قال الحافظ السّيوطيّ رحمه الله :
" وقال الزركشيُّ في
« البرهان » : أهل التحقيق على
أنّ الإعجاز وقع بجميع ما سبق
من الأقوال ؛
لا بكل واحد على انفراده ؛
فإنه جمع ذلك كلّه ،
فلا معنى لنسبته إلى واحد منها بمفرده ،
مع اشتماله على الجميع ،
بل وغير ذلك ممّا لم يسبق :
فمنها : الرّوعة التي له في قلوب السامعين وأسماعهم ،
سواء المقرّ والجاحد .
ومنها : أنه لم يَزَل ولا يزال غضّاً
طريّاً في أسماع السامعين ،
وعلى أَلسنة القارئين .
ومنها : جمعه بين صفتي الجزالة والعذوبة ؛
وهما كالمتضادّين لا يجتمعان
غالبا في كلام البشر .
ومنها : جعله آخر الكتب غنيّاً
عن غيره ،
وجعلُ غيرِه من الكتب المتقدمة
قد يحتاج إلى بيان يرجع فيه إليه ، كما قال تعالى : ** إنّ هذا القرآن يَقُصُّ على بني إسرائيل أكثر الّذي هم فيه يختلفون **
[ سورة النمل : 76 ] .
وقال القاضي عياض في
« الشِّفا » : اعلم أنّ القرآن مُنطوٍ على وجوه من الإعجاز كثيرة ،
وتحصيلها من جهة ضبط أنواعها في أربعة وجوه :
أولها : حسن تأليفه والتئام كلِمِه وفصاحته ، ووجوه إيجازه ،
وبلاغته الخارقة عادة العرب الذين
هم فرسان الكلام ،
وأرباب هذا الشأن .
والثاني : صورة نظمه العجيب ، والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب ،
ومنهاج نظمها ونثرها الذي جاء عليه ، ووقفتْ عليه مقاطع آياته ، وانتهت إليه فواصل كلماتِه ،
ولم يوجد قبله ولا بعده نظيرٌ له .
قال : وكل واحد من هذين النوعين
– الإيجاز والبلاغة بذاتها ، والأسلوب الغريب بذاته –
نوعُ إعجاز على التحقيق ،
لم تقدر العرب على الإتيان بواحد منهما ،
إذ كلّ واحد خارج عن قدرتها ،
مباين لفصاحتها وكلامها ،
خلافا لمن زعم أنّ الإعجاز في
مجموع البلاغة والأسلوب .
الثالث : ما انطوى عليه من الإخبار بالمغيّبات وما لم يكن ،
فوُجِد كما وَرَدَ .
الرابع : ما أنبأ به مِن أخبار القرون السالفة ، والأمم البائدة ،
والشرائع الدائرة ؛
ممّا كان لا يعلم منه القصة الواحدة إلاّ الفذّ من أحبار أهل الكتاب الذي قطع عمره في تعلمّ ذلك ،
فيورده صلى الله عليه وسلم على وجهه ويأتي به على نصّه ،
وهو أُمِّيٌّ لا يقرأُ ولا يكتب .
قال : فهذه الوجوه الأربعة من إعجازه بيّنة لا نزاع فيها .
نقلته من : الإتقان في علوم القرآن
( 2 / 1014 - 1016 )
ط : دار ابن كثير .
ومن الكتب التي اعتنت ببيان شيء
من ذلك :
كتاب إعجاز القرآن لأبي بكر الباقلاني
الشفا للقاضي عياض
أعلام النبوة للماوردي
إعجاز القرآن للخطابي
البرهان للزركشي
دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني .
والإتقان في علوم القرآن للسيوطي
الذي نقلت شيئا من ذلك منه
رحمهم الله .