«حكم عمل وليمة للميت حين الوفاة بقصد الصدقة عنه»
✍« السؤال » :
ما حكم الذبح عن الميت حين وفاته بقصد عمل وليمة للصدقة على هذا الميت ، كما هي العادة عندنا ؟
☑« الجواب » :
لا يشرع للمسلم صنع وليمة لميته ، لا بالذبح ولا بغيره ، ولكن إذا مات الميت شرع لأقارب الميت وجيرانه أن يصنعوا لأهل الميت طعاماً .
أما أهل الميت فلا يصنعون طعاماً ، ولا يذبحون ذبيحة من أجل الميت ، ولا يجمعون الناس عليها ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أتاه نعي جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - حين قتل في الشام في غزوة مؤتة أمر أهل بيته أن يصنعوا لأهل جعفر طعاماً ، وقال : « اصنعوا لأهل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم » ، فالسنة أن يصنع لأهل الميت طعام من جيرانهم أو أقاربهم للحديث المذكور .
وأما كون أهل الميت يصنعون الطعام ويجمعون الجيران فهذا لا يصلح ، بل هو من البدع ، ومن المآتم المنكرة ، قال جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - : « كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة » .
فأخبر جرير - رضي الله عنه - أنهم كانوا يعدون اجتماع الناس لأهل الميت ، وصنعة الطعام من أهل الميت للناس ، كانوا يعدون هذا من النياحة ، يعني يعده الصحابة - رضي الله عنهم - وأرضاهم ، فدل ذلك على أن أهل الميت لا يصنعون طعاماً للناس ، ولا يجمعونهم ، ولكن يستحب لجيرانهم أو أقاربهم أن يبعثوا لهم طعاما لكونهم مشغولين بالمصيبة .
وأما من ذبح ذبيحة لأجل الصدقة بها عن الميت على الفقراء والمساكين فلا حرج في ذلك ، لكن لا تكون في وقت مخصوص ، ولا يجمع لها أحد ، بل تذبح ويوزع لحمها على الفقراء والمساكين صدقة في أي وقت كان ، ليس لها وقت مخصوص ، وليس لها خصوصية بيوم الموت ، بل متى فعلها في أي وقت لقصد مواساة الفقراء ، أو إعطائهم نقوداً أو ملابس أو طعاماً ، فكل هذا نافع للميت ، ويؤجر عليه فاعله ، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن هذا ، قال له رجل : يا رسول الله إن أمي ماتت ولم توص وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها ؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - « نعم » .
فالصدقة عن الميت نافعة له بإجماع المسلمين ، لكن ينبغي أن تكون في غير وقت الموت حتى لا يتخذ ذلك سنة وعادة ، بل يوزعها في أوقات أخرى بين الفقراء من غير تخصيص وقت معين ، لا يوم الموت ، ولا يوم سابع الموت ، ولا يوم أربعين الموت ، فلا يكون له خصوصية ، أما ما يفعله بعض الناس من إيجاد مأتم ، في اليوم الأول ، أو في السابع ، أو في الأربعين ، ويجمعون فيها الناس ، ويذبحون فيها الغنم أو غيرها ، فهذا شيء لا أصل له بل هو من البدع فلا يجوز .
⏬|[ الشيخ ابن باز رحمه الله ]|
📜[ فتاوى نور على الدرب : ( 1 / 443 - 445 ) ]