عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 26-04-2005, 05:35 AM   #11
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

الوقفة العاشرة :

يقول الدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير - : " يحصر كثير من الناس–خاصة الرقاة– أعراض الاكتئاب في الإصابة بالعين الحسد " ويقصرونها على ذلك بحجة أنه لا يوجد سبب طبي عضوي يؤدي إلى أعراض الاكتئاب ؛ لأن الشخص سليم بدنياً وليس للأطباء دور في علاج حالته ، وأن المشاعر واضطرابها ناتج عن قلة الإيمان والاتصال بالله – في الغالب - ، أو عن ضعف التمسك بالأوراد الشرعية مما يجعل الشخص عرضة للعين وأن هؤلاء الأشخاص لا يستفيدون من الأدوية وإنما يكون علاجهم بالرقية فقط ، ويستدلون لذلك بالتجربة والمشاهدة التي عايشوها مع كثير من المرضى المكتئبين الذين تحسنوا بالرقية فقط 0
والواقع أن هذا التصور خاطئ ومرجعه إلى قصور النظرة الطبية النفسية، ويعاني بسبب ذلك كثير من مرضى الاكتئاب وتصيبهم الأوهام وتستحوذ عليهم الظنون السيئة في الذين من حولهم من أقارب وأصدقاء 0
أما تحسّن كثير من مرضى الاكتئاب بالرقية وحدها فليس بدليل على أن كل حالة هذا وضعها تكون بسبب عين ، لأن الرقية وحدها نافعة – بإذن الله تعالى – من العين وغيرها ، ولأن الاكتئاب قد يزول دون علاج ، فيتوافق زواله مع تعاطي الرقية ، ولأن المريض قد يتوهم أن به عيناً وأنها زالت مع الرقية فتستجيب نفسه بالتدريج ويتحسن نفسياً ، وهذا كله لا يعني أن العين لا يمكن أن تؤدي إلى مثل هذه الأعراض ، ولكن لم يرد تحديد لذلك في الشرع ، وما تعارف عليه كثير من الرقاة اليوم ونشروه بين الناس ليس استناداً إلى أدلة شرعية ، وإنما إلى تجارب ومشاهدات وخبرات عملية جربوها على الناس بحسب فهمهم وتصوراتهم التي كثيراً ما تخطئ لقلة معرفتهم بالاضطرابات النفسية وأسبابها المتنوعة 0
ومن تجاربهم في ذلك أن المريض إذا بكى أثناء الرقية فإنه مصاب بعين " والبعض يجعلها دلالة على السحر " ويغفل هؤلاء عن دور الاكتئاب واضطراب المشاعر وأن الرقية تحرك المشاعر في الغالب " ( توعية المرضى بأمور التداوي والرقى – ص 76 ، 78 ) 0

1)- لا يجوز بأي حال أن يحصر المعالجون أعراض الاكتئاب بسبب الإصابة بالعين أو الحسد ، ومن هنا تأتي أهمية الدراسة بالنسبة للمعالج وبحث كافة التفصيلات المتعلقة بالحالة المرضية لتحديد الداء ووصف الدواء النافع بإذن الله تعالى ، وفي حالة عدم توصل المعالج لأية أسباب أو مسببات روحية لمعاناة المريض فعلية عندئذ تحويل الحالة لأهل الاختصاص في الطب النفسي ، وفي المقابل لا يجوز كذلك للأطباء النفسيين حصر مرض الاكتئاب في النواحي النفسية فقط ، فقد تكون بعض الأمراض أو العلل النفسية بسبب الإصابة بالأمراض الروحية وقد تخفى مثل تلك الأمور على كثير من الأطباء النفسيين ، وهنا تكمن أهمية الالتقاء الجاد بين المعالجين بالرقية الشرعية وبين الأطباء النفسيين بغية الوصول إلى الحق المنشود ، وتَحقّق شفاء المريض بإذن الله تعالى 0

2)- أما ما ذكره الدكتور الصغيّر من توجه بعض المعالجين إلى حصر أعراض مرض الاكتئاب في العين والحسد ، بحجة أنه لا يوجد سبب طبي عضوي يؤدي إلى ذلك ، فهذا خطأ بيّن ، فالإكتئاب مرض نفسي له أسبابه ومسبباته وأعراضه ، وله أسباب عضوية كما أشار لذلك الدكتور الفاضل في معرض حديثه ، ومن هنا فإنني أتوجه بالنصح للإخوة المعالجين بالرقية الشرعية من توخي عدم إقحام أنفسهم في مسائل وقضايا الطب العضوي أو النفسي ، والواجب الشرعي يحتم على المعالج الإهتمام بالحالة المرضية ودراستها دراسة علمية موضوعية من الجانب الخاص والمتعلق يالنواحي الروحية دون البحث والتقصي فيما لا علاقة له به ، وبالمقابل يجب على الطبيب النفسي أن يهتم غاية الاهتمام بالجوانب المتعلقة بالناحية الطبية ودراستها دراسة علمية للوصول إلى أسباب المعاناة والألم ، وحقيقة الأمر فإن هذه المشكلة من أعقد المشكلات في العصر الحالي التي وسعت الفجوة بين الإخوة من أهل الاختصاص في الطب النفسي والمعالجين بالرقية الشرعية 0

3)- وأما ما نقله الدكتور الصغيّر عن قول بعض المعالجين بأن المشاعر واضطرابها ناتج عن قلة الإيمان والاتصال بالله – في الغالب - ، أو عن ضعف التمسك بالأوراد الشرعية مما يجعل الشخص عرضة للعين وأن هؤلاء الأشخاص لا يستفيدون من الأدوية وإنما يكون علاجهم بالرقية فقط ، فهذا الكلام فيه نظر ، فحسب خبرتي المتواضعة في هذا المجال فإن ضعف الإيمان والبعد عن الذكر والدعاء قد يؤدي إلى الإصابة بالأمراض الروحية من صرع وسحر وعين بشكل عام ، وكذلك قد يؤدي للإصابة ببعض الأمراض النفسية ، أما أن يعمم الأمر ويقال ( في الغالب ) فهذا ليس من العدل والإنصاف ، فقد تعرض بعض الصحابة والتابعين والسلف وعلماء الأمة لبعض الأمراض الروحية وقد كانوا على قدر كبير من الإيمان والورع والزهد وقراءة القرآن والمحافظة على الذكر والدعاء ، فجوانب الإيمان عوامل مهمة في هذا الأمر إلا أنها سبب من مجموعة أسباب قد تؤدي إلى الإصابة بالأمراض الروحية 0

4)- أما ما ذكره الدكتور الصغير – وفقه الله لكل خير – " من تحسن كثير من مرضى الاكتئاب بالرقية وحدها فليس بدليل على أن كل حالة هذا وضعها تكون بسبب عين ، لأن الرقية وحدها نافعة بإذن الله تعالى من العين وغيرها " ، وقد أوردت كلام الدكتور في هذه الجزئية لحرصي الشديد أن لا يفهم الكلام على غير محمله الحقيقي ، وأود أن يشاركني الدكتور الفاضل الرأي في بعض التصورات التي تتعلق في معرفة بعض الحقائق المتعلقة بالرقية ، ومنها أن للرقية الشرعية جانب علمي وآخر عملي ، ولا يمكن الحكم في مسائل التشخيص دون الدراسة العلمية الموضوعية المتأنية ، وكون أن ينقل للعامة مثل الكلام السابق فهذا سوف يوقعهم في البلبلة والضياع من جهة ، أما من الجهة الأخرى فكأنما يشار لهم بأن المعالجين بالرقية الشرعية يتخرصون ويجهلون في الحكم على كثير من مسائل الرقية الشرعية وقد يكون هذا هو الواقع العملي لبعض من تصدر للرقية والعلاج ، ومن هنا فلا بد أن نلقي الضوء على الواقع العلمي الشرعي لهذا العلم ونبين أن له قواعد وأصول وأحكام لا بد من الالتزام والتقيد بها ، ولا يضير مطلقاً أن نقوم بالنقد العلمي البناء الذي يوجه المُخطِئ إلى جادة الحق والصواب 0

5)- وأما ما نقله الدكتور الصغيّر من أن " الاكتئاب قد يزول دون علاج فيتوافق زواله مع تعاطي الرقية " ، فهذا لا يقدح بأي حال من الأحوال بتعاطي الرقية الشرعية ، بل أرى أن الكلام آنف الذكر يحتاج إلى دقة ، كي لا يفهم منه على أن الرقية الشرعية لم تكن سبباً في زوال مثل هذا المرض ، والحق أن المسألة برمتها تقود إلى ما ذكرته في النقطة السابقة من حيث توفر العلم الشرعي والخبرة والحذاقة من قبل المعالج ودراسته العلمية الجادة للحالة المرضية للحكم على المعاناة والألم ، ومن هنا فلا يجوز إعطاء مثل هذه التفسيرات وزرع الشكوك والظنون لدى العامة والخاصة ، وأنا على يقين تام بأن نشر مثل ذلك سوف يقود إلى إنكار أصل تلك الأمراض عند بعض الناس ، فنسأل الله السلامة والعافية في الدنيا والآخرة0

6)- أما قول الدكتور الصغيّر : " ولأن المريض قد يتوهم أن به عيناً وأنها زالت مع الرقية فتستجيب نفسه بالتدريج ويتحسن نفسياً " ، والسؤال الذي يطرح نفسه : هل يجوز أن نبني أحكام أو حقائق علمية بناء على توهمات المرضى ، اعتقد أن الإجابة واضحة خاصة بالنسبة للدكتور الفاضل وهو من أهل الاختصاص والدراسة والبحث ، وقد أشرت في عدة مواضع من هذا الكتاب بأن الرقية الشرعية علم قائم تحتاج من المعالج أن يقف مع الحالات المرضية فيأخذ بأيديها إلى بر الأمان بإذن الله تعالى ، وهكذا الحال بالنسبة للطبيب النفسي فواجبه أن يكون قريباً من المريض فيشعر بمعاناته وأحاسيسه ومشاعره ، وطرح مثل هذا الكلام الذي ذكره الدكتور الصغيّر على بعض العامة والخاصة قد يكون سبباَ في زرع الوهم في النفوس ، ونحن لا نسعى إلى ذلك مطلقاً بل غايتنا جميعاً سواء كنا معالجين بالرقية الشرعية أو أطباء عضويين أو نفسيين مد يد العون والمساعدة للمرضى والوقوف معهم سائلين المولى عز وجل أن يكتب لهم الشفاء والعافية في الدنيا والآخرة 0

7)- وأقف قليلاً مع كلمات للدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير – يقول فيها : " هذا لا يعني أن العين لا يمكن أن تؤدي إلى مثل هذه الأعراض ، ولكن لم يرد تحديد لذلك في الشرع ، وما تعارف عليه كثير من الرقاة اليوم ونشروه بين الناس ليس استناداً إلى أدلة شرعية " 0

قد سبق القول في عدة مواضع أن الرقية والعلاج الشرعي يعتمد على عدة أمور منها التعامل مع الأثار الحسية للإصابة بالأمراض الروحية كالصرع والسحر والعين ، وقد بينت سابقاً من خلال الوقفة الأولى ( البند الثالث ) بعض النصوص التي تدل على تلك الآثار، فعند الحديث عن تلك الأعراض والتأثيرات من قبل المعالجين الحاذقين المتمرسين فلديهم مستند شرعي عام يؤكد مثل ذلك الأمر ، ولسنا مطالبين بأدلة شرعية على التفصيلات المتعلقة بتلك الآثار ، وقد ثبت تواتر تلك الأمور مع كثير من ثقات وأثبات الرقية الشرعية ، وأكد على ذلك علماء الأمة الأجلاء ، لا سيما أن مسألة التشخيص لا تعتمد بشكل عام على تلك الجزئيات فقط بقدر الاعتماد على الدراسة العلمية الموضوعية للحالة المرضية بشكل عام 0

8)- أما قول الدكتور الصغيّر : " بأن تحديد الأعراض كان بناء على تجارب ومشاهدات وخبرات عملية جربوها على الناس بحسب فهمهم وتصوراتهم التي كثيراً ما تخطئ لقلة معرفتهم بالاضطرابات النفسية وأسبابها المتنوعة " ، وهذا القول يحتاج إلى كثير من الدقة ، فلا يجوز أن يستهان بهذا الشكل بكثير من تجارب المعالجين الذين لهم كبير صولة وقوي جولة ، وأعني التجارب المنضبطة التي تعتمد على أسس وقواعد علمية وفيها إقرار من أثبات علماء الأمة ، أما إن كان قصد الدكتور الفاضل تجارب الجهل والضلال ، فلا زلنا نتحدث عن علم له قواعد وأصول ومرتكزات ولسنا في صدد الحديث عن حفنة من الجهلة ممن استحكم فيهم الهوى والشهوة فانحرفوا عن جادة الحق والصواب ، وأصبح همهم الوحيد طلب الدنيا ولذتها ، وانساقوا وراء سراب زائل ، فتراهم لا يتوانون عن فعل أي شيء لتحقيق مصالحهم الخاصة ، بل وصل الأمر ببعضهم إلى أن لا يرقب في مسلم إلاّ ولا ذمة 0

9)- أما ما ذكره الدكتور الصغيّر : " ومن تجاربهم في ذلك أن المريض إذا بكى أثناء الرقية فإنه مصاب بعين - والبعض يجعلها دلالة على السحر- ويغفل هؤلاء عن دور الاكتئاب واضطراب المشاعر وأن الرقية تحرك المشاعر في الغالب " 0

فلا يعقل أن يكون الحكم والوصف الدقيق للحالة المرضية من قبل المعالج بناء على بكاء المريض أثناء الرقية الشرعية ، فهذا الحكم والوصف لا يقبل من جاهل ، فكيف به يأتي من أخ فاضل له بعض الممارسات والتجارب واللقاءات في حقل الرقية والعلاج ، ولا زلنا نعاني من بعض الآراء التي يطرحها الدكتور الفاضل ويعمم فيها الأحكام بحيث يشمل أكثر أو كل المعالجين ، أعود لأوضح مسألة مهمة جداً تتعلق بالرقية الشرعية فهي علم متكامل لا يمكن بأي حال أن يشخص من خلالها بناء على جزئية وترك كافة المعطيات المتعلقة بالحالة المرضية ، أما إن كان المعنيّ حفنة من جهلة المعالجين فهؤلاء لا أعنيهم مطلقاً ، ولا يدخلون ضمن ما نتحدث عنه ونناقش به 0

يتبع / 000

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة