قد تتكامل الأسباب من قراءة القرآن وتعاطي الأسباب الدوائية، ووجود الاستعداد عند المريض لتقبل العلاج القرآني أو الدوائي، ومع ذلك لا يشفى المريض! فليس لازماً أن يقع الشفاء، لأن فوق كل هذه الأسباب إرادة المسبّب وهو الله عز وجل ، وهذا واضحٌ في مناحي الحياة كلها، فقد يحصل مثلاً زلزال في بلد ما، ويشاء الله وقوع عمارة، فيموت أُناس، ويحيا آخرون مع أنهم مروا بالظروف نفسها التي مرّ بها الذين ماتوا، كذلك قد يتمّ تكامل الأسباب في سحر إنسان معين ومع ذلك لا يقع عليه السحر، لأن الله تعالى يقول: )وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ ( [ البقرة:102] ،وقد يشاء الله بقاء المرض مع تكامل الأسباب لحكمة يريدها من تفويض الأمر لله، ومن تمحيص لذنوب العبد، ومن الابتلاء لهذا العبد لأن الله يحبّه، كما حصل لنبّينا إبراهيم - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - حينما ألقي في النار ووقع بالفعل في النار، وقد لامسه حرّها ، في هذه اللحظة يقول الله عز وجل للنار: ) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاَماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ ( [ الآنبياء:69 ] ،أي قلنا: يا نار، وإبراهيم في النار،وقال المنهال بن عمرو: أخبرت أن إبراهيم عليه السلام لما ألقى في النار كان فيها إما أربعين يوماً أو خمسين يوماً وقال ما كنت أياماً أطيب عيشاً مني إذ كنت فيها (2).
ولكن ما هو وقع قراءة القرآن على المبتلى؟ إنه يُنزل على صدر المريض برد العافية ويقين الصبر بموعود الله وهو الشفاء، فترتاح نفسه مع وجود هذا العناء .
(2) التفسير الكبير : 22/163 .