عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 17-05-2006, 07:23 AM   #13
معلومات العضو
القطوف الدانيه

افتراضي سليمان يختبر ذكاء بلقيس

ولما جاء العرش واستقر عند سليمان امر بنصبه وتجهيزه ؛ لإن بلقيس قادمة إليه في الطريق وهو يريد ان يختبرها إختباراً عقلياً واختباراً إيمانياً ، فأمر بأن ينكروا عرشها ، فقال لهم : ( نكروا لها عرشها ننظر أتهدي أم تكون من الذين لا يهتدون ) < النمل : 41> .
كلمة : ( نكروا ) عكس عرفوا ، فعرشها جاء على هيئته كما كان في سبأ ، فلو أنها جاءت ورأته كم هو ستعرفه بسهولة ، ولا يعرف سليمان ذكاءها في الجواب ، فأمرهم أن ينكروا لها العرش ، بأن يغيروا بعض معالمه .

وقوله : ( ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون ) ... إن كان المقصود به الهداية الإيمانيه فهو أن تهتدي إلى الإسلام ، وإن كان عقلياً بأن تهتدي إلى الجواب الصحيح . وحينما سألها حاول أن يعمي عليها السؤال فقال لها : ( أهكذا عرشك ) ... فكأنه يقول لها : إن هذا ليس عرشك ، ولكنه قال : هل عرشك مثل هذا ؟ فهو يريد أن يختبرها فصعب عليها السؤال فماذا قالت ؟ نظرت إلى العرش فوجدته مثل عرشها ، ولكن التنكير الذي حدث له يدل على أنه ليس عرشها ، فجاءت بجواب يحتمل الحالتين معاً فماذا قالت ؟
قالت : ( كأنه هو ) فعرف سليمان من هذه الإجابة أنها ذكيه وحصيفة وعاقلة . هذا بالنسبة لهداية الإيمان . فهي لكي تعلم أنها تركت عرشها هناك في بلادها ، وجاءت إلى سليمان ، فكيف جاء سليمان بالعرش بهذه السرعة مع أنها تركته خلفها ؟ِ! فلابد أن هذه قدرة فوق مستوى البشر .

وقول سليمان : ( نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي ) أي أتهتدي إلى جواب يجمع الأمرين في المنكر - وهو عرشها - أو تهتدي إلى أن الذي صنع ذلك إنما يكون مؤيداً من الله باسرار الكتاب ؛ فنقل العرش بهذه السرعة فتؤمن .

وقول الله تعالى : ( وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين ) .... إن كان هذا الكلام تكملة كلام بلقيس ، فمعناه أنا أوتيت العلم قبل هذه الحادثة ، وعلمت أنه نبي خاصة بعد أن رد الهدية الثمينة ، وقال لهم : ( بل أنتم بهديتكم تفرحون ) . إلى آخر هذه المواقف ، فكأنها تقول له : نحن عرفنا قبل هذه الحادثة أنك نبي وأسلمنا ، أو أن الكلام كلام سيدنا سليمان عليه السلام .

( بلقيس تسلم مع سليمان عليه السلام لله رب العالمين )

ثم يقول سبحانه وتعالى : ( وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين ) ...
أي أن سليمان بما صنع من أحداث صدها عما كانت تعبد من دون الله ؛ لإنها كانت من قوم كافرين .
وقوله تعالى : ( قيل لها أدخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير ) .... الصرح إما أن يكون القصر المشيد ، وإما أن يكون البهو الكبير الذي يجلس فيه الملك ، وإما أن يكون مثل إيوان الأكاسرة مثلاً ، لم جاءت لتدخل الصرح وجدت أمامها ماء ، فظنت ذلك ماء يريد سليمان أن يغرقها فيه ، فرفعت ثيابها وكشفت عن ساقيها ، فمعنى ذلك أنها فهمت أن هذا ماء ؛ لإن سليمان كان قد بناه من زجاج مثل الكريستال ، ووضع تحته ماء فهي ظنته ماء فشمرت ثوبها ؛ حتى لا يبتل فقال سليمان : ادخلي فهذا صرح ممهد من الزجاج ، فماذا كان ردها ؟ ( قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ) .... ظلمت نفسها في ماذا ؟ الكفر أولاً .

إذن ... فليست هي التي قالت : ( وأوتينا العلم من قبل وكنا مسلمين ) أو أنها لم تنطق بالكلمة نطقاً صريحاً ، إلا بعد ان دخلت الصرح ، او أنها ظلمت نفسها في أنها اتهمت سليمان بأنه يريد أن يغرقها في الماء ، حينما قال لها : ( ادخلي الصرح ) ومعنى ( حسبته لجةًَ ) أي ظنته لجة ماء ، وكونها كشفت عن ساقيها ، هذه عملية قسرية لكل إنسان قد يعرض نفسه للسير في الماء ، فأنت حين تسير في الطريق أو في الشارع وتجد فيه ماء ترفع طرف ثوبك ؛ حتى لا يصيبه بلل ..... ( بعض الإسرائيليات الداخلة في كتب التفسير تزعم أن سليمان عمل هذه العملية حتى تكشف بلقيس عن ساقيها ليراها وهذا كذب وإضلال وإفتراء لا يليق بأن يقال هذا عن نبي من أنبياء الله صلوات الله عليهم أجمعين ) .

( المصدر : قصص الأنبياء والمرسلين ، الشيخ محمد متولي الشعراوي )

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة