-رضي الله عنه-قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
(اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ،والعجز والكسل،والجبن والبخل،وضلع الدين وغلبة الرجال ) .

ومنه ما يكون عند وجود الكرب والضيق والهم والحزن، ومن ذلك ما أخرجه الإمام أحمدُ في المسند وغيرُه من حديث عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أصاب أحداً قط همٌّ ولا حزنٌ ،فقال: اللهم إني عبدك بن عبدك بن أمتك ،ناصيتي بيدك ،ماضٍ فيَّ حكمـك، عدلٌ فيَّ قضاؤك ،أسألك بكلِّ اسم هو لك سميت به نفسك، أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك: أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني،وذهاب همي،إلا أذهب الله همَّهُ وحزنه ،وأبدله مكـانه فرجاً .قال: فقيل: يا رسـول الله ألا نتعلمها ؟ فقـال: بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها ) .



أمَّا التسبيح:فقد خـاطب الله تعالى نبيه  عليه وسلم مسلياً له(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَفَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُـنْ مِـنَ السَّاجِـدِينَوَاعْبـدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ )سورة الحجر،الآية:97-99 .
فتسبيح الله تعالى من الأسباب المزيلة للهموم والأحزان قال الله تعالى حاكياً لنا دعاء ذي النون- عليه السلام-وهو في بطن الحوت: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَـاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَفَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَـمِّ وَكَـذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) سورة الأنبياء،الآية:87-88.
وأخرج أحمد في المسند والترمذي في السنن والنسائي في عمل اليوم والليلة والحاكم في المستدرك من حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ،فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له ) .

وفي لفظٍ للحاكم: (فقال رجل:يا رسول الله هل كانت ليونس خاصة أم للمؤمنين عامة؟فقال رسول صلى الله عليه وسلم الله ألا تسمع قول الله عزَّ وجلَّ: (وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ).
وأمَّا الصلاة : فهي طمأنية القلب عند المصائب والهموم والأحزان،وراحة الضمير عند حلول النوائب،قال تعالى : (وَاسْتَعِينُـوا بِالصَّبْـرِ وَالصَّـلاةِ وَإِنَّهَــا لَكَبِـيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ) سورة البقرة،الآية:45 .
يقـول الإمام ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد(4/209) :
(..وأمَّا الصلاة : فشأنهـا في تفريح القـلب وتقويته، وشرحه وابتهاجه ولذته أكبر شأن ، وفيها من اتصال القلب والروح بالله وقربه ،والتنعم بذكره، والابتهاج بمناجاته،والوقوف بين يديه،واستعمال جميع البدن وقواه وآلاته في عبوديته ،وإعطاء كل عضو حظه منها ،واشتغاله عن التعلق بالخلق، وملابستهم ومحاوراتهم ،وانجذاب قوى قلبه

وجوارحه إلى ربه وفاطره،وراحته من عدوه حالة الصلاة ما صارت به من أكبر الأدوية والمفرِّحات والأغذية التي لا تلائم إلا القلوب الصحيحة، وأمَّا القلوب العليلة، فهي كالأبدان لا تناسبها إلا الأغذية الفاضلة.
فالصلاة من أكبر العون على تحصيل مصالح الدنيا والآخرة ،وهي منهاة عن الإثم، ودافعة لأدواء القلوب،ومطردة للداء عن الجسد ،ومنورة للقلب ،ومبيضة للوجه، ومنشطة للجوارح والنفس ، وجالبة للرزق، ودافعة للظلم ، وناصرة للمظلوم،وقامعة لأخلاط الشهوات ،وحافظة للنعمة،ودافعة للنقمة ،ومنـزلة للرحمة، وكاشفة للغمة ) .
وقال في موضعٍ آخر (4/332) :
(..والصلاة :مجلبة للرزق، حافظة للصحة، دافعة للأذى،مطردة للأدواء، مقوية للقلب، مُبَيِّضَةٌ للوجه، مُفَرِّحة للنفس، مذهبة للكسل،منشطة للجوارح، ممدة للقوى،شارحة للصــدر،مغذية للروح، منورة للقـلب ، حافظة للنعمة ،

دافعة للنقمة، جالبة للبركة ،مبعدة من الشيطان ، مُقَرِّبة من الرحمن .
وبالجملة : فلها تأثير عجيب في حفظ صحة البدن والقلب، وقواهما،ودفع المواد الرديئة عنهما ،وما ابتلي رجلان بعاهة، أو داء ،أو محنة، ،أو بلية ،إلا كان حظَّ المصلي منهما أقل،وعاقبته أسلم،وللصلاة تأثيرٌ عجيبٌ في دفع شرورِ الدنيا،ولا سيما إذا أعطيت حقها من التكميل ظاهراً وباطناً،فما اسْتُدفِعَت شرور الدنيا والآخرة،ولا اسْتُجلبت مصالحها بمثل الصلاة،وسرُّ ذلك: أنَّ الصلاةَ صلةٌ بالله عزَّ وجلَّ ، وعلى قَدْرِ صلة العبد بربه عزَّ وجلَّ تفتح عليه من الخيرات أبوابها ،وتقـطع عنه من الشـرور أسبـابها،وتفيض عليه مـواد التوفيق من ربه عزَّ وجلَّ ،والعافية،والصحة، والغنيمة ،والغنى، والراحة،والنعيم، والأفراح، والمسرات ،كلها محضرة لديه ،ومسارعة إليه ) .


يتبع إن شاء الله تعالى...
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة