عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 11-05-2009, 06:00 PM   #4
معلومات العضو
ايمان نور
اشراقة اشراف متجددة

افتراضي

الرزق مقدرا و معلوما, و كل إنسان لا يأخذ إلا رزقه, فكيف يندرج الرزق الحرام إلى المقدر المعلوم ؟
إن الله سبحانه و تعالى قدر رزق الإنسان, فإذا امن الإنسان بذلك , فلن تمتد يده إلى الحرام أبدا لأنه ما دام هذا رزقه فلابد يأتيه, و ما عليه إلا أن يصبر , و إذا مرت به شدة أو أية ظروف أخرى تستدعي التحمل فعليه أن يتمسك بالإيمان . لأن من مداخل الشيطان أن يدخل الرعب إلى قلب الإنسان و أسهل طريق يدخل من إلى القلب هو الرزق . انه يأتي و يوسوس للإنسان '... لا تعرض نفسك و أولادك للفقر و الطرد...' فيختلس.
و علينا أن نعلم أن هناك رزق و هناك كسب و هناك عمل, و كل منها يختلف عن الآخر , و إن سبحانه و تعالى أقسم على أن الرزق من السماء و أنه بيده وحده, ذلك حتى لا نخشى إلا الله و لا نطيع عاصيا, أو طاغيا , أو ننصر ظالما خوفا على رزقنا.
قال الرسول صلى الله عليه و سلم .. 'يقول ابن ادم مالي.. مالي... و هل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت, أو لبست فأبليت, أو تصدقت فأمضيت'. هذه الأوجه الثلاثة التي حددها رسول الله صلى الله عليه و سلم في الحديث الشريف هي أبواب الرزق بالنسبة للإنسان, فالإنسان ليس له من ماله إلا هذه الأوجه الثلاثة ثم بعد ذلك ما يملكه ليس رزقه و لا ماله. و إنما هو مكلف دون أن يدري بمهمة توصيل أقدار الله لبعض خلق الله .
قال صلى الله عليه و سلم ..' لا حيلة في الرزق و لا شفاعة في الموت '

كتاب الرزق للشيخ متولي الشعراوي
سئل شيخ الإسلام مفتي الأنام أوحد عصره فريد دهره : تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية - رحمه الله ورضي عنه - عن الرجل : إذا قطع الطريق وسرق أو أكل الحرام ونحو ذلك هل هو رزقه الذي ضمنه الله تعالى له أم لا ؟ أفتونا مأجورين .

فأجاب - الحمد لله : ليس هذا هو الرزق الذي أباحه الله له ولا يحب ذلك ولا يرضاه . ولا أمره أن ينفق منه . كقوله تعالى : ** ومما رزقناهم ينفقون ** وكقوله تعالى : ** وأنفقوا من ما رزقناكم ** ونحو ذلك لم يدخل فيه الحرام بل من أنفق من الحرام فإن الله تعالى يذمه ويستحق بذلك العقاب في الدنيا والآخرة بحسب دينه . وقد قال الله : ** ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ** وهذا أكل المال بالباطل .

ولكن هذا الرزق الذي سبق به علم الله وقدره كما في الحديث الصحيح عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ** يجمع خلق أحدكم في بطن أمه أربعين يوما نطفة ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل [ ص: 543 ] ذلك ، ثم يبعث الله إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات فيكتب رزقه وعمله وأجله وشقي أو سعيد ** فكما أن الله كتب ما يعمله من خير وشر وهو يثيبه على الخير ويعاقبه على الشر فكذلك كتب ما يرزقه من حلال وحرام مع أنه يعاقبه على الرزق الحرام .

ولهذا كل ما في الوجود واقع بمشيئة الله وقدره كما تقع سائر الأعمال لكن لا عذر لأحد بالقدر بل القدر يؤمن به وليس لأحد أن يحتج على الله بالقدر بل لله الحجة البالغة ومن احتج بالقدر على ركوب المعاصي فحجته داحضة ومن اعتذر به فعذره غير مقبول كالذين قالوا : ** لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ** والذين قالوا : ** لو شاء الرحمن ما عبدناهم ** كما قال تعالى : ** أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين ** ** أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين ** . وأما الرزق الذي ضمنه الله لعباده فهو قد ضمن لمن يتقيه أن يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب وأما من ليس من المتقين فضمن له ما يناسبه بأن يمنحه ما يعيش به في الدنيا ثم يعاقبه في الآخرة كما قال عن الخليل : ** وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر ** - قال الله - : ** ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير ** . [ ص: 544 ] والله إنما أباح الرزق لمن يستعين به على طاعته لم يبحه لمن يستعين به على معصيته ; بل هؤلاء وإن أكلوا ما ضمنه لهم من الرزق فإنه يعاقبهم كما قال : ** ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير ** وقال تعالى : ** أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم ** فإنما أباح الأنعام لمن يحرم عليه الصيد في الإحرام .

وقال تعالى : ** ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين ** فكما أن كل حيوان يأكل ما قدر له من الرزق فإنه يعاقب على أخذ ما لم يبح له سواء كان محرم الجنس أو كان مستعينا به على معصية الله ولهذا كانت أموال الكفار غير مغصوبة بل مباحة للمؤمنين وتسمى فيئا إذا عادت إلى المؤمنين ; لأن الأموال إنما يستحقها من يطيع الله لا من يعصيه بها فالمؤمنون يأخذونها بحكم الاستحقاق والكفار يعتدون في إنفاقها كما أنهم يعتدون في أعمالهم فإذا عادت إلى المؤمنين فقد فاءت إليهم كما يفيء المال إلى مستحقه .

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة